أصدر معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، ورقة بحثية، أشار فيه إلى أن "السعودية تجري تقدما في أبحاثها النووية وصل مؤخرا لوضع حجر الزاوية في مشروع إقامة مفاعل نووي هو الأول في تاريخها، مع أن رغبتها بالتطلعات النووية ليست جديدة، لكنها قد تذهب نحو التوجهات العسكرية في هذا المشروع، وليس المدنية فقط"
وأضافت الدراسة والتي أعدها الباحثان العسكريان الإسرائيليان أفرايم أسكولاي ويوآل جوزينسكي، صادرة حديثًا، أن "المتابعة الإسرائيلية للمساعي الجدية السعودية في حيازة القدرات النووية تكمن في رغبتها بتطوير هذه المشاريع الضخمة الجديدة؛ لتخفيف الاعتماد الكلي من احتياجاتها في مسائل الطاقة، وتقليل اعتمادها على النفط بصورة حصرية، لكن من الواضح، كما ترى ذلك تل أبيب، أن دافع الرياض الأساسي هو الجانب الأمني للرد على المشاريع النووية الإيرانية".
وأشارت إلى أن "الرصد الإسرائيلي للتطلعات السعودية النووية زادت بعد الاتفاق النووي الإيراني، ما زاد من تطلعاتها النووية على المدى البعيد، مع أن إسرائيل تدرك أن الرياض لن تستطيع إقامة مشروعها النووي دون مساعدات مكثفة من الخارج، ولذلك فهي متعلقة بالولايات المتحدة، فيما تقف إسرائيل في الزاوية، وتراقب المشهد عن كثب".
وبدوره، أوضح عضو اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية أربعين عامًا، أسكولاي، أن "إسرائيل رغم أنها تخشى أن يكون لهذا التوجه السعودي دور بإثارة التنافس الإقليمي للحصول على السلاح النووي، بحيث تخرج دول في المنطقة تطالب بالحصول على حقها بحيازة سلاح نووي بعد إيران والسعودية، كالأردن ومصر وتركيا، لكن إسرائيل معنية أيضا بأن تكون الولايات المتحدة، وليس روسيا والصين، من تشرف على المشروع السعودي".
وأشارت إلى أن "إسرائيل رصدت أول تصريح علني لمحمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في مارس الماضي، حين قال إن إيران في حال حصلت على قدرات نووية عسكرية، فإن المملكة ستسعى للحصول على قدرات مشابهة، ودون تأخير، مع أن إسرائيل تعتقد أن هذا التطلع السعودي في المجال النووي يصطدم بمشكلة جدية فيها، وهي النقص البشري والتكنولوجي اللازمين لتحيق هذا الهدف، حيث إن المملكة فقيرة بهذا الجانب".
من جانبه، أكد جوزينسكي، الذي عمل في مجلس الأمن القومي عدة سنوات، وتحت إمرة عدد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية، إلى أن "مثل هذه الخطوة السعودية كفيلة بإحداث قلق في بعض العواصم، إن تجاوزت الحد المعلن عنه، وقد علمت إسرائيل أن المفاوضات الأمريكية السعودية حول هذه المسألة تجددت قبل أعوام، لكنها وصلت لطريق مسدود خلال ولاية الرئيس باراك أوباما؛ بسبب رفض المملكة التنازل عن حقها بتخصيب اليورانيوم، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تغير وجهة نظرها، وتسمح للمملكة للقيام بذلك تحت قيود معينة".
كما وكشفت الدراسة أن "وزير الطاقة الأمريكي ريك فري يدفع باتجاه هذا الاتفاق مع الرياض، لكنه يواجه بمعارضة قوية في الكونغرس، من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، بسبب مخاوفهم من نوايا السعودية الحقيقية من هذا المشروع النووي، وهناك توجهات في واشنطن لتعليق المفاوضات مع الرياض عقب ظهور قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتدخل السعودية في حرب اليمن".
وتحدثت، بأن "المتابعة الإسرائيلية الحثيثة لما تشهده الأوساط السياسية في واشنطن في الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن هناك مطالب داخل الكونغرس رصدتها إسرائيل بإعادة النظر في مجمل العلاقات مع الرياض، ما سيضع مصاعب أمام إنجاز المشروع النووي السعودي، رغم ما تراه إسرائيل من رغبة ترامب بالإبقاء على علاقاته مع السعودية، خشية أن تواجه الصناعات النووية الأمريكية مستقبلا بعض المخاطر".
وختمت الدراسة قولها، إن "إسرائيل ذات المصالح المشتركة مع الرياض، وتحظى بتعاون مكثف معها، ستستخدم تأثيرها في واشنطن لمنع حصول تخصيب اليورانيوم اللامحدود في السعودية، ومحاولة التأكد أن الاتفاق النووي بين الرياض وواشنطن، إذا تم تنفيذه، أقرب ما يكون إلى المعيار الذهبي الدقيق".