هل من مصلحة «نتنياهو» تقديم لائحة اتهام ضده قبل الانتخابات؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

يقترب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت، من الانتهاء من بحث ملف الفساد المعروف إعلامياً بملف ٤٠٠، والذي يشتبه فيه نتنياهو بتقديم تسهيلات ضريبية، اثناء إشغاله منصب وزير الاتصالات، لشركة الاتصالات الإسرائيلية «بيزك» لقاء الحصول على تغطية صحافية ودودة من موقع «واللا» الاخباري العبري الذي تعود ملكيته لرجل الأعمال شاؤول ايلوفيتش، هذا البحث قد يستمر لأسبوعين قادمين.
نتنياهو، تقدم بطلب من خلال محاميه، بتأجيل اتخاذ قرار بشأن قضايا الفساد المشتبه بتورطه بها، الى ما بعد الانتخابات، إلا أن مندلبليت وفي رد مكتوب على هذا الطلب قال إن إجراءات العمل على ملفات التحقيق ذات الصلة برئيس الوزراء، والتي شرع بها قبل قرار تبكير الانتخابات، متواصلة كما كان مقرراً لها «ولن امنع اتخاذ قرار في القضايا المتعلقة بك حتى في هذه الفترة» والمقصود هنا كما هو واضح الفترة التي تسبق الانتخابات؟
ومنذ تم الإعلان بقرار تبكير الانتخابات البرلمانية، ظل هاجس امكانية تقديم لائحة اتهام، على ملف او اكثر، من ملفات التحقيق مع نتنياهو، التخوف من إمكانية واقعية لتأثير ذلك على مجرى الانتخابات ما يعني، نظرياً، تراجعَ فرص نتنياهو في الحصول على عدد أصوات اكثر سواء لصالح حزبه، او لصالح رئاسته المحتملة للحكومة القادمة، إلا ان هذا الربط يبقى غير واقعي اذا ما راجعنا دلالات واستنتاجات استطلاعات الرأي الأخيرة والتي أجمعت على تفوق الليكود ونتنياهو، اكثر وافضل من اي انتخابات سابقة والحصول على تصدر واضح في الانتخابات المبكرة، حتى في حال توجيه لائحة اتهام ضد هذا الأخير، والتفسير الوحيد لهذه المفارقة، أن الحديث عن او تقديم لائحة اتهام انما تخدم الليكود كما تخدم نتنياهو، عكس ما يمكن استنتاجه نظرياً، ويعود ذلك بنسبة ما الى عدم ثقة الإسرائيليين بالقضاء، وحسب آخر استطلاعات الرأي حول هذه المسألة، هناك أغلبية إسرائيلية تشير الى أنها لا تثق بالقضاء الإسرائيلي، وهذه الأغلبية في معظمها من الجمهور اليميني الذي يعتبر نتنياهو «ملك اسرائيل» ليس بالمعنى السياسي فقط، بل بالمعنى التوراتي أيضاً، ما يشير الى أن الحملة الشعواء التي شنها نتنياهو بمساعدة وزير العدل ابيليت شكيد على المؤسسة القضائية، واتهامها بأنها ألعوبة بيد «اليسار» وأنها تخضع لضغوط يسارية قد نجحت في التأثير على الرأي العام، واليميني منه على وجه الخصوص.
من المعروف ان توجهات وقرارات المؤسسة القضائية، بما فيها مجريات التحقيق او توقيت توجيه لوائح اتهام، تحظى بسرية مطلقة، لكن الصحيح أيضا ان تسريبات مستمرة من هذه التوجهات تصل الى بعض وسائل الإعلام. طلب نتنياهو مؤخراً من المستشار القضائي تأجيل توجبه لائحة اتهام ضده الى ما بعد الانتخابات، وكذلك رد المستشار القضائي، ثم تسريبها لوسائل الإعلام وهذا الأمر ليس استثناءً، لكن بعض الآراء تعتقد ان نتنياهو معني أكثر من اي وقت مضى، بمثل هذه التسريبات الراهنة، فعندما تكون المؤسسة القضائية ضده، فهذا يعني المزيد من الأصوات لصالحه، بالنظر الى ما سبق وان أشرت اليه من عدم وثوق الجمهور بالقضاء الإسرائيلي. نتنياهو سيظل «مناضلاً» ضد المؤسسة القضائية من خلال اثارة الاخبار المتواصلة حول امكانية توجيه لائحة اتهام ضده اثناء الحملة الانتخابية.
على مستوى الشارع الإسرائيلي، فإن تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، قبل الانتخابات البرلمانية، ستُفهم على ان الأمر ينطوي على مؤامرة على رئيس الحكومة، وبذلك تصبح لائحة الاتهام ضد نتنياهو ما هي الا لائحة اتهام ضد القضاء الإسرائيلي، هذه هي المعادلة التي يهدف نتنياهو الى التوصل لها.
وفي هذا السياق، من المتوقع، في حال فوز الليكود ونتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة، كما هو متوقع، فإن اول ما ستتقدم به الحكومة الى الكنيست الجديد، مشروع قرار يمنع بموجبه محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي اثناء توليه منصبه.. وهذا يعني تجميد كل أشكال وتوجهات القضاء الإسرائيلي ضد نتنياهو الى أجل غير مسمى!!