بدون مفاوضات: بديل إسرائيلي عن «حل الدولتين» و«الدولة الواحدة»!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بينما يجري الحديث عن قرب طرح إدارة ترامب "صفقة القرن" بعد تأجيلها عدة مرات، تُبدي أوساط سياسية في إسرائيل من خلال مركز أبحاث ودراسات الأمن القومي، تأكيدها على فشل مشاريع الحل السلمي والسياسي عن طريق المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، وذلك من خلال تقدم المركز بخطة باتت تعرف إعلامياً بخطة "ويز" هذه الخطة تحاول استنساخ فكرة برنامج إلكتروني يسمح للمسافر التعرف على الطريق إلى هدفه من ناحية، وولوج طرق أخرى للوصول إلى الهدف المنشود في حال تعثر الطريق الأساسي لأسباب مرورية، من هنا فإن "برنامج ويز" بات خطة اعتمدها المركز بعد أن توصل من خلال باحثيه إلى أن كافة الطرق للتوصل إلى مفاوضات تؤدي إلى حل على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتت موصدة، من هنا ضرورة اتباع طريق آخر، على نسق "برنامج ويز"!
بعد طرح هذه الخطة في تشرين الأول الماضي من خلال المركز، بدأت هذه الأوساط السياسية والبحثية بالترويج لها، ولعلّ أهم ما تم نشره مؤخراً على هذا الصعيد، المقال الذي نشرته "الايام" أمس، تحت عنوان "انسحاب إسرائيلي احادي الجانب من الضفة الغربية لإحباط خيار "الدولة الواحدة" للكاتب والباحث في مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "ميخال ميلشتاين" حيث يعتقد الكاتب أنه وبنتيجة فشل العملية السياسية فإن جمهوراً متزايداً في الأوساط الفلسطينية بدأ يظهر الاهتمام بفكرة "الدولة الواحدة"، تمتد من النهر إلى البحر، يعيش فيها الشعبان معاً، هذا السيناريو يقول الكاتب ـ لن يكون مقترناً بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على المدى المنظور، لكن سيتم في إطاره ضمان الاستقرار الاقتصادي، ما يشكل انقلاباً استراتيجياً في المستقبل، اي وضعاً يكون فيه للفلسطينيين هيمنة.
لذلك، يجب الخوض في تفكير معمّق بخصوص البدائل الاستراتيجية التي تقف أمام إسرائيل، ذلك أنه من الصعوبة تنفيذ "حل الدولتين"، الأمر الذي من شأنه فحص أحد أهم البدائل والذي يتلخص في الانسحاب الإسرائيلي من جانب واحد من الضفة الغربية طبقاً لحدود تحددها إسرائيل نفسها، من الأفضل أن يتم ذلك بموافقة الفلسطينيين، لكن إذا تعسّر ذلك، فإن على إسرائيل تنفيذها من جانبها، سيكون ذلك صعباً وفي مواجهة العديد من التحديات والتهديدات، إلاّ انه سيمنع الانزلاق إلى سيناريو "الدولة الواحدة"، التي يعتبرها الكاتب تهديداً استراتيجياً بالنسبة للدولة العبرية.
هذه الخطة ليست جديدة من حيث أفكارها العامة، ذلك أن عدداً من الباحثين، خاصة بعض الجنرالات ورؤساء الأركان الإسرائيليين كانوا قد تناولوها بشكل متناثر هنا وهناك، هذه المرة تصدر عن مركز دراسات الأمن القومي، بشكل دقيق ومدروس مدعومة بالخرائط التنفيذية،
كنت قد اطلعت على تفاصيلها مع عدد من الزملاء في إطار ندوة نظمها مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية مؤخراً في مدينة غزة، لذلك فإن هذه الدراسة تكتسب أهمية راهنة كبيرة، على خلفية النتائج المحتملة للانتخابات الإسرائيلية في نيسان القادم، واحتمالات متزايدة أن يلعب بعض رؤساء الأركان السابقين الذين سارعوا بتشكيل أحزاب أو الانتماء إلى أحزاب موجودة، حاملين معهم هذه الخطة التي تعبر في حقيقة الأمر عن الخوف من فائض القوة الذاتية الإسرائيلية التي قد تهدد الكيان الإسرائيلي من خلال انفلات هذه القوة إلى درجة لا يمكن السيطرة على نتائجها المحتملة، خاصة في ضوء رؤية الخطة للمصالح الأمنية الإسرائيلية بالتوازي مع ضمان أغلبية يهودية.
ويمكن اختصار موقف مختلف القوى في إسرائيل من هذه الخطة بالسلبية، يميناً ويساراً، لكن قوتها تكمن في الواقفين من خلفها، عاموس يدلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "امان" السابق، واودي ديكل، جنرال احتياط سابق، رئيس قسم الخرائط المتعلقة بالمفاوضات مع الفلسطينيين، ورئيس شعبة التخطيط الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي سابقاً، وكذلك مباركة عدد متزايد من الجنرالات ورؤساء الأركان والباحثين في الدولة العبرية.