نشرت مصادر محلية مساء اليوم الإثنين، نص قرار المحكمة الدستورية العليا في رام الله، بشأن حل المجلس التشريعي الفلسطيني، والدعوة لإجراء الانتخابات، والذي نشر في الجريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية".
وفيما يلي نص القرار:
دولة فلسطين
المحكمة الدستورية العليا
طلب رقم (10) لسنة (3) قضائية المحكمة الدستورية العليا "تفسير"
الحكم
الصادر من المحكمة الدستورية العليا المنعقدة في رام الله باسم الشعب العربي الفلسطيني في جلسة الأربعاء الموافق الثاني عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2018م الموافق الخامس من ربيع الآخر 1440 هـ.
الهيئة الحاكمة برئاسة المستشار: أ.د/ محمد عبد الغني الحاج قاسم رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أسعد مبارك، فتحي أبو سرور، حاتم عباس، د. رفيق أبو عياش، عدنان أبو ليلى، فواز صايمة.
أصدرت القرار الآتي:
في الطلب المقيد رقم 10/2018 في جدول المحكمة الدستورية العليا رقم (10) لسنة 3 قضائية "تفسير"
الإجراءات
بتاريخ 2/12/2018م ورد إلى قلم المحكمة الدستورية العليا كتاب معالي وزير العدل بناء على تأشيرة معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس المحكمة العليا بتاريخ 27/11/2018، وذلك وفقاً لأحكام المادتين (24/2 و30/1) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (3) لسنة 2006م وتعديلاته، الذي تقدم بناء على قرارات محكمة العدل العليا في دعاوى العدل العليا ذوات الأرقام (138/2017) و (146/2017) و(150/2017) والقرارات الصادرة بالخصوص لتنفيذ قرار محكمة العدل العليا إلى المحكمة الدستورية لتفسير المادتين (47و 47 مكرر) والمادة (55) من القانون الأساسي وتعديلاته، بهدف بيان فيما إذا كان المجلس التشريعي منتظم في عمله أم أنه معطل، وفيما إذا كان أعضاء المجلس التشريعي في وضعه الحالي يستحقون رواتب أم لا.
- المادة (47) من القانون الأساسي تنص: "1- المجلس التشريعي الفلسطيني هو السلطة التشريعية المنتخبة. 2- بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون يتولى المجلس التشريعي مهامه التشريعية والرقابية على المبين في نظامه الداخلي. 3- مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخه وتجرى الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية".
- المادة (47) مكرر تنص على أنه: "تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية".
- المادة (55) تنص على أنه:" تحدد مخصصات وحقوق وواجبات أعضاء المجلس التشريعي والوزراء بقانون".
وقد أشار وزير العمل في طلب التفسير الموجه إلى المحكمة الدستورية العليا بشأن تفسير المادتين (47 و47 مكرر) والمادة (55) بناءً على طلب معالي رئيس مجلس القضاء رئيس المحكمة العليا إلى أن المجلس التشريعي في حالة التعطل والغياب وعدم الانعقاد منذ انتهاء دورته الأولى بتاريخ 5/7/2007 م حتى انتهاء مدته قانونياً ودستورياً بتاريخ 25/1/2010م، وبالتالي بقاؤه في حالة عدم انعقاد، وغيابه وتعطله عن عمله، واستمرار هذا الوضع دون إجراء الانتخابات العامة يؤدي إلى انتهاك أحكام القانون الأساسي وقانون الانتخابات العامة والقوانين ذات العلاقة، والمساس بالمصلحة العامة ومصلحة الوطن والمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وإهدار العديد من الحقوق الأساسية والدستورية والقانونية للمواطنين في مقدمتها فقدانهم حقهم بالمشاركة في الحياة السياسية وفي الترشح والتصويت وانتخاب ممثليهم دورياً كل أربع سنوات في المجلس التشريعي.
كما أشار في طلب التفسير إلى أنه لا يجوز التذرع بالمادة (47 مكرر) من القانون الأساسي المعدل للادعاء باستمرار ولاية المجلس التشريعي رغم تعطله وغيابه وعدم انعقاده باعتبار أن هذه المادة تنظيمية انتقالية أراد بها المشرع تنظيم انتقال الولاية من المجلس القائم إلى المجلس المنتخب في الفترة المحدودة ما بين تاريخ انتخاب المجلس وتاريخ انعقاده وأداء أعضائه اليمين الدستورية، كما لا تجوز قراءة المادة (47 مكرر) دون اقترانها بالمادة (47/3)، وبالتالي من غير المقبول استغلال المادة (47 مكرر) لتمديد ولاية المجلس التشريعي إلى ما لا نهاية.
وأكد كذلك في طلب التفسير أنه ومنذ تعطل المجلس التشريعي بتاريخ 5/7/2007م ما زال يتقاضى موازنته المعتادة المخصصة له في الموازنة العامة السنوية ومن ضمنها موازنة مخصصات ومكافآت الأعضاء، وذلك بموجب المادة (55) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2005م.
وقدر ردت النيابة العامة على ما جاء في طلب التفسير المقدم من وزير العدل، بأن المجلس التشريعي معطل منذ الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة بتاريخ 14/6/2007م، ولم يقم المجلس بمهامه التشريعية والرقابية منذ ذلك التاريخ مع احتفاظ أعضاء المجلس بتقاضي أجورهم ومميزاتهم بالكامل.
وأكدت النيابة العامة بانتهاء مدة المجلس التشريعي قانونياً ودستورياً بتاريخ 25/1/2010، وفقاً لنص المادة (47) من القانون الأساسي، وبالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال التذرع على بقاء المجلس التشريعي المعطل بالاستناد على نص المادة (47) من القانون الأساسي، باعتبار أن هذه المادة إجرائية وتنظيمية تتعلق بانتقال الولاية من المجلس القائم إلى المجلس المنتخب ليس إلا، ويجب قراءتها مع نص المادة (47/3) من القانون الأساسي، والمادة (2) فقرة (4) من قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005م والتي جرت بموجبها انتخابات المجلس التشريعي الحالي المعطل، وكما نصت عليه المادة (4) فقرة (2) من قانون الانتخابات رقم (1) لسنة 2007م، كما أكدت النيابة العامة على أن مسألة الولاية الدستورية للمجلس التشريعي ترتبط بمبدأ ( المشروعية الديمقراطية) أي أن لا ولاية السلطة التشريعية محددة بفترة زمنية تمشياً مع المبدأ الديمقراطي الذي يقتضي التجديد بصفة دورية عن طريق الانتخابات.
كما أكدت النيابة العامة على أن المجلس التشريعي المعطل منذ العام 2007م، إلا أن أعضائه ما زالوا يتقاضون مخصصاتهم المنصوص عليها في الموازنة العامة السنوية، وهذا يتناقض مع مفهوم الأجر مقابل العمل.
وبناءً على ما سبق تلتمس النيابة من المحكمة الدستورية، اعتبار المجلس التشريعي الفلسطيني الحالي معطل منتهي الولاية الدستورية مما يوجب حله قضائياً وما يترتب على ذلك من آثار دستورية وقانونية، والدعوة فوراً لانتخابات عامة من الجهات صاحبة الاختصاص حتى يمارس الشعب حقه في المشاركة السياسية وانتخاب ممثليه ودب الحياة البرلمانية من جديد.
وبعد أن تم مخاطبة الأمين العام للمجلس التشريعي من قبل رئيس المحكمة الدستورية العليا بتزويدها بكتاب يفيد عن انعقاد آخر موعد جلس للمجلس التشريعي الحالي منذ انتخابه والذي يحمل تاريخ 10 كانون الأول 2018م، أفاد الأمين العام للمجلس التشريعي بأن آخر انعقاد للمجلس التشريعي الثاني منذ انتخابه، كما ورد في سجلات المجلس التشريعي كان في الفترة الثانية من الدورة العادية الأولى بتاريخ 24-25/4/2007م جلسة رقم (13) للمجلس الثاني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة، وحيث أنه من الضمانات الأساسية لتأسيس دولة مدنية مبنية على احترام الحريات وحقوق الانسان هو مبدأ سيادة القانون، فلا أحد يعلو عليه، وهذا يعني أن السلطة الحاكمة يجب أن تكون تصرفاتها وتصريفها شؤون الحكم وفقاً لقوانين مدونة مكتوبة ومعلنة ومنشورة وإجراءات مقننة ومعلومة ومقررة لا تتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان، ومن ثم فإن هذا المبدأ يمثل ضماناً ضد الحكم المتعسف والجائر، لذا يعتبر مبدأ سيادة القانون أساس الحريات التي تتمتع بها المجتمعات الديمقراطية المتقدمة، كما أنه أساس النظام والاستقرار في نظم الحكم فيها.
هذا المبدأ هو الذي يمكن الناس من حل الخلافات والنزاعات على نحو عقلاني وبصورة متحضرة ويساعد في ضمان حقوقهم، كما يساعد النظم الحاكمة في تسيير دفة الحكم بسلاسة، فلا أحد يعلو على القانون ومن ثم يمثل هذا المبدأ- في حال تطبيقه- حسما لكثير من القضايا الخلافية لأنه صادر عن مؤسسة منتخبة ممثلة للشعب ومستمرة وبشكل دوري، تصدر التشريعات والقوانين لمواكبة مختلف التطورات داخل الدولة.
وحيث إن السلطة التشريعية في فلسطين الممثلة بالمجلس التشريعي تعد المؤسسة المنتخبة في 25/1/2006م، تم تنصيبه وأداء أعضائه اليمين القانونية أمام المجلس وافتتاح دورته العادية السنوية الأولى بتاريخ 18/2/2006م بناءً على المرسوم الرئاسي رقم (5) لسنة 2006م، وانتهت دروته الأولى بعد التمديد بتاريخ 5/7/2007م، وبعد ذلك لم يعقد المجلس التشريعي أي جلسة بعد الانقسام مما جعله منذ انتهاء دورته الأولى في حالة عدم انعقاد وتعطل عن القيام بمهامه التشريعية والرقابية ووظائفه واختصاصاته كافة.
لذا فإن الوضع الذي تعيشه مؤسسة النظام السياسي في فلسطين تفتقد وجود السلطة التشريعية الممثلة بالمجلس التشريعي المكلف بصياغة القوانين باعتباره ممثلا للسيادة الشعبية ومنذ انتخابه في العام 2006م، لم يعقد إلا جلسة واحدة منذ الانقسام الداخلي، وبالتالي تعطل المجلس التشريعي وغياب عمله منذ الانقسام وإلى الآن (كانون الأول/ ديسمبر 2018م)، ما كان له تأثير كبير على منظومة التشريعات في فلسطين، واستهداف سلامة الوحدة الوطنية وسلامة الجبهة الداخلية وأرض الوطن، والمساس بالمقومات الأساسية للمجتمع وتهديد التضامن الاجتماعي والمساس بالأسرة والأخلاق والتراث التاريخي للشعب الفلسطيني، إضافة إلى تعطيل وغياب أحد أهم السلطات الأساسية لوظيفتها المتمثلة في التشريع والرقابة، والتي تعد من اهم الوظائف في الدولة بفقدانها يغيب وضع التشريعات عن طريق المجلس التشريعي، ما يشكل خطراً على الأمن القومي القانون في البلاد ومساساً به، على الرغم من نص المادة (43) من القانون الأساسي التي تعطي الرئيس سلطة التشريع في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي.
استمرار المجلس التشريعي في حالة التعطل والغياب وعدم الانعقاد وممارسة اختصاصاته منذ انتهاء دورته الأولى بتاريخ 5/7/2007م، وانتهاء مدته قانونياً ودستورياً بتاريخ 25/1/2010م، أي بعد أربع سنوات من انتخابه، وما زال مستمراً حتى تاريخه، أي مرور ثماني سنوات أخرى، وحيث أن إبقاءه في حالة عدم انعقاد واستمرار غيابه وتعطله عن القيام بكل الاختصاصات الموكلة له، واستمرار الوضع على ما هو عليه دون إجراء الانتخابات يؤدي إلى انتهاك أحكام القانون الأساسي وأحكام قانون الانتخابات العامة، والمساس بالمصلحة العامة، وانتهاك مختلف الحقوق القانونية والدستورية للمواطنين وحقهم في إصدار التشريعات من طرف المجلس، ومن ثم فقدان حقهم في المشاركة السياسية سواءً للترشح أو الاقتراع، وانتخاب ممثليهم بصورة دورية كل أربع سنوات لعضوية المجلس التشريعي.
بالعودة إلى المواد التي تحكم عمل المجلس التشريعي والمراد تفسيرها والتي تثير نقاشاً حول استمرارية عمل المجلس التشريعي فالمادة (47) من القانون الأساسي تنص: "1- المجلس التشريعي الفلسطيني هو السلطة التشريعية المنتخبة. 2- بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون يتولى المجلس التشريعي مهامه التشريعية والرقابية على الوجه المبين في نظامه الداخلي. 3- مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجرى الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية".
لذا ووفقاً لأحكام هذا المادة في فقرتها الأولى بأن المجلس التشريعي يعد السلطة التشريعية المنتخبة، فهذا يعني أن المجلس التشريعي قانونياً ليس مجرد أشخاص أو أفراد فازوا بالانتخابات الخاصة بعضوية المجلس، بل هو أحد السلطات الثلاث التي لها مكانتها الدستورية المستمدة من المهام الجليلة المناطة بها، وعليه فإن المجلس التشريعي يعد السلطة التشريعية بالتوصيف القانوني لها كإحدى أهم السلطات الثلاث في أي دولة، وبما أن المجلس التشريعي المنتخب في 25/1/2006م الذي لم يعقد إلا دورة واحدة انتهت في 5/7/2007م، وبعد ذلك استنكف عن القيام بالدور المنوط به كسلطة تشريعية ورفض الالتزام بالقوانين والأنظمة التي تنظم عمله بما في ذلك عقد دورته العادية الثانية التي دعا الى عقدها فخامة الرئيس وفقاً للقانون بموجوب المرسوم الرئاسي رقم(27) بتاريخ5/7/2007م على أن تكون الجلسة الافتتاحية بتاريخ 11/7/2007م بموجب القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي، والتي لم يستجب لها بسبب حالة الانقسام الذي حصل بتاريخ 14/6/2007م، وبما أن وجود المجلس التشريعي الفلسطيني من عدمه يكون بعقد دوراته وجلساته المنصوص عليها بالقانون سواء بالنسبة لدوراته العادية(يعقد المجلس بدعوة من رئيس السلطة الوطنية دورته العادية السنوية على فترتين مدة كل منهما اربعة أشهر تبدأ الأولى في الاسبوع الأول من شهر آذار/مارس، والثانية في الاسبوع الأول من شهر أيلول) أو الاستثنائية (بدعوة من رئيسه بناء على طلب من مجلس الوزراء أو من ربع عدد أعضاء المجلس) وبما أن المجلس التشريعي ومنذ انتهاء دورته الأولى في حالة تعطل وعدم انعقاد منذ العام 2007م وما زال الى يومنا هذا(كانون الأول /2018م) فإن هذا أفقده صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي.
كما نصت المادة (47/2) على أنه :"بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، يتولى الجلس التشريعي مهامه التشريعية والرقابية على الوجه المبين في نظامه الداخلي".
يستخلص من نص الفقرة السابقة أن القانون الأساسي قد حدد اختصاصات المجلس التشريعي الفلسطيني، وكأي برلمان ديمقراطي في العالم له مهمتان رئيسيتان: الأولى تتمثل في سن القوانين والتشريعات، والثانية مراقبة أداء السلطة التنفيذية، كما يعمل المجلس على تنفيذ مهام أخرى، مثل تعزيز الديمقراطية والحياة البرلمانية، واحترام سيادة القانون في المجتمع الفلسطيني، ومهامه السياسية على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد العملية السلمية والمفاوضات، والتصدي لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ومهمة تتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، وتوثيق علاقات المجلس التشريعي الفلسطيني بالبرلمانات العربية والدولية، وأخيرا مهمة المضي في عملية الإصلاح في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
فيما يتعلق بعمل المجلس التشريعي في ممارسة التشريع ينص القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس على مختلف الإجراءات التشريعية التي هي حسب النظام الداخلي للمجلس والتي تنص المادة (65) عليها في أن مشاريع القوانين والاقتراحات المقدمة من مجلس الوزراء تحال الى رئيس المجلس مرفقة بمذكرة ايضاحية، وعلى الرئيس(رئيس المجلس) أن يحيل المشروع أو الاقتراح الى اللجنة المختصة لإبداء الرأي، وبعد ذلك تقدم اللجنة تقريرها خلال أسبوعين من تاريخ موعد عرضه على المجلس. أما فيما يخص مشاريع القوانين والاقتراحات المقدمة من أعضاء المجلس التشريعي أو لجانه (مادة 67) فيجوز لكل عضو او أكثر أو أي لجنة من لجان المجلس اقتراح مشروع قانون أو تعديل أحد القوانين المعمول بها أو الغاؤه ويحال كل اقتراح مرفقا بالأسباب الموجبة والمبادئ الأساسية إلى اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي فإذا رأى المجلس بعد الاستماع لرأي اللجنة قبول الاقتراح أحاله إلى اللجنة القانونية لوضعه في مشروع قانون متكامل لتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو التي تليها، ثم تتم المناقشة العامة على ما تم من الاجراءات السابقة على الشكل الآتي:
تعقد اللجنة المختصة اجتماعا خلال اسبوعين من تاريخ الإحالة توصي إما بقبول مشروع القانون أو رفضه أو تأجيله أو دمجه مع مشروع آخر ..الخ، وبعد التأكد من كل ذلك يرسل تقرير اللجنة ومشروع القانون إلى مقرر الجلسات في المجلس لإدراجه على جدول أعمال الجلسة وتوزيعه على الأعضاء أو النظر بمشاريع القوانين دون انتظار تقرير اللجنة للمناقشة العامة.
بعد المناقشة العامة يطرح المشروع على المجلس للتصويت عليه لقبوله، فإذا رفضه اعتبر المشروع مرفوضا وإذا وافق على قبوله أحاله إلى اللجنة المختصة لإجراء التعديلات المناسبة على ضوء المناقشة العامة.
أما فيما يتعلق بآلية إقرار مشاريع القوانين والاقتراحات فتجري في مرحلة أولى حسب المادة (68) في قراءتين منفصلتين، يتم في الأولى مناقشة المشروع مادة بعد تلاوتها والالتزامات المقدمة بشأنها ويتم التصويت على كل مادة ثم يتم التصويت على المقترح او المشروع بمجمله.
أما القراءة الثانية فتجري خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ اقرار المشروع بالقراءة الأولى وتقتصر على مناقشة التعديلات المقترحة ويتم التصويت عليها ثم يصوت على المواد المعدلة نهائيا.
وتقتصر القراءة الثالثة على مناقشة التعديلات المقترحة بناء على طلب كتابي مسبب من مجلس الوزراء أو من ربع عدد اعضاء المجلس شريطة أن يقدم الطلب قبل إحالة المشروع لرئيس السلطة القضائية لإصداره، ثم بعد مصادقة المجلس التشريعي على القانون يرفع إلى رئيس دولة فلسطين الذي يقوم بالمصادقة عليه ونشره بالجريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية" وهذه هي طريقة إصدار التشريعات في فلسطين.
هذه الإجراءات المنصوص عليها في القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي لا يتم تطبيقها كليا لغياب انعقاد دورات المجلس وبالتالي تعطيل عمل المجلس واعتباره كأنه لم يكن، وهذا يتناقض مع القسم الذي يؤديه النواب أمام المجلس قبل شروعهم بالأعمال: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن، وأن أحافظ على حقوق الشعب والأمة ومصالحهما، وأن أحترم القانون، وأن أقوم بواجبي حق القيام به والله على ما اقول شهيد".
أما فيما يتعلق بالرقابة التي تعد من أهم اختصاصات المجالس التشريعية في العالم، خاصة في الأنظمة البرلمانية وشبه الرئاسية، بهدف تحقيق المساءلة والشفافية والتأكيد على مبدأ فصل السلطات واحترام سيادة القانون ومساءلة الوزراء والمسؤولين ومراقبة أداء السلطة التنفيذية فإن المجلس التشريعي لم يمارس أي دور يتعلق بالرقابة منذ انتخابه، أو لنقل منذ الانقسام حيث لم يتمكن من وضع آليات الرقابة الصارمة التي تتعلق بحجب ومنح الثقة للحكومة أو في كيفية مناقشة تقارير هيئة الرقابة العامة واتخاذ القرارات الضرورية بشأنها، أو فيما يتعلق بتشكيل لجان التحقيق أو طرح الأسئلة وتوجيهها للحكومة أو الوزراء والمتعلقة بالقضايا جميعها والشؤون المدينة والعدل والصحة والتعليم والزراعة والشباب والرياضة والأسرى والمالية والشؤون الاجتماعية والتخطيط والاسكان... ألخ. كل ذلك يؤكد غياب عمل المجلس التشريعي في ممارسة اهم الاختصاصات الموكلة له والذي انتخبه الشعب ليمارس هذه الاختصاصات.
على الرغم من عدم انعقاد دورات المجلس وجلساته منذ العام 2007م، كما وردت في رسالة الامانة العامة للمجلس التشريعي، ورد النائب العام، ورسالة وزير العدل، وبالتالي عدم ممارسته اختصاصاته ومهامه المنصوص عليها دستوريا والتي من اجلها انتخبه الشعب إلا أن اعصاءه لا زالوا يتلقون مخصصات ومكافآت ورواتب وبدلات ونثريات وخلافه وفق ما تنص عليه المادة (55) من القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي.
لذا فالمجلس يستنزف اموال الدول الفلسطينية، وكل عضو يتقاضى راتبا او مخصصا شهريا دون أن يقوم بمهامه واختصاصاته المنصوص عليها دستوريا، وهذه الاموال تدفعها الحكومة الشرعية للشعب الفلسطيني عدا عن مختلف النثريات والسفريات وخلافه.
والسؤال: ألا تعد هذه الاسباب دافعا لحل المجلس التشريعي واللجوء إلى الشعب مصدر السلطات من اجل اجراء انتخابات جديدة؟.
كما أن مدة المجلس التشريعي هي اربع سنوات فقط لا غير، وأن اجراء الانتخابات كل أربع سنوات هو استحقاق دستوري سندا للمادة (47/3) من القانون الأساسي ومن قانون الانتخابات العامة، وبصورة دورية يعد الطريق الديمقراطي الصحي والاساس الدستوري للتداول السلمي على السلطة ومن أهم مميزات الدستور الديمقراطي، وبالتالي انتهت مدة ولاية المجلس التشريعي بعد مرور اربع سنوات من انتخابه على الرغم من أنه لم يعمل إلا فترة محدودة وإن استمرار وجوده إلى الآن أحدث ضررا في الشعب الفلسطيني ونظامه السياسي والقانوني والعمل البرلماني بشكل عام.
اما فيما يتعلق بنص المادة (47 مكرر) والتي اضيفت إلى القانون الأساسي بتاريخ 1-8-2005م، وتنص على ان (تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء اعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية)، والتي اتت بعد الاتفاق على القانون رقن (9) لسنة 2005م، بشان الانتخابات الذي صادق عليه المجلس التشريعي في جلسته المنعقدة بتاريخ 18-6-2005م، والصادر في 13-8-2005م، قانون الانتخابات هذا تم التوافق عليه من حركات الشعب الفلسطيني وفصائله ومنظماته جميعها أي في اطار وفاق وطني قبل ان يعرض على المجلس التشريعي ويصادق عليه، حيث نص في المادة (2/4) منه: "تكون مدة ولاية المجلس أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل اربع سنوات بصورة دورية"، وتم تعديلها من المجلي التشريعي في المادة (47/3)، مدة المجلس التشريعي اربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل اربع سنوات بصورة دورية، كما اضيفت المادة (47 مكرر) بصياغتها السابقة.
إن تطبيق نص المادة (47 مكرر) من وجهة نظر المحكمة الدستورية يجب ان يسبقه اجراء انتخابات تشريعية في موعدها المقرر دستوريا أي مرة كل اربع سنوات كما نصت عليه المادة (47/3) وبصورة دورية، وهذا ما لم يحصل في حالتنا هذه، هذا الارتباط غير قابل للتجزئة بين مد الولاية واجراء الانتخابات التشريعية، لأن مد الولاية الطارئ يجب ألا يتعارض مع دورية اجراء الانتخابات التشريعية التي تم النص عليها بالأربع سنوات، وإلا يصبح الأصل ان ولاية المجلس غير محددة بمدة معينة، وهذا امر يتعارض مع ما نص عليه قانون الانتخابات والقانون الاساسي في المادة (47/3)، عندما حدد مدة المجلس التشريعي بأربع سنوات من تاريخ انتخابه، واكد أن الانتخابات يجب ان تجري مرة كل أربع سنوات بصورة دورية، وهذا تأكيد من المشرع الدستوري على عدم انطباق نص المادة (47 مكرر) في حالة عدم اجراء الانتخابات.
وهذا يعني أنه لا يمكن تطبيق المادة (47) مكرر إلا في ظل وجود مجلسين، مجلس منتهية ولايته القانونية، ومجلس جديد منتخب، أي ان المادة (47 مكرر) لا تتحدث عن مدة المجلس، إنما عن الولاية الانتقالية في الفترة الواقعة ما بين انتخاب المجلس الجديد وأداء أعضائه اليمين القانونية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بإجراء دورية الانتخابات كل أربع سنوات.
لذلك فإن تحديد المدة الزمنية لولاية المجلس التشريعي له أهمية عملية من حيث احترام إرادة الشعب باعتبار تلك المدة هي العقد الدستوري بين الشعب وأعضاء المجلس التشريعي ما يعني ان تحديد تاريخ نهاية هذا العقد يعفي أعضاء المجلس من النيابة الممنوحة لهم التي تخولهم التشريع والرقابة، وبالتالي فإن الاعمال التشريعية والرقابية التي قد تصدر عن المجلس في فترة انتهاء ولايته ترتب مخالفة دستورية وقانونية.
لذا أمام غياب انعقاد دورات المجلس التشريعي وبالتالي عدم القيام باختصاصاته الموكولة إليه خاصة في مجالي التشريع والرقابة وتحمل الموازنة العامة اعباء مالية ضخمة، وعدم وجود مادة في القانون الاساسي تعطي رئيس الدولة الحق بحل المجلس التشريعي، على الرغم من ان الرئيس يملك السلطة الفعلية في ادارة الدولة واصدار القرارات بقوانين طبقا للمادة (43)، من القانون الأساسي في ظل غياب المجلس التشريعي وتعطل عمله، واستمراره بممارسة سلطاته بهدف الحفاظ على كينونة النظام السياسي في فلسطين باعتباره المخاطب والعنوان الرئيس والسلطة المركزية في ظل غياب السلطة التشريعية، والمسؤول الأول عن سلامة الوطن وامن واستقراره وسلامة أراضيه وتنفيذ التعهدات الدولية (حيث ان الرئيس قبل مباشرة مهامه أقسم على الاخلاص للوطن ومقدساته وتراثه القومي واحترام النظام الدستوري والقانون، والأهم رعاية مصالح الشعب الفلسطيني رعاية كاملة "مادة 35"). ألا يستدعي ذلك العودة إلى الشعب باعتباره مصدر السلطات وممارسة حقه الديمقراطي في ظل نظامنا السياسي الديمقراطي، ما يستدعي حل المجلس التشريعي من قبل المحكمة الدستورية العليا؟.
لهذه الأسباب
قررت المحكمة الدستورية بشأن التفسير المقدم ما يلي:
- إن شرعية وجود المجلس التشريعي تكون بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007م، يكون قد افقده صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي.
- عدم انطباق نص المادة (47 مكرر) في حالة عدم اجراء الانتخابات الدورية للمجلس التشريعي أي كل أربع سنوات، وهذا يعني انه لا يمكن تطبيق المادة (47 مكرر)، إلا في ظل وجود مجلسين، مجلس منتهي ولايته القانونية، ومجلس جديد منتخب.
- أما بشأن تفسير نص المادة (55) ترى المحكمة الدستورية العليا عدم وجود أية اسباب موجبه لاستمرار تقاضي اعضاء المجلس التشريعي المنتهية مدة ولايته لأية استحقاقات مالية أو مكافآت منصوص عليها في القوانين او اللوائح ذات العلاقة في الشأن التشريعي اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار.
- إن المجلس التشريعي في حالة تعطل وغياب تام وعدم انعقاد منذ تاريخ 5-7-2007م، وقد انتهت مدة ولايته بتاريخ 25-1-2010م، أثناء مدة تعطله وغيابه، وما زال معطلا وغائبا بشكل كامل حتى الآن، وبناء عليه فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن، تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 25-1-2006م، وبالتالي اعتباره منحلا منذ تاريخ اصدار هذا القرار.
- دعوة فخامة رئيس الدولة إلى اعلان اجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة اشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.