أوضح نائب رئيس الوزراء، وزير الإعلام نبيل أبو ردينة، أن التحديات التي تواجه شعبنا وقيادته تستدعي أوسع حملة إسناد، وتضامن عربي رسمي وشعبي، وهو ما نعوّل على بنائه بشكل كبير وتعزيزه من خلال اعلام عربي فاعل، لتحصين الوعي العربي من محاولات التشويه التي تهدف الى خلق الفرقة والتشتيت والشرذمة، وحرف البوصلة، والتسطيح لقضايا الأمة، التي يخشى أن تكون نتيجتها خلق فرصة لتصفية القضية الفلسطينية، والتي جاءت أولى خطواتها باعتراف إدارة ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، والبدء بتصفية قضية اللاجئين، وتشديد سياسة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية للقضاء على حل الدولتين والحيلولة دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً، وهو لا يعني فقط تصفية قضيتنا الفلسطينية، ووجودنا كفلسطينيين، بل وتستهدف مصير أمتنا العربية.
وقال أبو ردينة في كلمته خلال اجتماع وزراء الإعلام العرب، اليوم الاثنين، على هامش احتفالية الرياض عاصمة الإعلام العربي 2018، إن مدينة القدس ومقدساتها وما تمثله بالنسبة لمئات الملايين من المؤمنين في مختلف أرجاء المعمورة ما زالت تئن تحت الاحتلال، ويعيش أهلها تحت سيف التهديد بالاقتلاع والتضييق والتهجير بهدف تهويدها وتفريغها من أهلها.
وتابع: إننا نتطلع من خلال مساندتكم وتضامنكم مع شعبنا وقضيته، والذي طالما عبرت عنه المملكة العربية السعودية ملكا وحكومة وشعبا، وحرصت على تكريسه كموقف وسياسة في الساحة العربية، ودعمته في أروقة المؤسسات والمنظمات الدولية، لإنقاذ عاصمتنا واستعادة مقدساتنا.
واقترح أبو ردينة تنظيم ندوة دولية إما في الرياض أو في دولة أوروبية، تخصص لفتح حوار معمق مع الإعلاميين والكتاب المؤثرين والباحثين الدوليين المهتمين بالقضية الفلسطينية تحت عنوان "ندوة الرياض لدعم قضية فلسطين"، ولاقى الاقتراح ترحيبا من وزراء الاعلام العرب والحضور.
ونقل أبو ردينة تحيات رئيس دولة فلسطين محمود عباس والقيادة الفلسطينية وعموم شعبنا في الوطن والشتات إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وللمملكة شعبا وحكومة، تقديراً للمواقف السعودية الثابتة في دعمها للقضية الفلسطينية على مر التاريخ، باعتبارها قضية العرب الأولى والمركزية.
وقال أبو ردينة: كون الرياض عاصمة للإعلام العربي للعام 2019، فإننا نؤمن بأن للإعلام والإعلاميين العرب دورا كبيرا، ويمكن تفعيله في نشر وتعميق خطاب المحبة والتسامح، ولم الشمل ورأب الصدع، بديلاً عن خطاب الكراهية، وحالة الإحباط والتشرذم السائدة في عالمنا العربي، والتي تفشت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني وقيادته ممثلة بالرئيس محمود عباس، يواجهون اليوم أعتى مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية، وآخرها الشعارات المرفوعة المطالبة بقتله، وعلى رأسها ما تسمى "بصفقة القرن" التي ترمي إلى إنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، بمقدساتها الإسلامية والمسيحية وتاريخها التي تتعرض لأعتى حملات التهويد وبشكل غير مسبوق من أجل تغيير معالمها وطمس هويتها وطابعها الحضاري المتعدد، خاصة بعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وعلى صعيد المحاولات المحمومة لفصل قطاع غزة عن باقي أجزاء الدولة المنشودة، أكد أبو ردينة أن الموقف الفلسطيني ثابت، وهو ما عبر عنه الرئيس محمود عباس، مراراً وتكراراً بشكل لا يقبل التأويل، وهذا ما نؤكده اليوم، بأنه "لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة، ولا دولة بدون القدس، والقدس ومقدساتها لا تباع بالذهب ولا بالفضة".
وأضاف: "إننا إذ نعتز بالعلاقات المميزة التي تربط فلسطين بعمقها العربي دولاً وشعوباً، وبالمملكة العربية السعودية، وبمواقفها الثابتة، التي عبر عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بأن المملكة مع فلسطين وستبقى مع فلسطين ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فإننا نؤمن بأن المملكة التي احتضنت القمة العربية الأخيرة تحت اسم "قمة القدس" ستبقى ومعها الدول العربية الشقيقة في ذات الخندق الواحد دفاعا عن ثوابت الأمتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها مدينة القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وأشار أبو ردينة إلى أن الإعلام الفلسطيني الذي نجح في كشف وجه الاحتلال البشع، وجرائمه وممارساته الوحشية، يتعرض بصحافييه وإعلامييه ومصوريه وطواقمه الفنية يومياً للاستهداف المتعمد بهدف إسكات صوتهم، ولثنيهم عن القيام بواجبهم بنشر الحقيقة التي يسعى الاحتلال لطمسها وتزويرها، حيث قدم الاعلام الفلسطيني تسعة عشر صحفيا شهيداً منذ العام 2014، كما تم توثيق 3200 انتهاك بحقهم من اعتقال واعتداء بالرصاص والحرمان من الحركة، بما يشكل مخالفة فاضحة للقانون الدولي الإنساني.
وقال: إن الجسم الإعلامي الفلسطيني، وهو يقدر لكم جهودكم، سيواصل القيام برسالته وواجبه في ظل الظروف المستحيلة التي يعيشها، وحتى ينجح في إفشال ما يسعى إليه الاحتلال الإسرائيلي من طمس للحقيقة، والاستفراد بشعبنا، فانه يتطلع الى مشاركة أوسع من قبل الأشقاء الإعلاميين العرب لإبراز الحدث الفلسطيني وإعطائه الأولوية، وما يستحقه من المساحة اللازمة لتسليط الضوء على معاناته وكفاحه الوطني العادل، بما يكشف حقيقة دولة الاحتلال وممارساتها، وتسليط الضوء على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، ومن ضمنهم الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية وانتهاكه للقوانين والشرائع الدولية.
وتابع أبو ردينة: "نتطلع إلى مؤازرتكم لتوسيع مساحة المناصرة لقضيتنا في الساحة الدولية، حتى يطلع العالم بأسره على حقيقة ما يجري على الأرض من جرائم وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي".
وعبر عن بالغ تقديره للمملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة ولكم جميعاً، ولدوركم العروبي الذي نعتز به ونقدره عاليا، والى وزير الإعلام السعودي عواد بني صالح العواد على حسن الاستقبال وكرم الضيافة والتنظيم.
ونقل للحضور تقدير شعبنا وقيادته لما تمثلون من سند تاريخي لكفاحنا الوطني، ورسالة شكر وعرفان من الجسم الإعلامي لوفائكم لصوت الحق الفلسطيني الذي لولا دعمكم واحتضانكم له، ما كان ليصل لكافة أرجاء المعمورة.