هل بدأت نهاية عهد التخريف العربي؟

22.PNG
حجم الخط

 

تعالوا نتفق أولاً أن الصراع مع إسرائيل المندلع منذ سبعين سنة ما يزال مستعرا ومحتدما، بالرغم من اتفاقيات السلام النوعية التي وقعت مع مصر كأكبر دولة عربية، والأردن كأطول حدود متاخمة، ومنظمة التحرير كصاحبة شأن، فتبدو اسرائيل بهذه الاتفاقيات وكأنها حققت ما صبت إليه استراتيجيا وأكثر بكثير مما حققته في الحرب.

وحين كنا نقول للمحققين في الأقبية أن سلامكم مع مصر سلام بارد لأنه بدون شعبها ، كانوا يردون انه أفضل من الحرب، و مع المنظمة انه مع حركة فتح فقط ، كانوا يردون انه الفصيل الأكبر، وهو يكفينا في هذه المرحلة.

لم تكن حماس قد شبّت بعد وأصبحت على ما هي عليه اليوم من قوة يشار لها بالبنان، حتى جاء ترامب وصفقة قرنه، على أنقاض ما تبقى من مخزون هذه الأمة، سوريا وقبلها العراق ، فيرمي صفقته باعتماد القدس كلها عاصمة لإسرائيل .

في مقابلة حسن نصر الله ، وهو مجرد رئيس فصيل لبناني ، كشر عن أنياب حقيقية ، "وهو يبتسم" وفق المتنبي، وهو مشهد افتقدته الأمة منذ الراحل جمال عبد الناصر، أي منذ نصف قرن بالتمام والكمال، بالالتفاف الجماهيري الملاييني من حول المذياع "صوت العرب" آنذاك .

ما يلفت النظر إزاء هذه المقابلة ردة الفعل الاسرائيلية التي تناولتها بإعادة البث والتحليل والتعقيب والنشر في معظم إن لم يكن في كل وسائل الإعلام العبرية ، وتجاهل مطبق من وسائل إعلام السلطات العربية الرسمية ، حتى الترجمات العبرية التي تقوم عادة بها بعض وسائلنا، اسقطت من ترجماتها كل ما يتعلق بالمقابلة.

قد تكون الأسباب على وهنها متعددة ، من بينها : «شبّعونا حكي» ، ولكن التفاف الملايين في كل الأصقاع والجنسيات والمشارب، ليس مجرد «حكي» ، وليسأل "شبعانو الحكي" أنفسهم : هل هناك من زعيم عربي اليوم يستطيع استقطاب كل هذا الرأي العام العربي من حوله؟.

عندما أقدم السادات على فعلته: توقيع اتفاقية سلامه المنفرد مع إسرائيل ، قال رئيس بلدية بيت لحم الراحل، الياس فريج، الذي أصبح أول وزير سياحة في أول حكومة سلطة شكلها الراحل ياسر عرفات، قال : إن السادات قد ألقى على اسرائيل قنبلة سلام نووية.

لكن اسرائيل بعدها أمعنت في تخريب الوطن العربي، اجتاحت لبنان وعاصمته بيروت، وظلت تتنازعه عشرين سنة، وعملت على تدمير العراق بما كان يمثل من أمل مفترض صاعد لهذه الأمة. وقبل ثماني سنوات، أرادت اسقاط دمشق ، لكن دمشق صمدت وانتصرت، واحد مقومات نصرها، هذا الحسن نصر الله، الذي أعلن منذ البدايات انه سينصرها وسينتصر لها، وبها ومعها ومع باقي محور المقاومة هدد بقصف كل اسرائيل ، معلنا بذلك انتهاء عهد التخريفات العربية و"قنابل سلامهم النووي"