حان الوقت لإسقاط نتنياهو

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم: ألون بن مائير

إن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة في 9 نيسان، لا يشكل سوى حيلة سياسية أخرى تعلم نتنياهو أن يبرع في توظيفها في الوقت المناسب للتأكد من تحقيق انتصار آخر. وقد يعتقد المرء أنه بعد 10 سنوات متواصلة في السلطة، سوف يتخلى عن دوره كزعيم لحزب الليكود ويترك المشهد السياسي بشيء من الكرامة، خاصة الآن وهو يواجه ثلاث تهم على الأقل. وما سمح لنتنياهو باجتياز المستنقع السياسي الإسرائيلي هو النظام السياسي الذي يشجع على الانقسام والتنافس الشخصي الشديد والمصالح الشخصية التي غالباً ما توضع فوق الحزب أو المصالح الوطنية.

على الرغم من أن إسرائيل دولة ديمقراطية، إلا أن نظامها السياسي الديمقراطي آخذ بالتآكل باستمرار. فهناك على الأقل 10 أحزاب سياسية في الكنيست. ويتشكل ائتلاف نتنياهو الحالي من خمسة منها، وهناك ستة في المعارضة. وتم تشكيل خمسة أحزاب أخرى قبل انتخابات نيسان.

وكل زعيم لهذه الأحزاب يعتقد أنه أو أنها الأكثر آهلية لمنصب رئيس الوزراء ويمكن أن يقود البلاد إلى السلام والازدهار. غير أن الحقيقة هي أنه لا يوجد حتى الآن أي حزب حالي أو حديث العهد ينشئ إطارا لاتفاق سلام مع الفلسطينيين في إطار سلام عربي إسرائيلي شامل، وهو أمر أساسي لرفاهية وأمن إسرائيل في المستقبل.

ومن الواضح أن وجهات النظر السياسية والإيديولوجية المتنوعة يجب الترحيب بها تحت أي ظرف من الظروف. وعلى الرغم من أن أوجه التشابه في الآراء السياسية / الإيديولوجية للأحزاب السياسية الإسرائيلية من اليسار، وعلى نحو مماثل مع أحزاب الوسط والأحزاب الدينية، يصر كل حزب داخل هذه التجمعات السياسية للحفاظ على "أجنداتهم الاجتماعية والسياسية الفريدة"، وبالتالي استقلالهم. ولهذا، فإن كثرة الأحزاب جعلت من المستحيل على أي حزب الحصول على أغلبية مطلقة لينتهي بتشكيل حكومة ائتلافية يقودها زعيم أكبر الأحزاب.

ونتيجة لذلك، اضطرت جميع حكومات الائتلاف على مر السنين إلى تقديم تنازلات بشأن العديد من القضايا الحاسمة. وعقب المفاوضات المكثفة حول شروط الائتلاف، قاموا في نهاية المطاف وبشكل متكرر بالاتفاق على القاسم المشترك الأدنى. وأدى هذا إلى الفشل حتى في القضايا الأكثر خطورة التي تواجه الأمة وبخاصة الصراع مع الفلسطينيين.

وعلى نفس المنوال، فإن عدد منظمات المجتمع المدني التي تكرس نفسها لتعزيز رفاهية إسرائيل وسلامها قد ارتفع إلى أكثر من 120 منظمة. وكل واحدة منها تبنت قضية جديرة ترتبط إلى حد كبير بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي إلى جانب القضايا الاجتماعية السياسية. إلا أنهم لم يعوا أهمية توحيد جهودهم وخلق حركة قوية يمكن أن تؤثر على الخطاب السياسي الوطني. وأتيحت لي الفرصة للالتقاء مع العديد من رؤساء هذه المجموعات التي رغم عدم فشلها واشتراكها بأهداف متشابهة جدًا، إلا أن كل ممثل لهذه الجماعات يروج بكل قوة إلى زاويته الخاصة والتأكيد على أن ما يقوم به يشكل السبيل الوحيد.

خرجت من هذه اللقاءات واقتنعت بأن هذه المنظمات تختلف فقط بفارق ضئيل. وكما هو الحال مع الأحزاب السياسية، يريد كل مؤسس لهذه المنظمات أن يكون قائداً ولا يرغب في مشاركة دوره القيادي مع الآخرين. إن فشل هذه المنظمات المدنية في الاندماج في حركة سياسية واحدة أدى الى حرمانها من القوة التي يمكن أن تمثلها جبهة موحدة كحركة وطنية لا يستهان بها.

وبغض النظر عن الحزب الذي سيفوز بالأغلبية النسبية في الانتخابات المقبلة، فمن المحتمل أن يتغير القليل في ديناميكية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وعلى مر السنين، انخرطت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في سرد ​​عام متعمد أدان الفلسطينيين وأنه لا يمكن الوثوق بهم لأنهم ملتزمون بتدمير إسرائيل.

الفلسطينيون أنفسهم انخرطوا في رواية مناوئة لإسرائيل وبررتها بسبب الاحتلال. وبينما يوجد عنصر قوي داخل المجتمع الفلسطيني يسعى لتدمير إسرائيل، فلا شك أن الغالبية العظمى تريد إنهاء الصراع والعيش في دولة خاصة بها بأمن وسلام الى جانب إسرائيل.

ومع هذا، هناك أعداد متزايدة من الإسرائيليين ممن أقتنعوا بالرواية العدائية المستمرة التي يدافع عنها نتنياهو، والذي صرح بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية تحت حكمه، يعتقدون أن هناك احتمال ضئيل أو لا أمل في التوصل إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك، فإن تخويف نتنياهو وتضخيمه الماهر للتهديد الإيراني دفع الصراع الفلسطيني إلى الوراء.

وبالتالي، فإن غياب حاجة ملحة من قبل الحكومة لصنع السلام قاد الى الرضا العام والى تحرر الأحزاب السياسية من الوهم. وما زاد الأمور سوءًا هو أن عددًا متزايدًا من الإسرائيليين ينتقل إلى يمين الوسط. حتى أحزاب المعارضة التي دعت إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين تتردد الآن في الحديث عن الحاجة لإنهاء الاحتلال للخشية من وصفها بالخيانة.

وتشير الاستطلاعات الأخيرة التي أُجريت في إسرائيل إلى أن نتنياهو قد يربح الأغلبية النسبية ويشكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. ومثل هذه النتيجة ستكون كارثية بالنسبة لإسرائيل لأنها تعني ببساطة أنه لن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين. وستواجه إسرائيل خطراً متزايداً لأن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار ويمكن أن ينفجر، كما أن مواصلة النزاع قد يشجع إيران فقط على مواصلة تحريض الفلسطينيين المتطرفين، بما في ذلك بعض عناصر حماس لمضايقة إسرائيل وحرمانها من العيش في سلام واستقرار.

وبرغم عدم احتمالية تجمع الأحزاب القديمة والجديدة من اليسار ويسار الوسط حول قائد واحد يستطيع أن يتحدى نتنياهو وحزبه بشكل جدي، فيجب على الأقل الإتفاق على برنامج سياسي مشترك يقدم خريطة طريق للسلام مع الفلسطينيون. وفي الواقع، إسرائيل بحاجة ماسة إلى زعيم جديد، ذو رؤية وشجاع وواضح وصادق وملتزم ويبحث بلا هوادة عن سلام إسرائيلي فلسطيني.

قد ينجح رئيس هيئة الأركان السابق للجيش بيني غانتس الذي شكّل حزبه الخاص ، "الصمود لإسرائيل" ، في الإطاحة بنتنياهو شريطة قيام أحزاب اليسار والوسط بدعمه. والسؤال المطروح: هل سيضع قادة هذه الأحزاب المصلحة الوطنية فوق مصالح أحزابهم وشهواتهم للسلطة؟ ربما ينبغي أن يتذكروا أنه على الرغم من الإنجازات العجيبة التي حققتها إسرائيل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والأدوية والتنمية الاقتصادية والهندسة الزراعية والبراعة العسكرية وحتى استكشاف الفضاء، فإن مصيرها يعتمد على السلام.

وتقدم الانتخابات البرلمانية القادمة للإسرائيليين فرصة تاريخية لتخليص أنفسهم من القادة التحريفيين والقوميين والمتعصبين بصورة عمياء مثل نتنياهو الذين قادوا إسرائيل إلى الضلال وعرضوها للخطر المشؤوم بفقدان مبادئها الديمقراطية وهويتها الوطنية اليهودية.