"التشريعي" بين قوسين!

thumbgen (4).jpg
حجم الخط

 

لم يشأ الرئيس محمود عباس أن ينتهي العام دون «هدية» تشغل «العاطلين» عن العمل في العام الجديد! لذلك خرج علينا مساء السبت الماضي، الموافق 2018/12/22، بقرارين مثيرين: حل «المجلس التشريعي» المعطل منذ 12 عاماً، وإجراء انتخابات «تشريعية» جديدة خلال ستة أشهر، مستنداً في ذلك إلى قرار «المحكمة الدستورية» التي شكلها لهذا الغرض!
وقد سارعت حركة (حماس) لتعلن في بيان، رفضها للقرار، واعتبرته «ليس له أي قيمة دستورية أو قانونية، ولا يعدو كونه قراراً سياسياً لن يغير من الواقع شيئاً»، وهو ينهي «التعددية السياسية»! من جانبها، رفضت (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) القرار على لسان نائب الأمين العام، أبوأحمد فؤاد، الذي شدد على عدم قانونية القرار، وبأنه ليس له «أي طابع قانوني»! أما حركة (الجهاد الإسلامي)، فقالت: إن «قرار حل المجلس التشريعي له تداعيات خطيرة على الواقع الفلسطيني»، واعتبرته «تطاولاً» على المقاومة الفلسطينية و«استهانة» بتضحيات الشعب!
ومع احترامنا للفصائل الثلاثة، فإننا، ودون تطاول أو استهانة بالتضحيات، نرى أن «المجلس التشريعي» كان قد وضع بين قوسين، وكان شكلاً دون مضمون منذ بدايته! فمن جهة، هو معطل منذ 12 عاماً، أي منذ مجيئه إلى الوجود، والمعطل والملغى سواء، شأنه شأن كل المؤسسات الفلسطينية منتهية الصلاحية. و«التعددية» التي تتباكى عليها حركة (حماس)، لم تكن في الواقع العملي موجودة، والصراع الدائر بين فصيلين لا يُحوِّل «الثنائية» إلى تعددية. وإذا كان القرار «لن يغير من الواقع شيئاً»، كما تقول حركة (حماس)، فإن الواقع كان شاهداً على موت المجلس طوال الاثني عشر عاماً الماضية، لأنه كان معطلاً وبلا عمل، وبالتالي فإن وجوده وعدم وجوده سواء. فلماذا البكاء على ميت «من المهد إلى اللحد» طالما أن إكرام الميت دفنه؟!
من جهة ثانية، إن التشديد على «عدم قانونية» القرار، كما تقول حركة (حماس)، ومعها (الجبهة الشعبية)، تبدو مع مؤسسات منتهية الصلاحية، فائضة على الحاجة. فالقانون يسري فعله على الأحياء، ولا يسري فعله على الأموات، وكان يفترض في الحركتين أن تفعلا شيئاً لإحياء المجلس التشريعي منذ اتضحت النية لتعطيله، أي قبل سنوات عديدة، وليس الآن. أما أن القرار «سياسي»، فهذه مسألة تثير الضحك حقاً، فما أوصلنا إلى ما نحن فيه ليس سوى «القرارات السياسية»! ألم يكن «اتفاق أوسلو» قراراً سياسياً؟ وكل ما سبقه وما لحقه، ألم تكن «قرارات سياسية»؟ وكل ما قرره الرئيس عباس، ألم يكن «قرارات سياسية» تختم بالختم المناسب عند الحاجة؟ فلماذا الاعتراض الآن على القرار السياسي الجديد؟
ومن جهة ثالثة، يستوقفنا الحديث عن «تطاول» صاحب القرار على المقاومة و«الاستهانة بتضحيات الشعب»! فحركة (الجهاد الإسلامي) لم تكن مشاركة في «المجلس التشريعي»، وهو ما احتسبناه دائماً لها، ولم يكن لها ممثلون في المجلس، و(الجبهة الشعبية) بالكاد كان لها تمثيل رمزي فيه. فكيف يكون القرار تطاولاً على المقاومة، إلا إذا كان التنظيمان يعتبران حركة (حماس) ممثلة لهما في المجلس! الأهم من ذلك، هل هذا القرار وحده الذي يتطاول على المقاومة ويستهين بتضحيات الشعب؟! وماذا عن كل القرارات الأخرى، ماذا عن «التنسيق الأمني المقدس» مثلاً، الذي يلاحق المقاومين ويعتقلهم وأحياناً يسلمهم للجانب «الإسرائيلي»؟ هل نحن في حاجة إلى التذكير بكل ما تفعله السلطة الفلسطينية ويعتبر بحق تطاولاً على المقاومة واستهانة بتضحيات الشعب؟!
وتبقى نقطة أخيرة وردت في ردود المعترضين، فهم رغم اعتراضهم على قرار الرئيس وما يقولون إنه يترتب عليه «تداعيات خطيرة» على الشعب والقضية، فإنهم يجددون مطالباتهم ويصرون على النفخ في «القرب المخرومة» والتي يعرفون أنها لا تجد آذاناً لدى السلطة، وهي «الدعوات إلى المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، ووضع استراتيجية وطنية موحدة»، بل إن حركة (حماس) تعلن استعدادها لتجاوز «القرار غير القانوني» وخوض الانتخابات التي أعلن عنها الرئيس!!
عن الخليج الإماراتية