تداعيات ما بعد المجلس التشريعي

2b56b545609376410308f49b3f305dad.jpg
حجم الخط

 

أستاذ علوم سياسية - غزة

تنتابني حالة من القلق والتخوف الشديد للمرحلة السياسية القادمة التي قد نجد فيها نهاية المطاف للقضية الفلسطينية، ومرحلة الحسم النهائي وبفعل فلسطيني. هذا التخوف منبعة البيئة السياسية الفلسطينية والإقليمية والدولية التي صدر فيها قرار حل المجلس التشريعي.

فالبيئة السياسية الشاملة لقرار حل المجلس التشريعي لا تعمل في إتجاه هذا القرار. وهنا وقبل الإجتهاد في السيناريوهات المتوقعة بعد المجلس التشريعي نتساءل: ما هو الهدف المباشر للقرار؟ وهل يمكن أن يحقق القرار أهدافه؟.

الهدف المباشر للقرار نزع الصفة الشرعية عن حركة «حماس» التي كانت تحتمي بها داخليا، وفي علاقاتها الخارجية، والآن من منظور القرار «حماس» ليس لها صفة تمثيلية تشريعية.

نزع الصفة التمثيلية لن يضر كثيرا بحركة «حماس»، من منطلق ان كل المؤسسات في حاجة للشرعية. والهدف الثاني للقرار الضغط على حركة «حماس» للإستجابة للمصالحة بناء على إتفاق 2017، وتمكين الحكومة بالكامل. إشكالية القرار أنه جاء في بيئة إنقسام رافضة لكل قرار مصدره السلطة. وبناء عليه فيما يلي السيناريوهات المحتملة:

السيناريو الأول: الإستجابة وقبول الانتخابات من قبل حركة «حماس»، وفي ضوء ردود الفعل على القرار يمكن القول أن هذا الخيار مستبعد تماماً، لأكثر من سبب: قوة حماس في غزة، إدراك حماس أن إسرائيل في حاجة لها أكثر من السلطة، وإدراكها بتنامي دورها دولياً، والدعم الإقليمي المتمثل من قطر وتركيا لها، وهذا الدعم لا يمكن تجاهل تأثيره، وإدراكها انه لا حل بدون غزة، بمعنى ان القرار لن يتعدى حدوده المكانية. ومما يدعم هذا الإدراك أنها بالأغلبية في التشريعي مع تأييد كتلة التيار الإصلاحي الديموقراطي يمكن ان تشكل قوة تشريعية لا يمكن إلغائها.

السيناريو الثاني، سيناريو الانتخابات: وهنا نحن أمام إحتمالين :الأول إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتوافق على موعد محدد، وهذا هو الخيار المخرج أو المنقذ، وإحتمالاته ضعيفة جداً.

أولاً لا يمكن إجراء انتخابات في ظل الإنقسام، فلا يمكن تصور حرية إنتخابية لا في غزة ولا في الضفة ، هذا الإحتمال يحتاج أولاً مصالحة شاملة وتمكين الحكومة من القيام بعملها بالكامل.

وثانياً عقد هدنة طويلة مع إسرائيل وحل لمشكلة الأسرى حتى توافق إسرائيل على إجراء الانتخابات وتوفير كل التسهيلات لها.

وثالثاً مشكلة الإنتخابات في القدس ورفض إسرائيل بالمطلق تنظيم انتخابات فيها، ويمكن التغلب على هذه العقدة بأكثر من وسيلة تصويتية أو بالتعيين. والإحتمال الثاني رفض إجراء الانتخابات في غزة ، وهذا الأكثر إحتمالا. وهنا التساؤل والخيار الأكثر خطورة هل سيتم إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط وهو ما يعني الإعلان الرسمي عن إنفصال غزه وإعتبارها خارج الشرعية الفلسطينية؟ وهل توجد وسائل بديلة للإنتخابات ؟ هذا أمر مستبعد تماما. وكيف يمكن أن تتم انتخابات الرئاسة، وعلى أي إقليم جغرافي؟ كل هذه التساؤلات يطرحها خيار الانتخابات من عدمها.

السيناريو الثالث: ان ترفض حركة «حماس» أي انتخابات وتقوم بتشكيل حكومة موازية في غزة من الكتل التشريعية ، وخصوصا «التيار الإصلاحي» الذى يملك عدداً كبيراً من النواب 14 عضواً. وتتم الدعوة لإنتخابات في غزة لإختيار المجالس البلدية ، وقد نصل لإنتخابات لمجلس تمثيلي .

السيناريو الرابع : إستمرار الأمر الواقع ، وتأجيل الانتخابات، وتفعيل دور المجلس الوطني والمجلس المركزي بإعتبارهما البديل، وكونهما يعتبران مجلس الدولة الفلسطينية ، وتشكيل حكومة جديدة في الضفة الغربيه.

وتبقى السيناريوهات المفتوحة والمحتملة قائمة، فلا يمكن العودة عن قرار المحكمة الدستورية وفي هذا السياق يمكن تصور المبادرة بدعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير للإنعقاد ، والإتفاق على صيغة توافقية للإنتخابات، والتمهيد لمرحلة إعلان الدولة.

ويبقى أخيرا الخيار المنقذ وهو الإعلان الصريح عن مرحلة الدولة ، وبداية تشكيل مؤسساتها ، وفي جميع ألأحوال نحن ذاهبون لمرحلة من الغموض وعدم اليقين، وتوقع كل الخيارات والسيناريوهات، فلم يعد القرار ولا الخيارات فلسطينية بحتة.