بدلا من تطيير رأسي ابحث عمن طير البلد

03096321181606583170273831366134.jpg
حجم الخط

 

"حان الوقت أيها الناس ، بل اصبح متأخرا ، ولذا فعلينا ان نصرخ عاليا ، قبل ان يتبخر الوطن و تنكفىء مقومات وعي ابنائه فتنطفىء بعدها احلامهم . لقد انتهى وقت الكلام والتبرم بعد ان لم يعد هناك من يسمعنا ، وجميع المؤامرات التي حيكت ضدنا على كثرتها كأنها تبدأ من جديد ، فيزداد معها قهرنا وحرماننا وذلنا وجوعنا ودموعنا ، مع ادراكنا أن لا الكلام و لا البكاء يستطيعان ارجاع وطن ضائع" .

هذا هو تلخيص أغنية المطرب اللبناني راغب علامة التي نظم كلماتها المؤثرة الشاعر نزار فرنسيس تحت عنوان "طار البلد" ما دفع النائب في البرلمان حكمت ديب ان يرد عليه في مقابلة تلفزيونية بتطيير رأسه .

فأين أخطأ المطرب خطا يستحق معه هذا العقاب الاعدامي من قبل مسؤول في الدولة يحظى بحصانة ديبلوماسية ناهيك عن المرتب المرتفع والامتيازات التي لا حصر لها .

لقد جاوزت كلمات الاغنية وصف الحال اللبناني الى حال الشعوب العربية في كافة مناحي أوطانها بغض النظر عن مسمياتها وانظمة حكمها ، فقرا وجوعا وذلا وخوفا وجهلا وتخلفا ، حتى باتت هذه الاوطان اقرب الى المعازل والمقابر ، ولهذا تهجرها في أول فرصة سانحة نحو بلاد الله الواسعة ، حتى لو خاطرت بحياتها في لج البحر ووحشية البشر . و حتى عندما انتفضت قبل ثماني سنوات فيما اطلق عليه ربيع ثوراتها ورفعت شعارات حرية كرامة ولقمة عيش ، انكفأت الى الوراء اكثر مما كانت عليه ايام الانظمة الساقطة .

وبالانتقال للنائب ، فهو في حقيقة الأمر يمثل اي نائب في اي برلمان عربي ، معظم الأنظمة العربية تتعامل مع البرلمان انه ترف سياسي / تقليد غربي أعمى / مكروه في الدين والأفضل منه نظام الشورى / ديكور لتجميل شكل النظام / تدجيل على الشعب من أن هناك في السدة من يمثله .

حالات معدودة فازت فيها المعارضة عبر كل تاريخنا العربي القديم والحديث ، لكنها لا تتسلم الحكم ، إما أن يتم تدجينها أو التحايل عليها أو إلغاء الانتخابات، يتبعها الغاء البرلمان تحت شعار أنها حرام شرعا وأحيانا الزج بالناجحين في غياهب السجون .

قوة مثل هذا النائب المغمور ، والذي لم يصبح معروفا الاّ من خلال راغب علامة تطيير رأسه ، تتجلى في تدجينه ، بحيث يصبح أكثر سوءا من أجهزة أمن الدولة التي تستدرج الصحفي الى قنصليتها ، ولا تسمع البرلماني يتجرأ بقراءة فاتحة على روحه ، حين يتنطح لمطرب مطالبا بتطيير رأسه ، وأكثر سوءا من أهل المعبد الذين سرعان ما يكفّرون اي ابداع في الوطن كنجيب محفوظ وهو الحائز على "نوبل" في "اولاد حارتنا"، او مارسيل خليفة في "انا يوسف يا أبي" حتى لاعب كرة قدم كمحمد صلاح حين لعب كأس العالم في موسكو رمضان الماضي شككوا في صيامه بسبب فرق التوقيت .