معادلة... "طمئنونا عنكم"

22.PNG
حجم الخط

 

حالة سخط ، مشوبة بموجة عاتية من أحزان الناس في فلسطين والوطن العربي إجمالا ، تستطيع تلمسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونحن نطوي العام الميلادي 2018 نحو العام الجديد ، ذلك ما فعلناه تقريبا قبل عام عندما كنا نطوي العام القديم 2017 مفعمين بالأماني والتطلعات نحو العام الجديد .

أحدهم ، وصل به الأمر أن يصف وسائل التواصل بأنها وسائل الانفصال الاجتماعي ، عندما ضغط أحدهم على رقم 7 بدلا من 9 في المصعد ، ليجد نفسه في منزل جاره ، جلس وهو يعالج جهازه الخلوي ليجد زوجة جاره تتابع المسلسل من على جهازها ، ولج بعد قليل زوجها ، فاعتقد انه أخطأ في منزله ، اعتذر وغادر .

السخط والأحزان تتجاوز الخاص الى العام ، ليس فقط من باب ان مجموع الافراد في وسط ما ، قرية ما ، مدينة ما ، دولة ما ، توازي وتساوي المجتمع كله ، بل أن مفاعيل الثورة تعتمل في قلوب الملايين من ابناء الوطن العربي ، من العراق الى السودان الى اليمن الى الاردن الى مصر الى السعودية الى لبنان الى البحرين الى سوريا الى فلسطين الى ليبيا الى تونس ....الخ ، وعذرا على من سقط اسمه سهوا ، فالعام الجديد كفيل باستحضاره ، لطالما أن ثماني سنوات من ثورات ذلك الربيع لم تشفع حتى لأبنائها وبناتها من أن تحمل لهم خبزا كريما ، وحرية اجتماعية تحمي المرأة من ان يبطش بها اقرب مقربيها من الذكور ، زوجاً وأباً واخاً وأحياناً ابناً ، تحت مسمى الشرف العربي .

نفس الأسباب التي أدت الى انفجار الشوارع العربية قبل ثمانية اعوام ، تتراءى أمامنا من جديد ، الفقر والجوع وانعدام الدفء والبطالة والفساد ، حتى وصل الأمر في تونس على سبيل المثال أن يتكرر "البوعزيزي" من جديد ، في مصور صحفي هذه المرة يشعل النار في جسده رغم انتصار الثورة .

في فلسطين ، حالة من التواصل الانفصامي ، أو من الانفصام الانفصالي ، لم تبدأ بقانون الضمان ولم تنته بحل المجلس التشريعي ، ولا بحالة التغول الاحتلالي، بالسطو العلني على ما تبقى لنا في الضفة ، أما في الشطر الاخر من الوطن ، فبعد ثلاثين جمعة مسيرات ، سقط فيها نحو ثلاثمائة شهيد وعشرات الاف الجرحى ، ما زالت العقوبات على غزة مستمرة من العدو والصديق على حد سواء ، ما زالوا يخرجون ، وما زالوا يسقطون ، وما زالوا يدفنون أحبائهم و يرتقون جراحاتهم بما تيسر من معدات طبية شحيحة ويتقاسمون لقمة عيش عزيزة ، ولسان حالهم ما قاله الشاعر الكبير تميم البرغوثي : نحن في غزة بخير ، طمئنونا عنكم .