أصدرت سلطة النقد تقرير التنبؤات الاقتصادية لعام 2019، الذي أشار إلى استمرار وتيرة التباطؤ في أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال الأعوام الأخيرة.
وأكدت سلطة النقد، على أن ذلك يأتي جراء العديد من التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة، وأثرت بشكل سلبي على محركات الاقتصاد الرئيسية وأضعفت النشاط الاقتصادي.
وفي هذا السياق أشار محافظ سلطة النقد عزام الشوا إلى أن الضغوط على مؤشرات الاقتصاد الكلي قد تزايدت خلال العام 2018، مسببة ضعفا عاما في الطلب المحلي، أدى إلى مزيد من التباطؤ في الأداء على مستوى الأرباع الثلاثة الأولى من العام. وترتبط هذه الضغوط بالعديد من المعيقات والتحديات، بعضها مستمر منذ فترة طويلة، وبعضها الآخر جديد ومستحدث. وفي ضوء هذه الضغوط، يُتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ في عام 2018 إلى 0.6% مقارنة مع 3.1% في عام 2017.
ونوه المحافظ إلى مجموعة من التحديات التي أعاقت مسيرة النمو في العام 2018، ومن أبرزها:
(1) تزايد حالة عدم اليقين والتشاؤم جراء غياب أي أفق اقتصادي وسياسي، خاصة في ظل التوتر الذي صاحب قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس؛ (2) تراجع ملحوظ في حجم المنح والمساعدات الخارجية المقدمة للحكومة وما ترتب عليها من تراجع في الانفاق الحكومي، وذلك على خلفية وقف المساعدات الأميركية، إضافة إلى الموقف الأميركي من تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ (3) مصادرة المزيد من الأراضي والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وعدم السماح باستغلال الموارد المتاحة في المناطق (ج)؛ (4) استمرار حالة الحصار والاغلاقات الجزئية للمعابر التجارية والتوترات السياسية في قطاع غزة؛ (5) استمرار الانقسام الداخلي والتعطيل المتكرر لجهود المصالحة الفلسطينية.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن يمتد تأثير هذه التحديات ليطال آفاق الاقتصاد في العام 2019. فمع استمرار المشهد السياسي والاقتصادي على ما هو عليه، لا يتوقع أن يكون النشاط الاقتصادي أفضل حالا مما كان عليه في العام 2018، وأن نسبة النمو الحقيقي ستكون في حدود 0.9%، ما يعني أن التحسن في الدخل الفردي سيكون محدودا جدا (بنحو 0.4%). ويأتي هذا النمو متأثرا بدرجة أساسية بتغيرات الطلب المحلي الكلي، إذ من المتوقع أن تنمو القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 1.2%، مقابل تراجع في القيمة المضافة للقطاع العام بنحو 0.1%.
ومن غير المتوقع أن يكون لهذا الأداء تأثير كبير على زيادة فرص العمل والتشغيل، وأن تستمر معدلات البطالة في الارتفاع لتصل إلى حوالي 31.3% من إجمالي القوى العاملة. مقابل تأثير محدود على المستوى العام للأسعار (معدل التضخم سيبلغ 0.7%)، جراء الارتفاع الطفيف المتوقع في كل من تكلفة الواردات وأسعار الغذاء العالمية اللذين يعتبران المحددين الأساسيين للتضخم في فلسطين.
وأوضح أن هذه التوقعات تبقى عرضة لبعض الصدمات المحتملة الحدوث بدرجات متفاوتة. فبافتراض تعرض الاقتصاد إلى صدمة إيجابية (سيناريو متفائل) تتمثل في: تحسن في المسار السياسي والوضع الأمني؛ والشروع في تنفيذ بعض المشاريع التطويرية الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، بالتزامن مع رفع حالة الحصار والإغلاقات الجزئية عن قطاع غزة؛ وزيادة عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل؛ وزيادة وتيرة تدفق أموال المانحين لدعم الموازنة ودعم الإنفاق التطويري؛ وزيادة تحويلات القطاع الخاص من الخارج بوتيرة أعلى من معدلاتها السنوية. ففي ظل هذا السيناريو، يتوقع أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني، كما تشير تنبؤات سلطة النقد، بنسبة 5.1%، وأن يرتفع معدل الدخل الفردي بنسبة 2.9%، إلى جانب نمو القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 6.8%، وللقطاع العام بنسبة 5.1%، وأن يطرأ انخفاض طفيف على معدل البطالة إلى 29.5% من إجمالي القوى العاملة.
وعلى النقيض من هذا السيناريو، يبقى الاقتصاد أيضا عرضة لصدمة سلبية (سيناريو متشائم) تتمثل في: مزيد من التدهور في الأوضاع السياسية والأمنية؛ وانخفاض حاد في حجم المنح والمساعدات لدعم خزينة الحكومة؛ وعدم الانتظام/ تجميد، كلي أو جزئي لأموال المقاصة المتحصلة من الجانب الاسرائيلي؛ وتراجع عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل.
ففي حال تعرض الاقتصاد لمثل هذه الصدمة، يتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنحو 2.5%، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع الدخل الفردي بحوالي 0.9%، إلى جانب تراجع القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 2.9%، وللقطاع العام بنسبة 1.6%، وأن ترتفع نسبة البطالة إلى حوالي 32.3% من إجمالي القوى العاملة.