إنهاء الصراع بإقامة الدولة الفلسطينية

دحلان: قطر تسعى لإقامة قاعدة عسكرية بغزّة والرئيس لا يملك حق حل التشريعي

محمد دحلان
حجم الخط

قال النائب في المجلس التشريعي، والقيادي الفلسطيني، محمد دحلان: إنّ "موقفه الثابت هو خيار حل الدولتين، باعتباره الأنسب والأفضل والأنجع لحل الصراع وتحقيق الاستقرار، وتحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال واستعادة حقوقه المغتصبة".

وأوضح دحلان، خلال حوار مع صحيفة "العرب" اللندنية، مساء اليوم السبت، أنه بالنظر إلى الوضع الراهن والشروط القائمة فإن هذا الخيار ليس ممكناً من الناحية الجغرافية في الضفة الغربية والقدس، إلا إذا كان الحديث عن بضع جزر متناثرة أقرب إلى “محابس” تطوق الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، وسيكون أسوأ من الاحتلال القائم.

وبيّن أنه وجه رسالة إلى الإسرائيليين مفادها أنّ "الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من دولة فلسطينية سيادية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأن الإسرائيليين قتلوا ويقتلون ذلك الخيار يوميا، وعلينا وعليكم مواجهة استحقاقات الخيار الآخر وهو خيار الدولة الواحدة، وبمقاييس الظروف الراهنة أرى خيار الدولة الواحدة ممرا إجباريا يفرضه الاحتلال علينا وعلى نفسه بكلفته الديموغرافية المرتفعة مستقبلا".

وعن قانون القومية الإسرائيلي، أكد دحلان، على أنّ التشريعات شيء والواقع على الأرض شيء آخر، لأن قانون القومية يؤكد النزعات العنصرية، لكن الواقع سيجتاحه مع مرور الزمن ولن يكون أمام الاحتلال إلا ثلاثة خيارات، إما العودة سريعا إلى حل الدولتين وبما يقبله الشعب الفلسطيني، وهذا غير ممكن في ظل تفوق اليمين الحاكم، وإما إعلان إسرائيل أنها دولة عنصرية تسحق حقوق ومتطلبات الملايين من الفلسطينيين، وهذا لن يمر دون صراع ودماء، وإما الاستسلام لحل الدولة الواحدة، وهذا الخيار هو الأقرب للواقع القائم، وأنا أقبل به!

ولفت إلى أنّ خيار حل الدولة الواحدة ليس مزاجيا بل سيفرضه واقع التطورات وسيكون نتيجة طبيعية للسياسات الإسرائيلية، إلا إذا انسحبت إسرائيل إلى حدود 4 يونيو 1967، أو توغلت في التطرف والعنصرية، عندها سنكون أمام النموذج العنصري المقيت مثل الذي كان قائما في جنوب أفريقيا في القرن الماضي.

وفيما يتعلق بصفقة القرن الأميركية للحل، قال دحلان: إنّه "ليس ممن ينخدعون أو يخدعون أنفسهم، وأميركا لن تضع على الطاولة ورقة أو مبادرة إلا بعد صياغتها وتدقيقها حرفا بحرف مع الحكومة الإسرائيلية، وما يسمى بالصفقة الأميركية ستكون إسرائيلية في واقع الأمر، ولن تبتعد عما تريده الحكومة جغرافياً وأمنياً وسياسياً، والجانب الأميركي قد يستفيض في العروض الاقتصادية فقط، على حساب المال العربي والمال الأوروبي".

وعن احتمال سرقة إسرائيل للمزيد من أراضي الضفة دعما للاستيطان في ظل ضعف سلطة أبومازن، أوضح أنّ الاحتلال الإسرائيلي يقوم بذلك يومياً في ظل التنسيق الأمني (المقدس) بسبب تهالك السلطة والانقسام وتأثيره على أولويات القوى الفلسطينية، منوهاً إلى أنّ الأخطر هو محدودية المقاومة بحكم تحاشي السلطة ومؤسساتها مقاومة المحتل وتأثير ذلك حتى على قدرة حراك فتح في الضفة الغربية.

واستبعد دحلان انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية لأن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح لها بالانهيار بحكم احتياجاته الأمنية وتجنبه التورط مجدداً بإدارة الشؤون اليومية للناس، متسائلاً: "هل السلطة أداة تعزيز لصمود شعبنا ومقاومته للمحتل؟، فالجواب قطعاً لا رغم الأعباء المالية الضخمة التي يتكبدها شعبنا بحكم إنفاق السلطة أكثر من 5.5 مليار دولار سنوياً".

وحول تلويح الرئيس أبومازن بحل المجلس التشريعي في القريب العاجل، قال: “وفقاً للقانون لا يملك أبو مازن صلاحية حل المجلس التشريعي، إلا إذا أعاد منصبه المغتصب (يقصد انتهاء الولاية القانونية له منذ عام 2009) إلى الشعب الفلسطيني ليقرر الشعب اختيار قياداته الجديدة عبر انتخابات ديمقراطية جديدة”.

وحذر دحلان، من أي قرار جائر وتعسفي بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، لأن ذلك يزيد من عزلة أبومازن نفسه ويضيف عبئا جديدا على ملفات الخلاف والانقسام، مشيراً إلى أنّ مقاومته هذا التوجه ليست خشية من أنه سيؤدي إلى عزله أو إضعافه، إنما لأنه توجه غير قانوني مثل كل قرارات وإجراءات أبومازن، خاصة بعد انتهاء صلاحيته منذ تسعة أعوام.

وبسؤاله عن الطرف الذي يتحمل مسؤولية إفشال الجهود المصرية لإنجاز المصالحة بين فتح وحماس، حمّل حركة حماس والرئيس أبومازن المسؤولية، لافتاً إلى أنّ الأخير "أبومازن" يتحمل المسؤولية الأكبر لأنه ببساطة لا يريد غزة ومسؤولياتها، فالشروط والمطالب التي وضعها أبومازن تعجيزية تماما ولا يمكن لقيادة حماس قبولها وهو يعلم ذلك ويتعمّد التعجيز.

ولفت إلى وجود جوانب من المسؤولية مشتركة لدى طرفي الانقسام، لكن شروط أبومازن هي العائق الآن رغم علمه بالأضرار الخطيرة التي يلحقها استمرار الانقسام بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، فعقوبات أبومازن بحق غزة تضاعف من حدّة الحصار الإسرائيلي وتخلف ضحايا وجرائم لن تسقط بالتقادم، كما أن هناك تيارا في حماس لا يريد إنهاء الانقسام تمسكا بحكم غزة في كل الظروف.

وشدّد دحلان، على أنّ مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تعمل من أجل خير ووحدة الشعب الفلسطيني، لكن تلك الجهود النبيلة اصطدمت وتصطدم بكم كبير من العوائق والشروط التعجيزية المتعجرفة.

وحول المساعدات التي يقدمها إلى غزة والدعم الإماراتي إلى القطاع ومدى ارتباطه بمواجهة المقامرة القطرية بمعاناة الشعب الفلسطيني، كشف دحلان أن المساعدات التي يقدمها أقل واجب ويعمل على زيادتها خلال الفترة المقبلة قدر الإمكان، ومن واقع معرفته وخبرته فدولة الإمارات لا تبني سياستها وعطاءها على ردود الأفعال، والمساعدات الإماراتية للشعب الفلسطيني ليست خاضعة لحسابات ومناورات، بل من واقع إيمان قادة الدولة بواجبهم الأخوي تجاه شعب فلسطين، وذلك نهج أسسه الراحل الشيخ زايد ويسير عليه الشيخ خليفة بن زايد والشيخ محمد بن زايد.

وبالحديث عن مصير فلسطين بعد الحديث عن صحة أبومازن، أكد على أنّ مصائر الأوطان والشعوب لا تتوقف على أشخاص، لكن إن كان أبومازن يريد أن يذكر بأي خير في التاريخ الفلسطيني عليه أن يعمل وبسرعة من أجل انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وأن يتنحى بحكم وضعه الصحي وعامل الشيخوخة، بدلاً من أن يخلف فراغا مفاجئا فوق ما خلفه من أزمات ومآزق.

وعن نيته الترشح للرئاسة الفلسطينية في الانتخابات المقبلة، بيّن دحلان، أنه لا يفكر بذلك الآن بل بما يستطيع إنجازه حالا لفلسطين، خاصة للقدس وغزة والفلسطينيين في لبنان وسوريا، مضيفاً: “لا أعتقد بأن موقفي سيتغير لكن سأتخذ قراري النهائي عندما تتقرر الانتخابات وأرى من هم المرشحون وفي ما إذا كان بينهم من يستحق دعمي”.

وحول حجم وفاعلية تيار الإصلاح الديمقراطي في فتح، نوه دحلان، إلى أنّ مهرجان التيار الإصلاحي بذكرى استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبوعمار) يشير إلى قوة تيار الإصلاح، فهو العمود الفقري لحركة فتح، قائلاً: “أنا فخور بذلك وبالجهود الكبيرة لرفاقي وزملائي والقادم أعظم”.

أما بالحديث عن الموقف القطري تجاه الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، أكد القيادي الفلسطيني على أنّ النظام القطري يحاول العبث في كل مكان بتسخير الأموال وطريقة إنفاقها، مضيفاً “قد تتفاجؤون من إجابتي، ففي الوقت الذي أرفض فيه العبث القطري، لا أرى سوءا إن قررت قطر بجدية دعم شعبنا المحاصر في قطاع غزة أو القدس، بما أمكن من مقومات الحياة مثلا الكهرباء والماء والاحتياجات الغذائية والطبية أو حتى دعم المؤسسات الدولية الراعية لشعبنا، مثل الأونروا، ولكن هل تفعل قطر ذلك؟”.

ورداً عما طرحه السفير القطري محمد العمادي حول بناء مطار وميناء في غزة تشرف عليه الدوحة أمنياً، قال دحلان: "بشكل ساخر على الطرح القطري، هذا يعني أن قطر تطلب امتلاك قاعدة عسكرية وأمنية في غزة وهذا أمر مضحك".

وعن سبب زج تركيا وقطر باسم محمد دحلان في كل المشكلات الكبيرة وآخرها الزعم بتورطه في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، أشار إلى وجود أسباب متعددة تتدرج من الشعور بالهزيمة والخذلان وجنون الارتياب وصولاً إلى الحقد والرغبة في الانتقام.

وأشار إلى أنه لم يُخفِ يوماً تصادمه السياسي مع مشروعي الأخونة ووهم الخلافة، فتركيا وقطر أصحاب تلك الأوهام المشبوهة والمنعزلة تماماً عن الواقع، خاصة بعد انهيار مشروعهما، بداية من ثورة الشعب المصري العظيمة في 30 يونيو 2013.

وسخر دحلان من بعض الأوهام التي تتحول إلى نهج فج تكرس له وسائل إعلامية وسياسية ومالية، متسائلاً: "بماذا تفسر ما يقوم به حمد بن خليفة واستهدافه الدائم لمصر والسعودية، وكيف يحلم من كان مثله وحجمه بتمزيق دولتين كبيرتين بهدف السيطرة عليهما، وكذلك الأمر بالنسبة لأردوغان المصاب بجنون الارتياب والعظمة، وأنا بصراحة أحيانا أتفهم حالته النفسية بعد أن تلاشت أحلام الخلافة والسلطنة وضاع منه كل شيء؟".

وشدّد على أنّه لم يضطر يوماً لتوضيح كذبة ما أطلقوها "الأتراك والقطريون" هنا أو هناك، ولا الدفاع عن نفسه لأن الواقع هو الذي يكشف كذبهم وزيفهم دائماً، لكنهم لا يخجلون ويواصلون نفس النهج الذي داسته أقدام شعوبنا.

وبشأن أسباب استهدافه من قبل كل من تركيا وقطر، قال دحلان: “لا أخشى حملات الكذب والتضليل، وأصدقائي يعرفونني جيداً كما أعرفهم وأحترمهم وعلاقاتي مع العواصم الشقيقة لا تقوم على أساس مصالح شخصية أو آنية، بل أساسها الثقة والرؤية المشتركة والعمل الجاد من أجل مصالح أمتنا وشعوبنا”.

ودعا دحلان من يتهمه بالتورط في قضية مقتل خاشقجي أو انقلاب تركيا ضد أردوغان إلى تقديم الدليل على ذلك، موضحاً أنّ محاولات "تركيا وقطر" بث مزاعم بطريقة مثيرة للشفقة ولم تصمد أكاذيبهم لساعات، ولم يستطع أردوغان الكشف عن أي صلة لي رغم عشرات الآلاف من المعتقلين في سجونه وسنوات من التحقيقات، والسبب بكل بساطة أنه لا علاقة له من قريب أو من بعيد بما جرى.