لفتت نظري مفاوضات السويد بين أطراف الصراع اليمني، بين حكومة هادي المدعومة من الحلف العربي بقيادة السعودية٠والحوثيين المدعومين من ايران من انها تحمل الكثير من نقاط التشابه مع اطراف الصراع الفلسطيني الفلسطيني، بين حركتي فتح وحماس، صحيح ان مفاوضات اليمنيين بالكاد قد ابتدأت مقياسا مع الفلسطينيين الذين سيدخل انقسامهم و مفاوضاتهم السنة الثانية عشرة، لكن بوادر اليمنيين تبدو ظاهرة للعيان من ان الجلسة القادمة ستستضيفها الكويت، وربما التي تليها ستكون في مسقط، حتى تطوي من عمر الصراع ما طوته الثورة الفلسطينية.
أبرز نقاط التشابه، ما سمعناه من مطالب جماعة عبد هادي، ان تقوم المعارضة بتسليم سلاحها، وتسليم ميناء الحديدة، فما كان من المعارضة الا ان طالبت بسحب جيوش السعودية والامارات وبتمثيلها في الحكومة، وهي مطالب تحسم في الميادين وتقترب على الطاولات من حواجز المستحيل. في الحالة الفلسطينية، تعكف السلطة على إعلان اجراءات ضد حماس جنبا مع اسرائيل وامريكا، إضافة الى حل المجلس التشريعي، في حين ترى حماس ان التهدئة اولوية على المصالحة، وحين يتم تحذيرها من مكمن خطر في هذه الرؤية ، يكون ردها أن السلطة تمارس هذه التهدئة ربع قرن، بل تنسق أمنيا مع العدو، فنصبح كلنا "في الهوى سوا".
في مفاوضات اليمن، تستمر الحرب على ارض الواقع ، ويستمر القصف ويستمر الحصار والتجويع والأوبئة، وهو تقريبا نفس ما يحصل مع مفاوضات الفلسطينيين، يستمر الحصار والقتل والاعتقال ومصادرة الارض والتهويد، وفي الحالتين اليمنية والفلسطينية تسمع اربعة الاطراف يرفعون شعارات وقف الحرب ورفع الحصار وتحرير القدس والخان الأحمر و حق العودة، وإطلاق سراح الأسرى.
في حالة اليمن، يتفاوضون وكأن مفاتيح الحل في أيديهم، في حين أنها ليست كذلك ، ويصبح المالك الحقيقي لهذه المفاتيح غائبا أو مغيبا، هذا ينطبق تماما على الوضع الفلسطيني، حيث فاخر نتنياهو ان موظفي حماس التي وصلتهم الاموال القطرية مؤخرا لديه قائمة باسمائهم. في الضفة، يستطيع نتنياهو حسم مرتبات الاسرى من قسيمة المقاصة الفلسطينية، وإذا كان معبر رفح يفتح في أوقات متفق عليها مع الجانب المصري، فإن جسر العودة وفق الفنانة فيروز، "الكرامة" وفق السلطة، مسيطر عليه اسرائيليا بشكل كامل، وتستطيع اسرائيل منع واعتقال المغادرين والقادمين، وتكيف ساعات دوامه وفقا لأعيادها، رغم أنها بعيد وصول السلطة، وافقت على تعليق صورة عرفات والملك حسين على ناصياته.
آخر ما حرر على هذا الصعيد أن المعارضة اليمنية طالبت وفد الحكومة بتسليم جثة جمال خاشقجي، وهو اشبه بقيام السلطة حل المجلس التشريعي، فتكون حماس خارج كل الأطر الشرعية الفلسطينية، ما يذّكر بعجوز جساس التي قتل كليب ناقتها الجرباء بعد ان دخلت حقله، فكانت مطالبها: إما ناقتها على أقدامها تقوم، وإما أن يعبئوا ملء حجرها نجوم، واما كليب في دمه يعوم.
