من حقنا السفر بكرامة

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

يتكرر المشهد في السفر عبر معبر الكرامة وتتفاقم المعاناة .... الشبّاك في الصالة التي يديرها الإسرائيليون يتعمد إطالة الوقت وإطالة المراحل التي يمر بها المسافر، سواء مرحلة الحقائب في العودة الى البلد او ختم الجوازات والتفتيش الشخصي وتفتيش الحقائب وانتظار الحافلات للانتقال لاستراحة اريحا.
ويتواصل المشهد بحيث يتحول المسافرون الى باعة متجولين همهم تأمين مسافرين لا يحملون سجائر ليساعدوهم في حمل فائض كمياتهم لتأمينها لهم في النقطة الأخيرة، وهذا المشهد حقاً مزعج سواء تدافع الناس صوب المنطقة الحرة لشراء السجائر بكميات وكانوا سابقاً يبتاعون قصصاً لا داعي لسماعها لأنها خصوصيات، الا أن الهواتف النقالة ترن والإجابات والأسئلة واحدة موحدة منذ زمن طويل.
الحليب البودرة بسبب ارتفاع سعره بشكل جنوني في السوق الفلسطيني الى ان استقر مؤخراً ولم يعد هناك من يغامر، الا أن السجائر ظلت سوقاً رائجة، ولا تضر المحاولة نتيجةً للعائد المادي على المستوى الشخصي، وخسائر الخزينة نتيجةً لعدم اتخاذ اية إجراءات لمكافحة هذه الظاهرة عبر أسعار منطقية في السوق الفلسطيني، وليست حماية تؤدي لتفاقم الظاهرة.
ونتيجة للإجراءات في السفر يتحول المسافرون الى نوع من الأنانيين، ليس لأنهم كذلك بل بسبب الضغط النفسي، فهم يسعون للخلاص الذاتي ولا يهمهم الآخرون ( وتلك ليست ثقافة وليست سلوكاً) الا أن الضغط النفسي يدفع بهذا الاتجاه، وهذا ليس تبريراً.
المشكلة برمتها ان الجميع يترك الناس وحدهم، وعنوان الموضوع (اخرجنا من المعبر ولن نعود) ويتابع الناس ظاهرة المسافرين المهمين وكبار المسافرين الذين يتاح لهم شراء الخدمة بالدولار، في الوقت الذي قيل رسمياً أول ما اعلن عن نية تشغيل هذه الخدمة أنها لن تشغل ولن نسمح، وفي اليوم التالي كانت الحجوزات قد بدأت وأمام ناظرنا، وتلك تخلق انطباعاً لدى المسافرين بالبحث عن وسيلة تؤمن لهم سفراً سريعاً بغض النظر عن الآخرين، وتراهم يتراكضون للخروج من المطار ليذهبوا صوب الجسر علّهم يتمكنون من اللحاق في مواعيد متقلبة وغير مثبتة، تارةً يُغلَق بسبب الإصلاح وتارة تُختصر ساعات العمل بسبب الأعياد.
ويصبح المسافر عبارة عن دفتر مفتوح لجميع المسافرين عبر الهاتف المحمول تعرف جميع مَن في الحافلة ماذا يعملون؟ وماذا يتناولون غَداء او عشاء عندما يصلون؟ وهل عادت الأم الى البيت أم لا؟ واذا سأل أحدهم يقول له بصوت عال هاي أمك معي؟ وتسمع قديش يسمحله آخر سعر؟ وتستمع لأسئلة وإجابات واحدة موحدة لا تتغير.
وتنفلت الامور من عقالها عندما يصل المسافرون الى استراحة اريحا، فيصبح اي إجراء عادي غير محتمل وإجراءات الضابطة الجمركية تعقيداً لأننا نريد ان نهرب من الخطأ الذي نحمله معنا من السجائر والمعسل وغيرها وغيرها، ولأن هؤلاء أبناؤنا والمال الضائع من خزينتنا ولنا (نسبيا وليس على الإطلاق).
بات ملحاً ان يحدث تدخل رسمي فلسطيني بغض النظر عن كون السلطة موجودة على المعبر ام خارجه، يعيد الاعتبار للمسافر الفلسطيني ويقضي شؤونه ولا يعطله، وهذا دور أساسي يجب ان ينجز حماية لحقوق المسافرين عبر معبر الكرامة وعدم ترك الناس يهيمون على وجوههم دون عون ما بعد الاستراحة، بدءاً من المشروع العلمي (الإنشائي)، وهذا حق من حقوقنا لا يجوز اختراقه ومضاعفة معاناة الناس دون اي مبرر.
يجب إعادة الاعتبار لمفهوم (السفر بكرامة عبر معبر الكرامة) ويكفي الناس عند العودة ان مئات المكالمات تنجز من السائقين، اي الطرق آمنة، وكأن الناس تدخل مغامرة غير مضمونة، ويكون ذلك لاحقاً لمعاناة غير مبررة على الجسر.
وينسحب الأمر على تغيير مواعيد الطيران في المطارات دون اي مبرر خشية من المطالبة بحقوق التعويض عن إهدار الوقت، حتى ان التأخير بات صفة ملازمة لبعض شركات الطيران دون الاعتذار او التوضيح، حتى انك تكون جالسا على باب الطائرة وتُفاجأ ان تغيراً وقع لساعة ونصف بمجرد ظهور الساعة على اللوحة.
ولعلنا هنا نسجل أهمية الضغط في هذا الملف، حيث حصلت انجازات باتت ملموسة من قبل حملة كرامة وغيرها من الضغوط من المسافرين، ولعل مواصلة الفعاليات من اجل تحسين الوضع ببعد إنساني يحفظ الكرامة لا بد منه مقارنةً بحقوق بقية الناس في السفر وليس أكثر أو أقل.

خضارنا الفلسطينية ...
اتُخذ قرار إسرائيلي بمنع تسويق الخضار والفواكه الفلسطينية في السوق الإسرائيلي، ومن الطبيعي أن يكون هناك رد من وزارة الزراعة الفلسطينية بمنع تسويق الخضار والفواكه  في السوق الفلسطيني حماية للمزارعين ومربي المواشي ومربي الدواجن الذين يعانون من تهريب بيض التفريخ والدواجن، والسماح بتسويق لحوم الخراف في السوق الفلسطيني بتصاريح.
ويلح السؤال ... لماذا يطول انتظارُنا كلما مُنعت منتجاتُنا من التسويق في السوق الإسرائيلي لإجراء حكومي وكأننا ننشد المستحيل وتهوَّل الامور وتفسَّر، في بدايات السلطة وحتى السنوات السبع الأولى بعد العام 2000 كانت القرارات الوزارية تصدر بسرعة من داخل الوزارة المختصة دون إطالة، الا أننا نشهد اليوم إطالة غير مبررة وكأننا بذلك نجلب منافع وهي ليست كذلك.
تصر المؤسسات والفعاليات الشعبية على إصدار قرار وزاري من قبل وزارة الزراعة بمنع استيراد الخضار والفواكه الإسرائيلية رداً على القرار، مطلوب أن تتحول الوزارة الى العناية بالأمن الغذائي والسيادة على الغذاء، ولا يُعقل ان نظل في مهب الريح أسرى لقرار وزارة الزراعة الإسرائيلية.
بات ملحاً أن نرى ما هي البرامج التي تذهب زراعياً باتجاه دعم وتثبيت المزارع الفلسطيني، وما هي برامج دعم وتشجيع وتقوية المنتجات الفلسطينية.