«درع الشمال».. أم «درع نتنياهو»؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

كأنها الحرب، أو الحرب فعلاً، تلك التي تجري الآن على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، حرب هندسية تمهد لحرب شاملة، قد تستمر طويلاً، بدأت بالسياسة والتغطية الأميركية المطلوبة، من خلال اللقاء الذي عُقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية وزير الخارجية الأميركي بومبيو في بروكسل قبل ساعات من بدء هذه العملية التي اتخذت اسم «درع الشمال»، بينما يُعقد المجلس الوزاري المصغر في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، بعد ساعات من بدء هذه العملية. كل ذلك في محاولة من قبل نتنياهو على أن الأمر يتعلق بحرب ممكنة، أو حرب مستمرة، من خلال البحث عن أنفاق تمتد من قرية كفر كلا في الجنوب اللبناني إلى المطلة. أجواء حربية، أراد لها نتنياهو أن تتصدر العناوين، ابتداءً من أمس الثلاثاء، وقد تستمر لأيام وأسابيع حسب ما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي رد على أقاويل من قبل أحزاب المعارضة من أن هذه الحرب الوهمية، هي للتغطية على توصية الشرطة للنائب العام الإسرائيلي، بضرورة توجيه لائحة ادعاء بحقه حول الملف المعروف إعلامياً بالملف 4000، بتهم فساد ورشوة، رد بالقول: إن تحديد زمن هذه العملية كان قد تم منذ وقت وقبل تطورات الملف المتعلق بالتحقيقات، إلاّ انه أشار في وقت لاحق في معرض حديث عن هذه الحرب، الى أن النفق الأساسي الذي تم البدء بتفجيره، لا يشكل تهديداً، إذن يعود السؤال، إذا كان الأمر كذلك، لماذا تم اختيار هذا الوقت بالذات لإشعال حرب في الشمال، بديلاً عن تلك التي انتظرها البعض في الجنوب؟!
ودعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين منيليس، أقوال نتنياهو، من حيث التوقيت المبكر لهذه العملية، وأنه ـ التوقيت ـ اتخذ بهدف مفاجأة حزب الله، غير أن هذا التبرير غير مقنع، ذلك أنه في ظل الأزمة الحكومية، فضلاً عن ملف التحقيقات الأخير، وحاجة نتنياهو إلى صرف الانتباه عن هذه الملفات، كلها تشير إلى أن هناك احتمالات أن يتوجه رئيس الحكومة إلى الهرب من هذه الاستحقاقات من خلال حرب جديدة، وبالتالي لا يشكل هذا التوقيت أي مفاجأة لأحد، لأن كافة الأطراف المعنية، تعلم أن نتنياهو بحاجة إلى الهرب من كل هذه الملفات باتجاه حرب ما، تجسّدت فيما يسمى «درع الشمال» التي لن تقتصر على العمل في مناطق شمال إسرائيل، بل، وحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن هذه العملية قد تمتد إلى داخل الأراضي اللبنانية عندما قال: «إن هذه العملية قد تستمر عدة أسابيع وستنتقل إلى الأراضي اللبنانية، حيث سيتم تدمير الانفاق في أماكن أخرى، وعلينا الاستعداد لأي سيناريو لتحييد الأنفاق، وبعضها لن تكون في أراضينا، وقد جرى حفرها في الصخور، وتوجد فيها أجهزة تهوية وإضاءة، وبإمكان إنسان منتصب أن يسير فيها، ومزودة بأجهزة اتصال.
ولعلّ الإشارة إلى احتمالات كبيرة، بل مؤكدة، إلى امتداد العملية الهندسية ـ الحربية إلى الأراضي اللبنانية، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنتنياهو، إذ إن من شأن ذلك، ليس فقط التهديد بحرب جديدة، بل بحرب فعلاً، لأن لا الجيش اللبناني ولا حزب الله، ولا الرأي العام في لبنان، سينتظرون تنفيذ هذه التهديدات على الأرض اللبنانية، ويعلم نتنياهو أن هذه الأقوال والتصريحات تمهد عملياً لامتداد الحرب الهندسية، إلى حرب ميدانية شاملة، وهي تلك الحرب التي يحتاجها نتنياهو لأسباب عديدة تمت الإشارة إليها، سواء من قبلنا، أو من قبل عدد من المحللين السياسيين في إسرائيل، وكذلك، بعض أحزاب المعارضة التي فوجئت بهذا الهروب السريع من قبل نتنياهو من ملفاته العديدة، إلى ملف الحرب في الشمال؟!
لا نعرف بعد كيف سيتعامل أعضاء ووزراء «الكابينيت» مع هذه العملية لدى مناقشتها، ذلك أن البعض منهم، وفي سياق مناقشات سابقة، اعتبروا أنها عملية غير ملحة وبالإمكان تأجيلها، [موقع «عرب 48»] وهذه إشارة إضافية إلى أن مسألة توقيتها، تتعلق بمأزق نتنياهو أولاً وأخيراً، إلى درجة يمكن معها القول، إنها ليست «درع الشمال» كما أطلق عليها رئيس الحكومة، بل هي من الناحية الفعلية «درع نتنياهو» في مواجهة كافة الاستحقاقات المتعلقة بأزمة الحكومة وملفات التحقيقات الثلاثة الأخيرة، وما زالت هذه العملية في بداياتها، وسرعان ما تتضح مع الوقت تفاصيل أكثر، ربما تجيب أكثر وأوضح على تزامن هذه العملية مع هذه الاستحقاقات!