بدأت المسألة، التي تصدح في الهواء، منذ بدأ رئيس الوزراء نتنياهو مساعيه للعمل على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران: تراجع الولايات المتحدة غن الاتفاق سيؤدي الى إلغائه تماماً. المعنى: ستكون إيران حرة في استئناف نشاطها النووي – المنشأة في اراك مثلا، والتي اتفق في الاتفاق على تعطيلها تماما، ستستأنف عملها (لانتاج البلوتونيوم لغرض القنبلة) بالتوازي مع مسار التخصيب. اضافة الى ذلك سينهار نظام العقوبات الدولي، وستواصل الولايات المتحدة وحدها استخدامها بينما ستستأنف روسيا والصين تويرد السلاح لايران بكامل النشاط، وستتمكن موسكو من العودة للمساعدة في بناء منظومات الصواريخ الايرانية مثلما فعلت في الماضي. هذه هي الاثمان الفورية والملموسة، وستكون هناك اثمان اخرى.
ان التوجه الانفعالي لرئيس الوزراء نحو يهود الولايات المتحدة، قبل أيام، للوقوف في المعركة ضد الرئيس اوباما يلقي عليهم عمليا بالمسؤولية عن مصير دولة اسرائيل. فاليهود مدعوون ليتصرفوا بمسؤولية عن عموم اليهود كي يمنعوا الامر الأفظع: إذا لم يجبروا مندوبيهم في الكونغرس على إسقاط الاتفاق سيكون وجود إسرائيل معرضاً للخطر.
أختلف مع هذا النهج. يهود أميركا ليسوا ملزمين بانقاذ اسرائيل – الجمهور والحكومات في اسرائيل على اجيالها هم المسؤولون عن مصير الشعب اليهودي. منذ حظينا بالاستقلال، اسرائيل مفتوحة بصفتها المكان الذي يضمن الحياة لكل يهودي يعلق في ضائقة وكل جالية توجد في خطر. أثبتنا قدرات على تنفيذ هذا الحق في الماضي. اسرائيل هي اليوم الدولة الاقوى في الشرق الاوسط، ليس فقط بفضل جهاز الامن فيها بل ايضا بسبب الاصالة والابداع الذي فيها في مجالات العلم، التكنولوجيا، والاستخبارات، والتي ليس لها مثيل في العالم.
اذا كنت أفهم ذلك، وبالتأكيد رئيس الوزراء، وزراء الكابينت، واعضاء اللجنة الفرعية للاستخبارات في الكنيست يجب ان يعرفوا ذلك. وجود اسرائيل مضمون، ونتنياهو يفترض أن يبث الثقة والفخر بالانجازات والقدرات التي يعرفها جيدا أكثر من أي شخص آخر. على أساس ذات الثقة بالجهاز، الذي يقف هو نفسه على رأسه، عليه ايضا أن يثبت الثقة ببقاء اسرائيل؛ لا أن يبث المخاوف من الماضي السحيق كي يوقظ زعماء يهود الولايات المتحدة بنداءات "النجدة".
هذا الاسبوع من شأنه أن يكلف سواء اسرائيل أم يهود أميركا ثمنا باهظا: سيكون من قبيل الخطأ التاريخي حشر اليهود في الزاوية واجبارهم على الاختيار بين الثقة والكرامة اللتين تدين بهما لرئيسها وبين الاستجابة لهتاف النجدة المنطلق من القدس. اضافة الى ذلك، فان اسلوب المعركة التي بدأها نتنياهو ضد الاتفاق يقوض عمليا اسس الردع الاسرائيلي بصفتها دولة قوية ومتينة.
لقد جاء التوجه ليهود الولايات المتحدة ايضا على خلفية مسألة مهمة تطرح من جديد مؤخرا: الاغتراب المتزايد بين اجزاء واسعة من يهود أميركا وبين اسرائيل بسبب موقف المؤسسة الحاخامية وسيطرتها على المجال السياسي في الدولة. لقد الغى رئيس الوزراء التسويات التي قررها في موضوع التهويد في موعد قريب من الانتخابات الاخيرة. وعليه فان توجهه لليهود كي يسارعوا الى نجدة اسرائيل – بينما مجرد يهودية جماهير واسعة منهم يتنكر هو لها – يعمق فقط الانشقاق في اوساط الشتات اليهودي بالذات في الوقت الذي يطالبهم فيه رئيس الوزراء بتوحيد الصفوف.
تلميح بما هو متوقع في الاشهر القريبة القادمة يمكن أن نجده في مقال نشره وزير الخارجية الايراني، محمد ظريف، الاسبوع الماضي، قال فيه انه ما أن تحل مشكلة ايران سيحين الوقت للتوجه الى مشكلة "النووي الاسرائيلي" كما يفهمها. ستحتاج اسرائيل للدعم الملموس من اوباما في هذا الموضوع في الساحة الدولية، لان الكونغرس لن يكون مشاركا.
في المؤتمر الذي يعقد في الامم المتحدة مرة كل خمس سنوات ضد نشر السلاح النووي، قاد المصريون خطوة لاعادة البحث في اعلان الشرق الاوسط كمنطقة خالية من السلاح النووي. وقبل بضعة اشهر هاتف رئيس الوزراء وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وشكره على المساعدة الأميركية الحاسمة في احباط تلك المبادرة. إذاً، قبل تشديد المعركة في أميركا ينبغي التوقف قبل أن نعلق في مشكلة في المستقبل.
عن "يديعوت"