انزياح ملحوظ في مزاج الفلسطينيين

images (3).jpg
حجم الخط

 

المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أصدق من قرأ مزاج الشارع الفلسطيني، وقدم نتائج قريبة من الواقع، بنزاهة وشفافية عالية، قد ترضي طرفاً مرة، وقد تغضب طرفاً آخر مرة أخرى، ولكن هذه هي الحقيقة التي يكشف عنها المركز الذي ظل وفياً للحقيقة، دون تحيز.
لقد تابعت من سنوات نتائج استطلاع الرأي لهذا المركز، وعلقت على النتائج بالاستحسان أكثر من مرة، لأجد اليوم فرصة مناسبة لتقديم مقارنة بين استطلاع رأي أجراه المركز قبل عشرة أعوام، واستطلاع رأي أجراه المركز قبل عشرة أيام، فجاءت النتائج مثيرة للاهتمام، وتشير إلى تحول كبير في مزاج الشعب الفلسطيني باتجاه خط المقاومة ضد خط المفاوضات، وإليكم بالأرقام:
في استطلاع الراي رقم 30 لسنة 2008، سئل المستطلعة أراؤهم السؤال التالي:
لو جرت انتخابات رئاسية اليوم، وكان المرشحان هما عباس وهنية، فكانت النتيجة أن محمود عباس سيحصل على 53% بينما سيحصل إسماعيل هينة على 39% فقط
هذا الفارق الكبير لصالح محمود عباس سنة 2008، اختفى بعد عشر سنوات، لتكون نتائج استطلاع رقم 70 لسنة 2018، أن محمود عباس سيحصل على 42% فقط، بينما سيحصل إسماعيل هنية على 49%، وهذا التقدم لإسماعيل هنية على عباس يرجع لأسباب كثيرة.
نتيجة استطلاع الرأي الأخير تقول: إن هنالك تحول جوهري في انتماء الشعب الفلسطيني، وفي تفكيره، وفي رؤية للصراع، ورؤية للحل، ورؤية لمستقبل القضية الفلسطينية، ورؤيته للأحزاب والتنظيمات ولشكل العلاقة بين الفلسطينيين، بما في ذلك نهاية الانقسام، ومستقبل القيادة، ولتأكيد وجهة نظري هذا، سأتابع المزيد من المقارنة التي تؤيد ما ذهبت إليه.
لقد تقلص الفارق بين تنظيم فتح وحماس في انتخابات التشريعي، فقد جاء في استطلاع سنة 2008، أن حماس ستحصل في الانتخابات التشريعية على 28% وستحصل فتح على 42%، بينما في استطلاع سنة 2018، فقد جاءت التصويت لحركة حماس بنسبة 34%، وفتح 35%،
في استطلاع رأي سنة 2008، يقول 88% من الفلسطينيين أن الوضع في قطاع غزة سيء، و40% يقولون أن الوضع في الضفة الغربية سيء
في استطلاع 2018 تبلغ نسبة الإحساس بالأمن والسلامة الشخصية في قطاع غزة 55% ونسبة الإحساس بالأمن في الضفة الغربية أقل، وتبلغ 47%
سنة 2008 بلغت نسبة الرضا عن أداء الرئيس عباس 46% أما اليوم، فقد انخفضت نسبة الرضا عن أداء الرئيس عباس وبلغت 32% فقط، ونسبة عدم الرضا 65%. وقد تعززت هذه النسبة حين قال64% إنهم يريدون من الرئيس الاستقالة، بينما قالت نسبة 32% أنها تريد من الرئيس البقاء، وفي تقديري هذه هي النسبة القريبة من الواقع.
إضافة لما سبق، فإن مؤشر استطلاع الرأي الأخير 2018، قد كشف عن تحول لافت في وعي الناس للواقع، فقد قال 80% أن هنالك فساد في مؤسسات السلطة، وقد اتهم 43% السلطة الفلسطينية والحكومة عباس بالمسؤولية عن تردي الأوضاع في غزة، بينما حمل المسؤولية لحماس نسبة21% فقط، وهذا مقياس للوعي، ولاسيما حين أيد (78%) الجهود القطرية في دعم قطاع الكهرباء في قطاع غزة حتى لو كانت السلطة الفلسطينية معارضة لهذا الدعم القطري، ولم يعارض الدعم القطري إلا 19% فقط بما فيهم عزام الأحمد ومجدلاني وحزب الشعب.
كذلك فإن الغالبية العظمى (79%) تؤيد الجهود القطرية في دعم رواتب موظفي حكومة حماس السابقة رغم معارضة السلطة الفلسطينية التي بلغ مؤيدوها نسبة 19% فقط.
هذه هي حقيقة سلطة عباس، كما يراها الناس، أرقام مذهلة ومدهشة وتضع النقاط على الحروف، وتفضح كل طبال للباطل، حيث بلغ عدد الراضين عن حكومة الحمد الله 23% فقط، بينما بلغت نسبة غير الراضين 66% ، وقد رفضت فكرة التمكين في غزة لحكومة الحمد الله نسبة 61%، بينما أيد التمكين نسبة 34%، وهذا مؤشر للوطنية، وعدم الثقة بالحكومة، والدعوة الصريحة للتخلص من الرئاسة والقيادة والسلطة والوزراء والأجهزة الأمنية، بما في ذلك البساط الأحمر الذي صار ممراً آمناً للمستوطنين؛ ليحققوا من خلال الدوس عليه مزيداً من سلب الأرض والمقدسات.