حصلت صحيفة خليجية على وثائق حصرية ، تكشف زيف "البروباغندا" الإعلامية التي استخدمها جهاز الأمن الداخلي "الشاباك"؛ للتغطية على فشله في آخر محاولة له لاغتيال القائد العام لكتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، "محمد الضيف"، خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وعمدت "إسرائيل" في آخر محاولة إلى تدمير المنطقة التي تقول إن الضيف كان موجوداً في أحد منازلها، وتعرف باسم "أبو علبة" في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، واستهدفت البيت الذي يعود لعائلة "الدلو" المكون من ثلاثة طوابق، بستة صواريخ من طائرة إف 16 المدمرة، وتمت تسويته بالأرض، واستشهد طفل وسيدتان، وشهيد رابع على الفور، تبين لاحقاً أن من بينهم زوجة الضيف "وداد مصطفى حرب ضيف" (28 عاماً)، وأصغر أطفاله؛ الرضيع "علي" الذي يبلغ من العمر سبعة أشهر.
وقد ذكر الإعلام الإسرائيلي أنه تم استهداف المنزل من ثلاث طائرات بصواريخ (GBU-28) مخترقة للملاجئ، أمريكية الصنع.
وبث الشاباك تسجيلاً مصوراً قال فيه أحد الضباط إنهم رصدوا "الضيف" بعد اليوم الـ40 للعدوان يدخل منزل عائلة الدلو، وبث في الدقيقة (1:35) صوراً جوية للمنزل، وصوراً أخرى جانبية له، ثم في الدقيقة (2:17) أظهر خريطة البيت والمخططات الداخلية له، إضافة إلى بث تصوير لكاميرات أرضية يحملها عملاء يتبعون المبنى، وصور من كاميرا ليلية للحي.
وعندما اطلعت صحيفة "الخليج أونلاين" على مخططات المنطقة، وملف مخططات منزل عائلة الدلو، الموجود في الأرشيف المركزي لبلدية غزة، ويحمل رقم (1175)، تبين أنها تخالف تماماً كل ما ظهر في تسجيل الشاباك.
كما أكدت مصادر الصحيفة التي تعيش في الحي المذكور وتعرفه عن قرب، أن المشاهد المفترضة للمنزل المذكور، والتي ادعى الموساد أنه صورها بواسطة عملاء على الأرض، غير صحيحة، وجزء منها عرض بطريقة "تمثيلية"، حتى إن القائمين على الأرشيف أطلعوا أحد أقرباء عائلة الدلو على التسجيل، وأكد زيف الوثائق الواردة في رواية الشاباك.
الصورة التالية تظهر التصوير الجوي والرسم التفصيلي للحي الذي يقع فيه منزل عائلة "الدلو"، ويبين أن جغرافيا المنطقة وتوزيع المنازل يختلف عن المشاهد التي بثها "الشاباك".
وقد كشف وائل شحادة، مدير دائرة الأرشيف المركزي في بلدية غزة، أن نوع ورق الخريطة الداخلية للمنزل التي ظهرت في مقطع الشاباك (مائل للون الأصفر)، كان معتمداً في الإخراج المعماري في حقبة الثمانينات، وأن منزل عائلة الدلو المستهدف مبني منذ عام 2000.
وأكد أن الخريطة التي ظهرت في المقطع "أصلية"، لكن لمبنى مختلف غير الذي استهدف فيه الضيف.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي كان موجوداً في قطاع غزة في تلك الفترة (الثمانينات)، وأن بلدية غزة وقتها كانت تابعة للحاكم العسكري الإسرائيلي، الأمر الذي يفسر أسباب لجوء الشاباك إلى بث خريطة معمارية قديمة.
ونبّه شحادة إلى أن الأرشيف المركزي لبلدية غزة يحتوي على 180 ألف ملف، بإجمالي 14 مليون ورقة بين وثيقة مبان ومخططات، وأنهم يتبعون أحد أنظمة الأرشفة الإلكترونية التي "من الصعب جداً" اختراقها "لا ورقياً ولا إلكترونياً"، كما قال.
الصورة التالية، التي حصل عليها الصحيفة تظهر النسخة الأصلية للمخطط الداخلي للمنزل، والتي تؤكد أن الصورة التي وردت في ادعاءات "الشاباك" غير صحيحة، وكانت محاولة من المخابرات الإسرائيلية لإخفاء فشل العملية، وادعاء أن الجهاز كان يمتلك أدق المعلومات عن المنزل.
وكان الضيف قد وجه رسالة صوتية في 29 من الشهر الماضي، بعد أشهر من انتهاء العدوان الإسرائيلي، توعد فيها بهزيمة الاحتلال.وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة هآرتس العبرية كانت قد علّقت على محاولة اغتيال الضيف خلال العدوان الأخير، قائلة: "إن إسرائيل قامرت لتحقيق إنجاز معنوي، لكنها في النتيجة عزّزت اسم وأسطورة محمد الضيف، الذي نجا من خمس محاولات اغتيال فاشلة".
وبرز دور الضيف كقيادي بارز لكتائب القسام بعد استشهاد القيادي "عماد عقل"، وتسلم مسؤولية الجهاز العسكري لحركة حماس، وكان له دور كبير في قيادة قطاع واسع من الجناح جنباً إلى جنب مع مؤسس أول جناح عسكري لحماس في الأراضي الفلسطينية، حيث كان الشيخ "صلاح شحادة" داخل السجون.
ويُعرف عنه أنه هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار.
وقد لقّب بـالضيف لأنه حلّ ضيفاً على الضفة الغربية، فساهم في بناء كتائب القسام هناك، ولأنه لا يستقر في أي مكان؛ فكثيراً ما يكون ضيفاً على أحد.
*المقطع التالي من فيلم نشرته القنوات العبرية، بترجمة الصحفي الفلسطيني ناصر اللحام، وتظهر فيه الوثائق المزيفة التي عرضها "الشاباك".