في لحظة واحدة عدنا، هذا الاسبوع، الى القبلية. الى اسرائيل ويهودا. «الشاباك» بغطاء من وزير الدفاع يستخدم كل ما لديه لالقاء القبض على المخربين الذين نفذوا العملية في قرية دوما، وهو سيلقي القبض عليهم. سمعته موجودة على المحك، واذا لم يسرع فهناك احتمال بأن يضربوا من جديد. ولكن بعد أن يتم الامساك بهم، واذا نجحت ادانتهم، فان الشرخ الذي اوجدته احداث الاسبوعين الاخيرين سيكون من الصعب ازالته.
من جهة اسرائيل، التي شاهدت بخوف متزايد الاحداث التي بدأت في بيوت دراينوف في «بيت ايل»، ومرورا بجنون يشاي شليسل خلال مسيرة الفخار وانتهاء بقتل الرضيع في دوما، والخوف هو أنه لن يكون القتيل الاخير في هذه العملية. الذين زاروا، هذا الاسبوع، مستشفى شيبا كانوا كثرا. هناك المزيد من الاسرائيليين الذين هم قلقون لأن اسرائيليا يقوم باسم اليهودية بقتل الرضيع. ووصلت ايضا الى القرية وفود معزين اسرائيليين، وهذا أمر نادر.
تذكرت، هذا الاسبوع، الملك الاردني المرحوم الحسين، حيث وصل سريعا وجثم على ركبتيه أمام عائلات الفتيات اللواتي قتلهن أحد جنوده في «نهرايم». ليس فقط أن هذا العمل لم يقلل احترامه بل زاده قوة كقائد وكانسان له احترامه واخلاقه. وهذه الصفات غير موجودة عندنا.
في المقابل، في مملكة يهودا، كان ابطال الشبكة الذين استمروا في التحريض ضد كل ما لا يعجبهم من اليسار، الفلسطينيين، ورئيس الدولة بالتحديد. كان زعماء يمين قد اتقنوا قول «نعم ولكن»، وكان رؤساء المستوطنين يهتمون فقط بابعاد أي صلة لهم بالحادثة والقول إنهم ليسوا بحاجة الى مراجعة النفس. وإن ما حدث في قرية دوما ليس له صلة بما ينشأ على هامش المستوطنات في «المناطق».
عند الحديث عن «المستوطنين» كمتساوين فان هذا تعميم خاطئ، حيث يعيش 400 ألف اسرائيلي في «المناطق» ويوجد بينهم الكثير من التنوع. بين بنات «غوش عتصيون» مع الشريط الرفيع على الشعر والقرط في الأنف وبين سكان «يتسهار» يوجد الكثير من الفرق في المواقف والالوان.
اغلبيتهم يرفضون ادعاء أن هناك صلة بين الشباب الذين جاؤوا الى «بيت ايل» لالقاء الحجارة وزجاجات البول على قوات الامن وبين ارهاب «تدفيع الثمن». من جهتهم يمكن تعليم الشباب على العنف من اجل تطبيق قانون البناء غير القانوني، دون الخوف من أن يأخذوا خطوة أو اثنتين الى الأمام.
هنا ايضا يوجد تنوع. سكان «عيلي» في «السامرة» فعلوا كل شيء في هذا الاسبوع كي لا يشوش احد على هدم المباني غير القانونية في مستوطنتهم. وصلت قوات الامن في الليل وانتهى الهدم خلال بضع ساعات دون حدوث دراما. من هو المقاول الذي نفذ الهدم؟ يونتان دراينوف.
وزير الدفاع، الذي تحول في الاسابيع الاخيرة الى الاسم السيئ في المستوطنات الى جانب الرئيس ريفلين، بقي مخلصا لسلطة القانون. لكن موشيه يعلون لن يتجاوز صلاحياته ولن يعارض حكومة نتنياهو التي تقوم، كما كشفت القناة العاشرة، باعطاء الاموال لعائلات المخربين اليهود. سيستمر يعلون في نشر اقوال رسمية في الشبكات الاجتماعية وفي خطاباته، لكنه ليس مهيأ بعد لتحدي زعامة نتنياهو.
يبدو أن الفلسطينيين سيستوعبون العملية في دوما. فهم يستمرون في التنسيق الامني ومكافحة الارهاب كما كان قبل العملية. وستنشأ خلايا لـ»المخربين» على اسم علي دوابشة ستكلف حياة اسرائيليين، لكن السلطة تصمم على منع اندلاع العنف.
الجيش الاسرائيلي و»الشاباك» أعلنا حالة الطوارئ بعد العملية، حيث قاما بتعزيز القوات بسبب الخوف الحقيقي من الصدام. هذا الخوف هدأ قليلا لكن ما زالت اغلبية الجيش موجودة في «المناطق».
عمل أكثر أولوية
اضافة الى التحدي الامني يستمر الجيش في مواجهة جباية الثمن الذي تسببت به لجنة لوكر. اثناء زيارته، هذا الاسبوع، لكتيبة غفعاتي، سمع رئيس الاركان من قادة الالوية الذين أوصت لجنة لوكر أنهم سيكونون اول من يترك اذا كان سيحدث تمييز ضد زملائهم من ضباط التسليح والصيانة. «لا نستطيع الخدمة مع اعطاء امتيازات في الوقت الذي يوجد فيه تمييز ضد ضباط يخدمون معنا»، قال الضباط.
يبدو أن تقرير لوكر سيدفن مع التقارير التي سبقته. لكن التأثير الجماهيري الذي اوجده مستمر. تحدثت، هذا الاسبوع، مع ضابط في الجيش، تعتبره وسائل الاعلام الاقتصادية انه عاطل عن العمل. فقد طور في السنة الاخيرة جهازا تستخدمه خلايا الهجوم التابعة للجيش الاسرائيلي. وقد طورت في السابق اجهزة كهذه في شركات خارجية بتكلفة وصلت الملايين. هو ومرؤوسوه الخمسة طوروا الجهاز خلال اسبوع وبتكلفة بلغت ما يعادل خمسة رواتب اسبوعية.
براك (24 سنة) لا يحمل اوسمة مقاتل على صدره، وهو يحصل على راتب جيد (7 آلاف شيكل)، لكنه سيترك الجيش الآن. زوجته، التي عملت في المجال ذاته، تسرحت وهي تحصل على راتب مضاعف في السوق المدنية، وهي لديها سيارة أما هو فلا. يتم استدعاؤه للعمل في الليل وايام السبت والاعياد، وهي لا. ومع ذلك هو يقول إن ما شجعه على ترك الجيش هو حقيقة أنه في السوبرماركت والبنك وكل مكان عام يتعاملون معه وكأنه يأكل بالمجان ويسرق الاموال العامة.
ان هجوم وسائل الاعلام الاقتصادية على الجيش الاسرائيلي ومن يخدمون فيه يفكك بمنهجية الاسس الانسانية للجيش. حيث يأتي ذلك من كل الاتجاهات: من اليمين، وزراء واعضاء كنيست يؤيدون من يبصق على ممثلي الدولة. من اليسار، منظمات ومجموعات تنضم للفلسطينيين في محاولة لتصوير الجيش على اعتباره مجرم حرب. وفي الوسط وسائل اعلام اقتصادية تحولت الى جماعة حولت الجيش الى عدو.
سنستطيع مواجهة الاعداء الخارجيين. فما زال الكثير من الرجال والنساء مستعدين لتحمل كل ذلك والاستمرار في الدفاع عن الدولة. لكن التدمير من الداخل لمملكة اسرائيل قد يؤدي الى هدم البيت.
عن «معاريف»