صحيفة "يني شفق" عورة أردوغان

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

دأبت صحيفة "يني شفق" التركية المقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على نشر ما تفيض به جعبة رئيس تحريرها  إبراهيم كاراغول، الذي بدا حديث العهد باللعب على الحبال والفبركات.  فانباؤه الملفقة، أصبحت مثيرة للسخرية، وفي سياقها تكررت قصص التضليل الخبرية، التي انتهى بعضها الى اعتراف "يني شفق" بالتزوير ومسحها المادة المفتضحة من على موقعها الإلكتروني. ولعل أشهر ورطة للصحيفة، هي التي وقعت مع عالم اللغويات ومُنظّر اليسار الأمريكي نعوم تشومسكي، الذي أجبر الصحيفة على الاعتراف باختراع أجزاء من مقابلة صحفية أجرتها معه عبر البريد الإلكتروني، لتمزجها بكلام من عندها وجواباً عن أسئلة من عندها أيضاً. وكان البروفيسور تشومسكي قد تعرض لمحاولة الصحيفة تشويه مواقفه وتزييف آرائه، وعندما اعترض بشدة، أنكرت الصحيفة أنها فعلت ذلك وزعمت أن النص الإنجليزي موجود لديها وستنشره، ولما نشرته على موقعها الإلكتروني، اتضح أنها، لغبائها، ارتجلت نسخة إنجليزية للأسئلة والأجوبة، التي كًتبت باللغة التركية وترجمتها عبر تطبيق غوغل، بأخطاء نحوية وإملائية، لا تليق بعالم اللسانيات نعوم تشومسكي، ما اضطر "يني شفق" الى الإعتراف بالتزوير!

هذه الصحيفة موصومة في سجلات التعريف بوسائل الإعلام، بممارسة الكذب الركيك. فقد دأبت على نشر أخبار ملفقة للنيل من شرف وسمعه معارضين أتراك وحتى من سمعة أئمة مساجد. فقد أدعت أن متظاهرين لجأوا الى مسجد "دولمباهس" قد استهلكوا داخل المسجد كمية كبيرة من الكحول، وتبنى أردوغان نفسه الرواية وقال إن لديه لقطات فيديو تثبت ما تقوله الصحيفة، واتضح أنه لا يملك هكذا براهين لكنه قرر نقل إمام المسجد الذي نفى الرواية جملة وتفصيلاً، الى مدينة أخرى، وأثبتت كاميرات التسجيل أن ذلك لم يحدث. وفي واقعة أخرى، في منتصف العام 2013 عندما اعتصم مواطنون في حديقة "غيزي" في استنبول، احتجاجاً على مشروع تحويل الحديقة الى مركز تجاري، إدعت الصحيفة أن المعتصمين، خططوا لإحراق الشوارع في ذكرى الإسراء والمعراج، وأن ذلك من تدبير وكالات إعلان نشرت "يني شفق" قائمة بأسمائها، فلجأت الوكالات الى رفع دعاوي قضائية ربحتها في المحاكم، وثبت أن الفعالية كانت محض احتجاج شعبي سلمي لمناصري البيئة. وكثيرا ما استخدمت هذه الصحيفة، موضوع الاغتصاب لخلق الإثارة. ففي العام 2014 زعمت أن محتجين في محطة ترام اغتصبوا محجبة، وسرعان ما اتضح أن الصحيفة كانت تكذب، وأن المرأة التي قدمتها كشاهدة، لم تكن في محطة الترام أصلاً،  وأن شيئاً من هذا لم يحدث!

كذلك ضُبطت الصحيفة متلبسة في عملية تزوير أشرطة فيديو عرضتها على صفحتها الإلكترونية، بعد استبدال الصوت الأصلي، بصوت آخر وكلام ذي فحوى مغاير. وفي إحدى الوقائع، نشرت وحققت وكالة الأنباء البريطانية D8 في عملية تزوير شريط يتعلق بالزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان، وخرجت بنتيجة أن محرري "يني شفق" مارسوا التزييف بهدف التضليل!

بدل أن تتعظ الصحيفة من ضربات الافتضاح المتلاحقة، وأن تتوخى الحذر والجودة في عمليات التضليل؛ ازدادت خفة واستخفافاً بعقل المتلقي التركي، ولا زالت تورط أردوغان نفسه في ادعاءات حمقاء، وتورط "الجزيرة" مدعية الدقة والعلم بالمخبوء. وبتكرار الأنباء العبيطة، تجلب مظنة الرعونة، لأردوغان نفسه بحكم قرب الصحيفة منه وتأييده لها في ما نشرته من مزاعم سابقة، ثبت بطلانها. ويبدو أن الرئيس التركي، لم يتنبه الى خطر الصحيفة ــ العورة على سمعته، ولم يتنبه الى كون العالم، لم يعد يتقبل الحكاوي الساذجة، وأن الإتهامات الجزافية المُرسلة التي لا تلقى سوى السخرية!

لا يستحق ما نشرته "ميني شفق" بخصوص النائب محمد دحلان أن يناقش، ولا حاجة للبرهنة على أنه اختلاقغير مُتقن وركيك، بل لا حاجة لشرح دوافع الصحيفة لممارسة هذا الهراء. فما تستحقه "يني شفق" هو أن نتمنى لها الإستمرار في التلفيق والنشر الذي يُفتضح أمره بعد ثوانٍ من ظهوره، لكي يتأكد الرئيس أردوغان، أن وسائله التي يعتمد عليها، وكذلك تحالفاته، ليست وسائل زعماء ولا وسائل طامحين الى إحياء الخلافة!!