يقال إنه في الغرف المغلقة لمكتب رئيس الوزراء يدور بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة وهو يهمس لنفسه وللمحيطين به «سأنتصر على اوباما». لا يوجد معنى للفحص فيما اذا كان هذا صحيحا أم لا، إذ ليس في اسرائيل أي جهة رسمية فقدت صوابها لتؤكد ذلك. نتنياهو يمكنه أن يتشجع بالذات من أخبار نهاية الاسبوع: تشاك شومر، اليهودي الكبير في «التلة»، الذي انتظر الجميع ما سيقوله، قال «نعم» لبيبي و»لا» صادحة لأوباما. هذا انتصار كبير لبيبي، الذي يقاتل كالأسد ضد الاتفاق مع ايران وان كان هناك من سيقول عن ذلك – هو انتصار آخر كهذا وضعنا.
لنفترض للحظة أن اوباما سيهزم حتى في التصويت بعد استخدام الفيتو الرئاسي. حسنا، ماذا في ذلك؟ كل القوى العظمى والدول الاخرى، بما فيها روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، تعمل منذ الآن وكأنه لا عقوبات ضد إسرائيل. وهي تتنافس على الصندوق وعلى الجيب الإيراني، ولتذهب دولة إسرائيل الى الجحيم. في مثل هذا الوضع، حتى لو ألغت الولايات المتحدة توقيعها على الاتفاق لن تكون ضد الايرانيين عقوبات، وستكون لهم قنبلة نووية. وبكلمات أكثر اخافة: عشرات القنابل النووية، التي تقلب المعادلة الشرق أوسطية الحالية فتجعلها غير ذات صلة. يجدر بنا أن نستوعب: في هذه المعركة حيال ايران لم ننجح، على أقل تقدير.
هناك من سيدعي: «بداية قلتم وكتبتم انه من المتعذر الانتصار على رئيس أميركي قائم، والآن، عندما تسمعون أصوات جرس الانتصار، تدعون بان هذا ليس مهما. والجواب على المتذمرين هو: بالضبط هكذا. كل رئيس أميركي سيأتي بعد اوباما، سواء كان محبا لصهيون أم متعاطفا مع الاسلام، سيجلب معه كدرس الى البيت الابيض قصة انتصار بيبي، اذا ما انتصر. فلا يوجد رئيس أميركي، من أي حزب، يحب أن يرى من يتجمع معه أو ضده، والرئيس التالي وذاك الذي سيليه سيحذر باضعاف من اتهامات النفوذ اليهودي، الاموال التي تضخ كالجدول الى البحر والقوة الاسطورية لـ»ايباك» – اللوبي اليهودي الذي وحده لوبي حملة السلاح الخاص أقوى منه في واشنطن.
هذا لا يعني بالطبع ان رئيسا أميركيا، ديمقراطيا كان أم جمهوريا، سيترك اسرائيل لمصيرها، ولكنه سيتذكر 24 ساعة في اليوم من ينفخ في قذالته. رئيس كهذا سيحاول، واذا ما نجح - لا سمح الله - تقليص قوة اليهود في الولايات المتحدة وربما ايضا قوة مالهم الكبير. فهو على أي حال يسمع من خبرائه عن انخفاض قوتهم، وسيأخذ مثالا على ذلك قضية بولارد: على مدى 30 سنة هبط الاسرائيليون في كل المجالات، استثمروا الملايين (بالدولارات وبالشواكل) ونجحوا في تفعيل عظماء الأميركيين ذوي الصلة، والادارات المتغيرة باعت لهم الاكاذيب عن امكانيات تحرره القريب بينما لم تقصد عمليا تحريره ولو قبل دقيقة من الموعد. هكذا تتصرف قوة عظمى، تستخف بالجميع.
الأميركيون، خلافا لما يعتقد الكثير منا، ليسوا سذجا. لديهم صبر وأعصاب، والزمن التاريخي لديهم ليس مهووسا. فقد قالوا قبل 48 سنة انهم لا يعترفون بنتائج حرب «الايام الستة»، بالاستيطان في «يهودا» و»السامرة»، وبتوحيد القدس، ويكفيهم هذا. وهم يتعاطون باستخفاف مع احتفالات الاستيطان في «يهودا» و»السامرة»، ويضحكون حين يمجد كل خطيب عدد المستوطنين على أن واشنطن ستصاب بالفزع. اما هي فلا. عندما يقول احد ما هنا «لا يعقل اخلاء مئات الآلاف الكثيرة بهذا القدر...»، فانهم يسخرون بينهم وبين انفسهم. فقد سبق لهم ان شهدوا حراك الملايين وقتلوا الجموع في الطريق لتحقيق اهداف حققوها لانفسهم. هذه هي أميركا. هكذا تتصرف قوة عظمى، ومن يريد يمكنه بعد وقت قصير أن يسأل بولارد. على أي حال فان لديه رأيا في الموضوع، رغم الجلبة التي أحدثتها دولة اسرائيل في حالته الصغيرة.
هل معنى الامر انه يجب التنازل الآن لاوباما؟ فات الاوان. المعركة بين صاحبي الأنا المتضخمتين في ذروتها، وليس هناك ما يمكن عمله. لن يتنازل احد عن انتصاره. المشكلة ليست من منهما سينتصر في هذه الحرب. اوباما سيعود بعد سنة ونيف الى بيته في شيكاغو، وبيبي سيعتزل في يوم من الايام منصبه. انه نحن، الاسرائيليين، من سنبقى على ما يبدو مع قنابل ذرية ايرانية وأميركا التي (ربما) لن تغفر ولن تنسى.
عن «يديعوت»
شيرين تعتذر لشقيقها أنا بعتك بأرخص ثمن
02 أكتوبر 2024