دروس وعبر من استشهاد نعالوة والبرغوثي

thumbgen (1).jpg
حجم الخط

 

لا بد من استقاء العبر والدروس في الحالتين معا، والتي تركها للمقاومة والشعب الفلسطيني، الشهيدين اشرف نعالوة وصالح البرغوثي، لكن هناك دروس أكثر قوة من غيرها، لتكون نبراسا للجيل القادم، كون المعركة مع الاحتلال عبارة عن عملية تراكمية ذكية وحذرة، وليست بالضربة القاضية وكسر عظم لمرة واحدة.

الشهداء اصلا لا يموتون، بل يبقى ذكرهم الطيب عبر الاجيال، الشهيد اشرف نعالوة والشهيد صالح البرغوثي فازا مرتين، الاولى عندما استطاعا ان ينفذا بنجاح ما خططا له وأوجعا الاحتلال، والثانية عندما نجحا في خطتهما بالفوز بالشهادة، فما نيل الشهادة بالتمني!

أولى تلك الدروس التي تركها الشهيدين انهما كانا اثنين لوحدهما، مقابل استخبارات ومخابرات وجيش وأجهزة تقنية حديثة وعملاء على الأرض، مع ادراكهما ان الاستشهاد مصيرهم في الغالب كنتاج لمقاومتهما للمحتل، أي انه يمكن لفرد ان يوجع المحتل، مع ان الثورات عبر التاريخ كانت عمل منظم ولكن خصوصية وظروف الضفة المعقدة والصعبة دفعت لهذا.

التضحية وبذل النفس والإقدام لأجل الوطن ورفع الظلم عنه، هو أمر عادي جدا لدى كل حر وشريف، ولا يصح استبدال الحرية بالخضوع والذل، كون ثمن الذل والرضوخ للواقع الصعب، اكبر بكثير من ثمن الحرية وهو ما جسدته تضحية الشهيدين.

ثاني تلك ألدروس أن الكل راحل، سواء كان صغيرا أم كبيرا أم غنيا أم فقيرا، إذن فاليكن الرحيل مشرفا، وليس عاديا وروتينيا أو مصحوبا بالذل والعار، وبكل شجاعة وثبات، دون ندم، بل استشهاد أو نصر، وهو ما كان بحسب ما خططا له الاثنين.

ثالث الدروس، أن تحدي الواقع الصعب والمرير، سهل جدا لمن عشقوا صعود الجبال والسير قدما نحو القمة، وتحقيق النصر والفوز بالنقاط هو ما يحصل في حالة مقارعة الاحتلال، فالنفس الطويل والصبر مطلوب على الدوام، والشهيدين تلقائيا ألهما من سيأتي بعدهما.

رابع الدروس، أن ظاهرة العملاء – كاميرات او اشخاص- لا بد لها من حل، وإلا كيف عرف الاحتلال حركة ونشاط الشهيدين في المكان الذي تواجدا فيه، ومن هنا يجب تعزيز منظومة القيم والأخلاق، وإلا لانتشرت ظاهرة العمالة.

خامس الدروس، أن ما حصل هو أمر عادي ومتوقع، فالحرية لها ثمن، والثمن يقبل عليه المخلصين الأوفياء بكل ثقة ومحبة، بشرط ان يتم استقاء العبر بدقة في كل حالة كي يتم تجنب تكرار ما قد يكون اوصل الاحتلال لهم.

دائما التخطيط السليم والحكمة والتروي في اتخاذ القرارات بعيدا عن العاطفة والارتجالية وردة الفعل، والخطوات المدروسة، غالبا ما تكون في صالح من فعلها وقام بها، وهو ما تجلى في الحالتين رغم وصول الاحتلال للشهيدين، والذي كان يأمل الشعب الفلسطيني ان تطول مدة مطادرتهم أكثر لاستنزاف الاحتلال اكثر فأكثر.

سادس الدروس، أن الشهيدين في جميع الأحوال والحسابات، فازا وانتصرا، فازا ونالا من الاحتلال في حياتهما، وفازا بالجنة بعد الشهادة، والألم كان متبادل، لكن شتان بين ألم الحق البين والواضح ولا خلاف عليه، وبين ألم الباطل المتغطرس المتجبر والمتمثل بالاحتلال الذي مصيره مزابل التاريخ وجهنم في الاخرة.

سابع الدروس، ان ينجح الشهيدين بتنفيذ ما قاما به من عمليات مقاومة، يعني ضعف وهشاشة منظومة الاحتلال الأمنية، وليست بالصورة النمطية السائدة عنها حتى لو استطاع الاحتلال الوصول للشهيدين، وشتان بين كاتم الصوت الخائف المرتجف، وبين رصاص الحرية الواعد بالنصر.