لم يبق أمامنا الا الصحوة بالصدمة!!

22.PNG
حجم الخط

 

لم يكن مستوطنا ولا مواطنا ، هذا الـ"أردان" الذي دعا الى منع الرئيس محمود عباس من العودة إلى الأراضي الفلسطينية في حال غادرها للقيام بزيارة خارجية ، بل وزيرا في حزب الليكود الحاكم ، بحقيبة هامة تسمى وزارة الأمن الداخلي ، كما انه واحد من ستة وزراء في المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت" ويفوز في قائمة الليكود عضوا في الكنيست منذ 2003 ، رغم صغر سنه الذي لم يتجاوز الخمسين عاما .

وبغض النظر ، عما اذا تم تنفيذ دعوته أم لا ، فإن الدعوة واضحة و صريحة لا لبس فيها ولا غموض ، بحيث لا يستطيع أي "هيكل" فلسطيني إسباغ "سوء الفهم" أو "سوء التعبير" عليها ، كما جرت العادة في حالات مشابهه كثيرة ، واحدة منها ما حصل مع رئيس الوزراء الحالي حين التقط أحد الصحفيين صورة له على حاجز احتلالي وهو يجبر على الولوج من بوابة حديدية ، وبدلا من الاقرار بالحادثة كتعبير فظ ومباشر لممارسات الاحتلال ضد الشعب ووزرائه بمن فيهم رئيس الوزراء ، قامت الأجهزة الأمنية باعتقال الصحفي .

إن دعوة الوزير جلعاد أردان ، الحافل سجله بالكثير من اقتراحات مشاريع القرارات والاجراءات والقوانين العنصرية الفاشية ، آخرها فصل الأسرى في السجون وتفكيك تنظيماتهم الحزبية ، ان دعوته منع الرئيس من العودة ، يجب ان لا تثير لدينا الاستغراب والاستهجان ، فقد قالها الرئيس مرة بصراحة انه حين يذهب الى الخليل فإنه يحتاج الى تصريح ، بل يجب ان تثير في دواخلنا "الصحوة بالصدمة" من غفوة، عدا عن أنها طالت واستطالت لأكثر من ربع قرن ، فإنها فجرت فينا نوازع مرضية ، من على شاكلة الاقتتال والاحتراب الذاتي ، الاستئثار بالسلطة والسطوة الى حد جنون العظمة ، سجون وزنازين نشرعها لبعضنا وكأن سجون الاحتلال لا تكفي للزج بطلائع شعبنا فيها عشرات السنين ، أشكال متقدمة من الحظر والمنع والقمع ، حتى حين تكون مواضيع الاحتجاج نقابية كإضراب المعلمين والضمان او الاحتفال بذكرى انطلاقات فصائلنا، حتى أن أحدهم نادى بجلب الخصوم مقيدين بالسلاسل .

الدعوة الأردانية ، انما تمس صميمنا ، وتعني فيما تعنيه ان رئيس السلطة الفلسطينية ليس مواطنا فلسطينيا ، وليس له اي حق من الحقوق التقليدية البسيطة في الاراضي الفلسطينية وعلى رأسها التواجد فيها حتى ضمن المناطق المصنفة A"" ، فإذا كان هذا ما يتم تبييته للرئيس ، ولم يعد خافيا ولا مبيتا ، فماذا يبيتون لعامة الناس ، أو على الأقل الستماية الف فلسطيني الذين يتحدث عنهم وزير الشؤون الداخلية مفاخرا انهم عادوا بعد اوسلو .

بقي ان نعرف السبب الذي ساقه الوزير الصهيوني لمنع الرئيس من العودة وعمدت وسائل اعلام فلسطينية رسمية على عدم ذكره : "محاولته توتير الأجواء على الجبهة الجنوبية من خلال الإجراءات التي يتخذها في غزة". ودون ان يرف له جفن شدد أردان على "ان يكون مصير الرئيس عباس كمصير المرحوم ياسر عرفات"!! .