ترأس اليوم الجمعة، وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي وفد دولة فلسطين، في الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية، والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية/ الدورة الرابعة، المنعقد اليوم في العاصمة اللبنانية بيروت، بمشاركة وزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة.
وناقش الوزراء خلال الاجتماع، القضايا الاجتماعية والاقتصادية التنموية، للارتقاء بالواقع الاقتصادي، ومعالجة المشكلات التي تعيق تطور الاقتصادات العربية، ومواكبة آخر المستجدات في العالم. من أجل رفع كامل البنود للقادة لإقرارها في القمة التي ستعقد يوم الأحد المقبل.
ويتألف جدول أعمال الوزراء من 27 بنداً تغطّي كافة المواضيع العربية المشتركة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية.
كما وبحث الوزراء دعم الاقتصاد الفلسطيني، ووضع خطة محكمة للتنمية في القدس 2018 -2022، وصندوقي القدس والأقصى، بالإضافة لتنفيذ القرارات المتعلقة بتفعيل المقاطعة الاقتصادية للاحتلال، وإطلاق إطار عربي استراتيجي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020 و2030، ومنهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية ضمن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، والإعلان العربي حول الانتماء والهوية، واستراتيجية إنشاء منطقة تجارة حرة عربية كبرى، والسوق العربية المشتركة للكهرباء.
كما أنه من المقرر أن يناقش المجتمعون الميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة، والأمن الغذائي العربي، والرؤية الاستراتيجية لتعزيز وتفعيل العمل العربي المشترك في قطاعي السياحة والثقافة، وإدارة النفايات الصلبة في العالم العربي، وإطلاق أجندة التنمية للاستثمار في الطفولة في الوطن العربي 2030، والاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء في المنطقة العربية، والعقد العربي لحقوق الإنسان 2019 – 2029، والدورة العربية الرابعة عشرة للألعاب الرياضية المقررة عام 2021، ومناقشة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين، وآثارها على الدول المستضيفة.
وناقش المجتمعون التحديات التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتداعياتها على الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين، واستعراض تطورات الاقتصاد الرقمي، ودعم الدول العربية التي تشهد نزاعات، والتنمية في اليمن، إضافة إلى دعم مساعي الصومال لتنفيذ خطة التنمية وإعفائه من ديونه الخارجية.
وقال المالكي في كلمة بالاجتماع، إن "العالم العربي يمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة ومتنوعة، من حيث الموقع الجغرافي الواسع في محور العالم بين آسيا وأفريقيا، وأوروبا، والمطل على البحار والمحيطات والخلجان، هنا حيث يمر العالم بأسره طالباً الاستفادة من ثرواتنا ومواردنا الطبيعية الغنية بالنفط والطاقة والمعادن والمواد الخام للتكنولوجيا والصناعة، والمواد الزراعة، والثروة الحيوانية والثروة السمكية".
وأضاف أن "الأمة العربية يجب أن تأخذ دورها في صنع قرار المجتمع الدولي على كل المستويات: الاقتصادية، والتنموية، والسياسية. وعندما أتحدث عن دور الأمة العربية المطلوب، أقصد دوراً يتناسب مع مكانتها الحضارية العريقة وقوتها الاقتصادية الكبيرة، لا أن تصبح بلادنا ملعباً للاعبين إقليميين ودوليين، أو مرتعاً لطامعين حيناً وللأشرار والمحتلين والإرهابيين أحياناً أخرى، أو أن نقف نحن في مجال التجاذبات والتشتت وردود الأفعال، بما لا يتناسب مع تاريخنا وحضارتنا وقوتنا البشرية والاقتصادية".
وتابع "هذا يعني أننا يجب أن نوظف قوتنا الاقتصادية لحماية الأمن القومي العربي، وأن نتفق على استراتيجية محترمة لحماية أمننا القومي العربي وأرضنا ومقدساتنا، وأن نمتلك السيطرة الحقيقية على منطقتنا، ونسعى إلى تحقيق مصالحنا الاستراتيجية أولاً، وثم الشراكة المتوازنة مع القوى المؤثرة إقليمياً ودولياً، والتأثير المناسب في هذا العالم".
وقال إن "مثل هذه الأهداف لا تتحقق بالأمنيات وبالنوايا الحسنة، وإنما بالعمل والتخطيط وإعداد الظروف المواتية والملائمة لمطالبنا وأهدافنا. علينا امتلاك الإرادة الحرة، وتفعيل كل ما هو ضروري للتكامل الاقتصادي العربي، بل الوحدة الاقتصادية العربية، وسرعة إنجاز منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتنفيذ الاستراتيجيات العربية للطاقة والكهرباء والزراعة والصحة والتعليم والتنمية المستدامة".
واستدرك، "لكن ذلك لن يتحقق بدون تحقيق بيئة مناسبة من الأمن والاستقرار في منطقتنا العربية، ولن يتحقق ما دامت إسرائيل تحتل أراضينا الفلسطينية والعربية وتنتهك مقدساتنا وتسيطر على مواردنا الطبيعية وتمارس الاضطهاد والفصل العنصري في بلادنا منذ عقد طويلة".
وأوضح أن من أخطر سياسات الاحتلال الإسرائيلي ذات الأثر الاقتصادي، بناء وتوسيع المستوطنات الاستعمارية غير القانونية، وحرمان الشعب الفلسطيني من استخدام واستثمار وإعمار ما يزيد عن 60% من الضفة الغربية (منطقة ج، والأغوار)، وتقييد حرية تنقل الأفراد والتجارة البينية الفلسطينية مع الدول العربية والعالم، وخنق السياحة في فلسطين، وسرقة أموال الشعب الفلسطيني بشكل مباشر من خلال مصادرة أموال الجمارك والضرائب، بالإضافة الى ما شكله جدار الفصل العنصري من تدمير ممنهج للاقتصاد الفلسطيني وخنق الضفة الغربية ومصادرة أراضي المواطنين وحرمانهم من الوصول اليها، أيضاً الويلات التي يعانيها شعبنا في قطاع غزة نتيجة الحصار المفروض منذ 12 عاما، بالرغم من جهود الحكومات الفلسطينية المتعاقبة للتخفيف من معاناة شعبنا في القطاع من خلال إنفاق ما يزيد عن 15 مليار دولار، خلال تلك الفترة.
وقال، "نحن نوشك على تغيير أو إنهاء العلاقات التعاقدية مع الاحتلال الإسرائيلي، وسنبدأ قريباً بمراجعة العلاقة الاقتصادية مع الاحتلال الإسرائيلي، التي يحكمها بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي أضر لسنوات طويلة بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية".
وعلى صعيد آخر، فإن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) يعمل على احتساب تكلفة الاحتلال الإسرائيلي الباهظة على الشعب الفلسطيني على مدار سنين الاحتلال الطويلة والمستمرة، بناء على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن على هذا المنبر نناشد الدول العربية بتقديم الدعم للاونكتاد لإنجاز أعماله في هذا الشأن.
وتابع: "مضى 71 عاماً ونحن ندين إسرائيل، ومضى 52 عاماً ونحن نطالبها بإنهاء احتلالها وانتهاكاتها، وعقود طويلة ونحن نناشد العالم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والتدخل لإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وإعمال قواعد القانون الدولي ومحاسبة إسرائيل بموجبه. والسؤال هو: ماذا حصّلنا نتيجة هذه الادانات، وما هي انعكاسات تلك الادانات على أرض الواقع الذي تعلمونه جميعاً ويراه العالم كل يوم".
وتطرق للوضع في مدينة القدس المحتلة، وقال "إن مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية تتعرض حالياً لأعنف وأشرس مخطط استعماري تهويدي، يستهدف الغاء هويتها العربية الاسلامية المسيحية من عمليات استيطان وقتل وتهويد وتهجير واعتقال، كان اخرها دعوات استعمارية عنصرية دعا لها عضو في بلدية الاحتلال لهدم أجزاء من اسوار المدينة المقدسة في مخطط تهويدي يستهدف أحد معالم القدس الحضارية والسياسية والقانونية، كما تقف الإدارة الأميركية في صف اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتضغط بكل الوسائل لحث بعض الدول على نقل سفارتها الى القدس المحتلة، في تحد للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".
ودعا لتدخل أكبر من الدول العربية بالضغط على الدول التي تنوي نقل سفارتها الى القدس المحتلة بكافة الوسائل الاقتصادية والسياسية، أو تلك التي تتعرض لحالة ضغط سياسي واقتصادي غير مسبوقة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك بالعمل الجاد والاتصالات المستمرة، وضرورة تفعيل المقاطعة الاقتصادية للدول التي تُخل بالمكانة القانونية لمدينة القدس الشريف، سواء بالاعتراف بها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي أو بنقل السفارات إليها.
كما دعا باسم الجامعة العربية جمهورية البرازيل الاتحادية إلى الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي أسست المكانة القانونية الخاصة لمدينة القدس الشريف، والحفاظ على أواصر العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، وعلى مواقفها التاريخية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، والامتناع عن اتخاذ أي مواقف أو قرارات تُخل بالمكانة القانونية لمدينة القدس الشريف، خاصة وأن التبادل التجاري بين الدول العربية والبرازيل يبلغ حوالي 26 مليار دولار.
وقال إن دولة فلسطين أعدت كراسة المرحلة الأولى للخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس 2018-2022 التي تبنتها قمة القدس التي عقدت بالمملكة العربية السعودية في شهر نيسان الماضي، والتي تشكل خطة إنقاذ أولية لمدينة القدس الشرقية المحتلة وتعزيز صمود أهلها في وجه أخطار المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجيرهم منها، وهي خطة تشمل على تنمية 15 قطاعاً حيوياً في مدينة القدس منها التعليم والصحة والسياحة والأوقاف والشباب والرياضة، وتبلغ قيمة المشروعات المكونة لهذه الخطة 425 مليون دولار.
وأضاف أن دولة فلسطين تحتاج من اشقائها العرب على مستوى الدول وأيضاً مستوى القطاع الخاص، إلى دعم اقتصادها الواعد، والذي يحتوي على فرص استثمارية جيدة في كافة المجالات، والمنظم بقوانين وحوافز تشجع الاستثمار العربي، هذا الأمر الضروري لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وإيجاد فرص عمل للشباب الذي يتمتع بكفاءة عالية، وهو ما يدعم خطوات دولة فلسطين في انفكاكها الاقتصادي عن الاحتلال، الأمر الذي سيسهم في تحقيق الاستقلال الفلسطيني اقتصادياً.
كما تطرق إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين "الذين طالت غربة اللاجئين الفلسطينيين واشتدت معاناتهم على مدار أكثر من سبعة عقود".
واستدرك "لكننا مهما طال الزمن متمسكون بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948. وبما أننا في حضرة لبنان الذي حمل على كاهله جزءاً كبيراً من قضية اللاجئين، فإننا نوجه التحية والتقدير إلى الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، وفي ذات الوقت نؤكد رفضنا للمحاولات الإسرائيلية والأميركية المحمومة لتجفيف قضية اللاجئين من خلال وقف الالتزامات المالية تجاه وكالة الــ"اونروا"، بهدف تقويض تفويضها الدولي وقدرتها على أداء مهامها في إغاثة وتشغيل اللاجئين، أو من خلال بدعة إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني.
كما وطالب باسم الجامعة العربية، جميع الدول الى الالتزام بدعم موازنة الـــ"أونروا" وتجديد تفويضها كلما اقتضى الأمر، حتى يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل عادل وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.