11 آب 2015
يهود الولايات المتحدة قلقون. أحد ما تجاوز «الخطوط الحمر». لا، هذا ليس نتنياهو.
من يجب على اليهودي أن يؤيد؟ معارضي الاتفاق أم مؤيديه؟ هناك الكثير من المبررات المشروعة مع وضد. المشكلة هي أنه عندما يعرب غير اليهودي عن موقف سياسي، يكون هذا موقفاً موضوعياً. ولكن عندما يعبر اليهودي عن موقف، فانه في مشكلة. اذا كان يؤيد، فقد يعتبر كأنه يترك اسرائيل لمصيرها. واذا كان يعارض، فانه سيتهم على الفور بالولاء لاسرائيل. وبالانجليزية يسمون هذا «Israel Firsters» (تعبير تنديدي باليهود ممن يفضلون المصلحة الاسرائيلية على المصلحة الأميركية). ويكاد يكون هذا اتهاماً بالخيانة.
اوباما ونتنياهو يتصارعان على الرأي العام اليهودي والزعامة اليهودية. والنتيجة المحتمة هي ابراز «القوة اليهودية». فاذا كانت الأغلبية ضد الاتفاق، وبالتأكيد اذا كانت الاغلبية تتغلب على الفيتو الرئاسي فان الشكاوى ضد اليهود سترتفع درجة. وقد سبق أن اطلقت في الماضي، ومن شأنها أن تعود بكامل قوتها: مرة اخرى يجر اليهود الولايات المتحدة الى مواجهات زائدة مع العالم الاسلامي، مرة اخرى يخدمون مصالح دولة أجنبية، مرة اخرى مالهم الطائل يؤثر على مجلسي الشيوخ والنواب.
غير أن البحث في الموقف اليهودي ارتفع درجة منذ الآن. فهذه ليست فقط مواقع الكترونية هامشية، معقبين، وشبكات اجتماعية. المشكلة هذه المرة ليست الهوامش. فالمجلة اليهودية «تابلت»، التي تصر على التنوع السياسي، والكثير من محرريها يؤيدون الاتفاق، نشرت مقالا افتتاحيا غير مسبوق في حدته، حيث وجه اصبع الاتهام الى البيت الابيض. وتدعي المجلة بأنه من هناك تنشر الادعاءات الفاسدة عن «الولاء المزدوج» وعن «لوبي المصالح الاجنبية».
«هذه مادة ظلماء وحقيرة، يمكن سماعها في مسيرة «القوة البيضاء» وليس من الرئيس الأميركي. وحتى اولئك منا ممن يؤيدون الادارة والاتفاق اصيبوا بالصدمة من هذا الخطاب»، جاء في المقال. غضبُ الكثير من اليهود، بمن في ذلك محررو «تابلت»، وُجه ضد التسريبات عن الخطاب الذي يستخدمه اوباما في مكالماته الهاتفية لاقناع اعضاء الكونغرس.
الحقيقة هي ان «القوة اليهودية» بالاساس هي وهم. هذا لا يعني أن اليهود يعيشون على الصدقات بل بالعكس هم يزدهرون. هم أصحاب مواقع أساسية في مجالي المعرفة الأهم – الاعلام والاكاديميا. ولكن لا توجد «قوة يهودية». لأن اليهود ليس لهم موقف موحد. أمام المؤسسة اليهودية، والتي هي بشكل عام مؤيدة لاسرائيل، هناك اليهود في الصحف وفي الاكاديميا ممن مواقف بعضهم تتراوح في المجال الذي بين العداء التام لاسرائيل وبين انعدام التأييد الصرف لاسرائيل.
في الخطاب اللاسامي للصحافة الأميركية بشكل عام والـ»نيويورك تايمز» بشكل خاص هناك مؤشرات بارزة «للقوة اليهودية». هناك شيء واحد يمكن قوله بيقين عن الـ»نيويورك تايمز»، وهو أنها ليست مؤيدة لاسرائيل. فهذه مركز قوة مساوية في قيمتها على الاقل لمؤتمر الرؤساء، وربما اكثر بكثير. وبشكل عام، فان المنتقدين الاكثر حدة لاسرائيل هم بروفيسورات وصحافيون يهود. اليهود يمثلون بقدر اكبر بكثير من نصيبهم النسبي بين السكان في حملة الـ»بي.دي.اس». وهكذا فان كل الاحاديث عن «القوة اليهودية» في سياق التأييد التلقائي لإسرائيل هي هراء.
الرأي العام في الولايات المتحدة تغير بالفعل. ففور التوقيع كانت هناك أغلبية مطلقة تؤيد الاتفاق مع ايران، سواء بين عموم الجمهور ام في اوساط اليهود. اما الآن فمعظم الأميركيين يعارضون الاتفاق، ويتبين أن معظم اليهود ايضا كذلك. هذا لم يحصل بسبب «القوة اليهودية». هذا حصل بسبب الكلمة المحرجة التي القاها جون كيري في الكونغرس، ولأنه انكشفت المزيد فالمزيد من العلل في الاتفاق.
اذا ما استمر الميل، فهذا لن يحصل بفضل الاعلام الناجح لنتنياهو او اللوبي اليهودي، بل بسبب التسويق الفاشل لاوباما. فقد تجاوز خطوطا حمرا وقد يدفع الثمن.
عن «يديعوت»