عقد مجلس الوزراء الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، جلسته الأسبوعية في مدينة رام الله، برئاسة رامي الحمد الله.
وفي مستهل جلسته، أدان المجلس تصعيد الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية الإرهابية، ضد أبناء الشعب الفلسطيني، واجتياحات قوات الاحتلال الإسرائيلية وقطعان المستوطنين للمدن الفلسطينية، في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي، وخرق للسيادة الفلسطينية، بالإضافة إلى سلسلة الجرائم المتمثلة في الإعدامات الميدانية، وحملات الاعتقال، وهدم المنازل، وحصار المدن والقرى والمخيمات، وشّل حركة المواطنين عبر نشر الحواجز العسكرية، وعمليات القمع والتنكيل والهجمات الإرهابية الاستفزازية التي ينفذها المستوطنون ضد أبناء الشعب.
وأكد المجلس أن هذه الاعتداءات تُظهر مدى استهتار الاحتلال بقواعد القانون الدوليّ، محذراً من تداعيات هذه الاعتداءات، ومن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء هذا التصعيد، وتلك الجرائم والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، وبما يُفسره الاحتلال الإسرائيلي بالضوء الأخضر لما يقوم به، ويعزز سياسة الإفلات من العقاب، ومنح الحصانة، مما يشجعه على ارتكاب المزيد من الانتهاكات والخروقات للقانون الدولي والشرعية الدولية، والتي ستقود إلى المزيد من العنف وعدم الاستقرار ليس في فلسطين فقط بل في المنطقة والعالم، وبما يهدد الأمن والسلم الدوليين، واستبعاد أي فرص لإحياء العملية السياسية.
كما أدان التحريض المتواصل الذي تقوده حكومة الاحتلال ومستوطنوها ضد الشعب الفلسطيني وقيادته، وخاصًة ما صدر عن المستوطن المتطرف "أورن حازان"، وما تسمى منظمة "طريق الحياة" في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، والتي دعت إلى اغتيال الرئيس محمود عباس، مؤكداً على أن التحريض الذي تقوم به هذه الأطراف بدعم من حكومة الاحتلال، هو الذي يغذي الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني وقيادته. وطالب المجلس المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته التي قام من أجلها في حماية وصون الأمن والسلم الدوليين، ودعا دول العالم إلى التعامل بمنتهى الجدية، وبما يتجاوز بيانات الشجب والاستنكار، لوقف العدوان الإسرائيلي، وتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه التزاماتهم بضمان احترام القانون الدولي، وحقوق شعبنا، وما يتعرض له من انتهاكات وجرائم تقوض حقه في تقرير مصيره، وتجر الساحة نحو دوامة من العنف. كما دعا دول العالم إلى الضغط على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، وإلزامها بوقف جرائمها واجتياحها للمدن الفلسطينية، وتوفير الحماية الدولية الفورية العاجلة والفاعلة لشعبنا، بالإضافة إلى إلزام إسرائيل بالتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
ودعا الحكومات العربية والإسلامية والدول الصديقة كافة، إلى تحمل مسؤولياتها إزاء القضية الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات تصفيتها من قبل الاحتلال الإسرائيلي بتشجيع غير مسبوق من الإدارة الأمريكية، كما دعا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى الإسراع في فتح التحقيق الجنائي الذي سيشكل رادعاً للاحتلال على جرائمه، وأداة لإحلال العدالة الغائبة.
ونعى إلى أبناء شعبنا شهداء فلسطين، وترحم على أرواحهم، داعياً العلي القدير أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته، ويلهم شعبنا وذوي الشهداء الصبر وحسن العزاء، مؤكداً على أن هذه الجرائم المتواصلة ضد شعبنا، لن تردعه عن مواصلة، حقه المكفول دولياً، في النضال المشروع في وجه آلة القتل والإرهاب الإسرائيلية.
وحيّا أبناء الشعب الفلسطيني الذين تصدوا بكل شجاعة لهجمات المستوطنين الإرهابية، مؤكداً تمسكه بأرضه ودفاعه عنها في وجه مخططات الاستيلاء عليها، مجددا تمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت الوطنية، وفي مقدمتها حق شعبنا في الدفاع عن أرضه لإفشال كافة المخططات التي تستهدف الوجود الفلسطيني، واستمرار الكفاح والنضال من أجل استرداد كامل حقوقنا الوطنية، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها الأبدية القدس.
وشدد على أنه لن يتحقق السلام والأمن في المنطقة، ولن تنعم إسرائيل أيضاً بالأمن في ظل غياب السلام والعدل وإنجاز حقوق الشعب الفلسطيني، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأدان بشدة ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي جريمة العقاب الجماعي وتفجير وهدم منزل عائلة أبو حميد في مخيم الأمعري، وعائلة الشهيد أشرف نعالوة في ضاحية شويكة بمدينة طولكرم، بعد قيامها بعملية اجتياح واسعة، والتنكيل بالمواطنين وقمعهم والاعتداء عليهم. واعتبر المجلس أن ارتكاب قوات الاحتلال لهذه الجريمة، والتي ترقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، هو شكل من أشكال العقوبات الجماعية التي تفرضها على شعبنا، وترجمة لقرارات المستوى السياسي خاصة قرارات نتنياهو التصعيدية التي اتخذها مؤخراً، ومنها هدم منازل المواطنين الفلسطينيين.
وفي السياق، دعا المجلس إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، كمصلحة وطنية عليا، للوقوف صفاً واحداً في مواجهة البطش والعدوان الإسرائيليين بكافة أشكاله، وحتى نتمكن موحدين من بلورة رؤية واضحة ورسم خارطة طريق فلسطينية وطنية واحدة نعيد بها وضع قضيتنا الفلسطينية على رأس سلم اهتمامات المجتمع الدولي، وتلزمه بوضع خارطة طريق لإنهاء الاحتلال عن الأرض الفلسطينية، ويمكننا من إنجاز حقوق شعبنا في التخلص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، وتجسيد دولته المستقلة وصون هويته الوطنية وقراره الوطني المستقل، وتكريس حقه الطبيعي في الحياة على أرضِ وطنه ونيل حقوقه كاملة غير منقوصة.
كما عبر عن رفضه إعلان رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون"، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل واعتبره غير قانوني، وخطيراً، ولن يؤدي إلّا إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وأشار المجلس إلى أن أستراليا حاولت التحايل والتخفيف من خطورة قرارها المخالف للقانون الدولي عبر تمرير عناصره التي تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، بالتداخل مع عناصر أخرى قد توحي أنها تعكس احترام أستراليا والتزامها لتلك القرارات والقوانين، مضيفاً أن قرار أستراليا بالاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل يعني أن القدس الغربية ليست موضوعاً للمفاوضات، مما يعني أن مفاوضات الوضع النهائي ستكون حول القدس الشرقية وتقسيمها، وهذا قرار خطير قانونياً وسياسياً وقد يستخدم من قبل العديد من الدول التي قد تحذو حذو أستراليا باتخاذ مثل هذا القرار الخطير.
وحث الدول العربية والإسلامية إلى تنفيذ قرارات القمم العربية والإسلامية بهذا الخصوص، بما فيها قطع علاقاتها كافة مع أستراليا، كما دعا المجتمع الدولي إلى التدخل فوراً لوقف هذه الممارسات غير الشرعية، والتي تتناقض بالكامل مع قرارات الأمم المتحدة وتحديداً قرار مجلس الأمن (478) لعام 1980، وإنقاذ فرص السلام والاستقرار قبل فوات الأوان.
وعلى صعيدٍ منفصل، صادق على إطار النتائج الاستراتيجي لأجندة السياسات الوطنية "المواطن أولاً" (2017-2020)، والذي تضمن توضيح الهيكلية الأساسية التي يقوم عليها إطار النتائج الاستراتيجي، ومنهجية العمل المتبعة في إعداده، بدءاً من عملية المواءمة بين السياسات الوطنية والأهداف الاستراتيجية القطاعية وإطار الإنفاق المتوسط، وصولاً إلى تحديد نتائج وخطط العمل المرتبطة بها، والأدوات اللازمة لقياسها، بالإضافة إلى عرض نموذج تطبيقي لخطط العمل المرتبطة بالنتائج، والذي تمثل في توفير الاحتياجات الأساسية للتجمعات السكانية، والخطوات الأساسية المتبعة في عملية إعداد إطار النتائج الاستراتيجي، بالإضافة إلى عرض المؤشرات الوطنية كأداة لقياس أثر تنفيذ الأجندة على المجتمع الفلسطيني، والتي تساهم في عملية المراجعة المستمرة، وتقديم الأدلة اللازمة لتقييم السياسات الوطنية، بالإضافة كذلك إلى المعايير الدولية التي اشتمل عليها الإطار، بما تحتويه من مؤشرات عالمية تسعى دولة فلسطين إلى إحراز تقدم نحوها.
واطلع على الإنجاز الذي قامت به سلطة الأراضي بالبدء بطباعة سندات ملكية الأموال غير المنقولة بشكل إلكتروني، لما لذلك من توفير للوقت وتسهيل المعاملات والمراجعات على المواطنين، وبهدف إدارة قطاع الأراضي وحماية حقوق الملكية ومنع التلاعب بها وتزويرها، وتطويع القطاعات والطاقات في إجراءات تنظيم وإدارة الأراضي بالسرعة والكفاءة المطلوبتين.
كما اطلع على تقرير حول تطور وضع ديون دائرة مياه الضفة الغربية، وذلك نتيجة قرارات مجلس الوزراء الأخيرة والإجراءات الواجب اتخاذها تجاه الهيئات المحلية غير الملتزمة بالتسديد بشكل دوري. وناقش المجلس الخطوات المتخذة من قبل سلطة المياه لرفع نسبة التحصيل، وذلك من خلال رفع مستوى خدمة المياه بالجملة، وتطوير نظام الفوترة، والأنظمة المحوسبة لإدارة توزيع المياه، والمتابعة المستمرة مع المشتركين، ومع وزارة المالية والتخطيط لتحصيل جزء من الديون المترتبة على المشتركين من خلال خصمها من المستحقات الخاصة بهم لدى الوزارة، بالإضافة إلى جدولة الديون لعدد من الهيئات المحلية، والعمل على إعداد إجراءات تركيب عدادات الدفع المسبق.
وشدد على ضرورة التزام هذه الهيئات بالتسديد، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهها من حيث تحصيل الديون المستحقة لها، وبحث سبل تحسين الجباية، وذلك لحماية المال العام. وأكد المجلس على وجوب تضافر الجهود وأهمية العمل على ترسيخ ثقافة الالتزام بالتسديد بدل الخدمات المقدمة حتى تتمكن هذه الهيئات من تنفيذ المشاريع لصالح المجتمع المحلي.
واطلع على نتائج الاجتماع الرابع لمجلس أمناء صندوق وقفية القدس، والذي عقد في دولة الكويت الأسبوع الماضي، بحضور الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس الأمناء، ومرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي، حيث بحث الاجتماع آليات دعم الوقفية، ومدينة القدس بشكل عام، وضرورة تعزيز الدعم العربي للمدينة ونصرتها على الصعيدين السياسي والمالي.
وأعرب عن شكره العميق لرئيس وأعضاء مجلس أمناء الصندوق، مشيداً بجهودهم الكبيرة التي يقومون بها في المجال الانساني والتنموي في دعم القدس واغائة الشعب الفلسطيني. كما تقدم المجلس بالشكر لدولة الكويت الشقيق حكومة وشعباً، وأشاد بالدعم السياسي والمالي الذي تقدمه دولة الكويت تجاه القضية الفلسطينية.
ودعا المجلس الشعوب العربية والاسلامية كافة للوقوف جنباً إلى جنب عند مسؤولياتهم تجاه مدينة القدس الشريف، والمخاطر التي تتهدد المدينة جراء الاعتداءات المتواصلة من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وأهمية حشد الدعم للمدينة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
قرارات مجلس الوزراء
صادق على اعتماد العطل والمناسبات الدينية للطوائف المسيحية لسنة 2019، واعتبار عيد الفصح حسب التقويم الشرقي والذي يصادف يوم 28/4/2019 عيداً وطنياً في فلسطين. وتقدم المجلس بأحر التهاني والتبريكات لأبناء الطوائف المسيحية في فلسطين ومختلف أنحاء العالم مع قرب حلول أعياد الميلاد المجيد، وقرر تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية بمناسبة عيد الميلاد المجيد وفق التقويم الغربي يوم الثلاثاء الموافق 25/12/2018، ورأس السنة الميلادية يوم الثلاثاء الموافق 1/1/2019، وعيد الميلاد المجيد وفق التقويم الشرقي يوم الاثنين الموافق 7/1/2019.
وقرر الموافقة على تمويل إنجاز دراسة الجدوى والمخطط الشمولي العام لمنطقة كفر صور بمحافظة طولكرم، لإقامة منطقة صناعية تكنولوجية فيها لتكون نموذجاً لتطوير وتشغيل مدن صناعية تكنولوجية أخرى لتكون حاضنة لرواد الأعمال وتشجيعهم على الابتكار وتوفير فرص عمل والنهوض باقتصاديات المعلومات. كما قرر المجلس تشكيل لجنة توجيهية للإشراف على جميع الحدائق التكنولوجية الممولة حكومياً أو من الدول المانحة.
وصادق على مشروع نظام معدل لنظام موظفي الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 2009م، وإحالته إلى السيد الرئيس، لإصداره وفق الأصول، والذي يهدف إلى سد الثغرات القانونية والإشكاليات الواردة في نظام موظفي الهيئات المحلية، وخلق معيار يحقق النزاهة والشفافية بين الموظفين كافة على خلاف فئاتهم، وكذلك المواطنين في إجراءات التعيين أو الترقية، وتوحيد سياسات التوظيف والتعيين والترقية في جميع الهيئات المحلية، بما فيها الهياكل التنظيمية والأوصاف والوظيفية ولجان التوظيف، وضمان بعض الحقوق والعلاوات للموظفين والحفاظ على حقوقهم، بالإضافة إلى وضع ضوابط وشروط للعمل خارج أوقات لدوام الرسمي.
وقرر المجلس تشكيل لجنة لدراسة الأنظمة المنبثقة عن قانون التعليم العالي، وقانون التربية والتعليم العام، وعددها 16 نظاماً، وبما يضمن الإسراع في اتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنها في الجلسات المقبلة.
وقرر التنسيب إلى سيادة الرئيس بتعيين السيدة إيمان عبدالحميد رئيساً لديوان الفتوى والتشريع.
كما قرر إحالة كل من مشروع حماية الأسرة من العنف، ومشروع قانون الهيئة العامة البترول، ومشروع النظام المالي والإداري للتعداد الزراعي 2020، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنها.