النساء اللائي "صنعن" الاتفاق النووي الإيراني

 فيديريكا موغيريني
حجم الخط

يواصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضغوطه على الكونغرس لإتمام الاتفاق النووي مع إيران. هذا الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه بوساطة عدد من الدبلوماسيات في سابقة هي الأولى من نوعها.

والمألوف أنه عند عقد اتفاق، عادة ما يتصافح أطرافه كتقليد للإعلان عن اتمامه.

لكن الأمر اختلف عند التوصل إلى اتفاق في العاصمة النمساوية فيينا، في 14 يوليو/تموز الماضي، بين إيران والقوى الغربية، فلم يصافح المفاوضون الإيرانيون نظراءهم من السيدات نظرا للتقاليد الدينية الصارمة.

وشاركت ثلاث نساء في اتمام الاتفاق النووي مع إيران، أمريكية وأوروبيتان.

وتولت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قيادة الجانب السياسي في المفاوضات.

وتولت موغيريني منصبها في نوفمبر / تشرين الثاني 2014، خلفا لكاثرين أشتون، التي قال كثيرون إنها لعبت دورا هاما في بناء علاقات جيدة مع إيران.

وواجهت موغيريني، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية الإيطالية، انتقادات في بداية توليها المنصب، كونها صغيرة السن وليس لديها الخبرة الكافية. لكن في وقت الجد، أثبتت نفسها كمفاوضة ماهرة.

واجهت فيديريكا موغيريني انتقادات كونها صغيرة السن، وليست ذات خبرة كبيرة في التفاوض مع الإيرانيين.

وبجانب موغيريني، كانت نائبتها هيلغا شميد، والتي عرف عنها درايتها بالتقنية الواسعة. ولقبها أقرانها من المفاوضين بـ"مفصل وقائد المفاوضات".

وفي النهاية، قال دبلوماسيون غربيون إن "شميد هي من قادت المفاوضات التي انتهت إلى عقد الاتفاق بتعديلاته الخمسة".

وشميد، بخلاف موغيريني، شخصية معروفة على الساحة الدبلوماسية، ولديها خبرة لسنوات في المفاوضات الإيرانية.

أما على طاولة الأمريكيين، جلست ويندي شيرمان، أول نائبة لوزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، ولها باع طويلب في ملف المفاوضات النووية.

وكانت شيرمان من بين مهندسي اتفاق إدارة كلينتون النووي مع كوريا الشمالية. وتولت قيادة الفريق الأمريكي للتفاوض مع إيران منذ عام 2011.

وكان وجود ثلاث نساء بين كبار المفاوضين في المحادثات الإيرانية أمرا غير مسبوق.

وقالت موغيريني: "حتى في الاتحاد الأوروبي، ليس من المعتاد وجود نساء على طاولة المفاوضات أكثر من الرجال. لذا، كان أمرا جديدا إلى حد ما، لكن انطباعي الشخصي هو أنه كان أمرا إيجابيا".

وأضافت أن "الرجال عادة ما كانوا يخرجون عن مجرى المفاوضات للحديث عن خلافات تاريخية، أو جدل معقد بشأن من كان أكثر تنازلا. لكن النساء كن دائما يعيدن الحديث إلى مساره الحالي. فوجود الكثير من النساء في المفاوضات في مواقع هامة ساعدنا عن التركيز والتفاوض بشكل عملي طوال الوقت".

لكن إيران لديها قواعد صارمة في التعاملات بين الرجال والنساء، وهي القواعد التي يتبعها الدبلوماسيون سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.

وقالت شيرمان: "لم يكن بإمكاننا مصافحتهم، أو لمسهم بأي شكل". لكن هذا التقليد لم يكن غريبا عليها "فقد نشأت في بلتيمور، حيث تعيش جالية كبيرة من اليهود المتشددين الذين يطبقون تقاليد مشابهة. وأظن أننا جميعا كان لدينا الفهم لطريقة التحاور بدون المصافحة، والتفاهم حتى توصلنا إلى اتفاق".

وتقول شيرمان إن كونها امرأة لم يكن عائقا في تقدمها في غرفة المفاوضات.

وتابعت: "عندما جلست في مقابلة الإيرانيين، كنت أمثل الولايات المتحدة الأمريكية، وربما كامرأة يمكنني قول أشياء لا تبدو شديدة اللهجة. لكن عندما أقولها بحزم، فيحدث تأثير كبير لأنه أمر غير متوقع".

وعلى مدار سنوات، تعرفت شيرمان على أقرانها الإيرانيين بشكل أفضل، وعادة ما كانوا يتبادلون الصور ومقاطع الفيديو عن عائلاتهم.

وقالت موغيريني إنها سمعت عن تشكيك في قدراتهن في بلادهن، "ففي أجزاء من غرب أوروبا، كان العامة يشككون في قدرة النساء على لعب دور أكبر. ويوحي ذلك بالكثير عن مجتمعاتنا، إذ يتوجب علينا كنساء أحيانا تمرير الرسالة أن بإمكاننا شغل مناصب مفاوضين كبار، وأن نكون في مناصب سياسية رفيعة بنفس مهارة الرجال، وأحيانا نتفوق عليهم".

ورغم زيادة القيادات النسائية، لم يكن العنصر النسائي حاضرا في كل الوفود.

وقالت شيرمان إنها كانت تمازح زملاءها بهذا الشأن، "فبعض الوفد تتضمنت رجال فقط. وأتمنى أن يتغير ذلك".

وعند سؤالها عن المزيد من التفاصيل في هذا الشأن، آثرت الردود الدبلوماسية، وقالت: "هم يعرفون أنفسهم، ويعرفون ما قلته وأنه يتعين عليهم تغيير تصرفاتهم".

ويظل الشغل الشاغل الآن هو توقيت وطريقة تطبيق الاتفاق، وقد بدأ الجهود لإتمام ذلك برحلة قامت بها موغيريني وشميد للعاصمة الإيرانية طهران.

فهل تنجح الدبلوماسيات في التغلب على عواقب الاتفاق الذي توصلن إليه؟