ثمة ما هو مهم التوقف عنده ، كمفاتيح رئيسية لحل الازمات الوطنية الفلسطينية ، وفي ظل ظاهرة الفصائل التي فرضت وجودها على الساحة الفلسطينية منذ انطلاقة فتح عام 1965 كرائدة لمكون ثوري تحرري للشعب الفلسطيني وبوتقتها الجامعة منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترف بها العالم ممثلة شرعية ووحيدة للشعب الفلسطيني ودخول منظمة التحرير في المسار السلمي التفاوضي مع اسرائيل وببرنامج تراوح بين الحل المرحلي عام 1974م والمسار الاستراتيجي بحل الدولتين على قاعدة قراري مجلس الامن رقم 242وبتاريخ 22نوفمبر عام 1967م وهو القرار الذي كانت نصوصه محل اختلاف في ترجمة نص الانسحاب من الاراضي التي احتلت عام 67م والقرار 338 الصار في 22 اكتوبر عام 73 والذي ينص على وقف اطلاق النار والدخول في مفاوضات سلام لحل عادل في الشرق الاوسط بعد ان دخلت القوات المسلحة المصرية سيناء محطمة خط بارليف ومسيطرة على قناة السويس .
قبلت حركة فتح الحل المرحلي واقامة الدولة على اي جزء محرر من الاراضي الفلسطينية في عام 74 م وحصدت موافقة المجلس الوطني ، ومن ثم تبنت منظمة التحرير طرح حركة فتح باقامة الدولة على اراضي 67م في الضفة وغزة وطلبت من النظام الرسمي العربي بسط سيطرتها السياسية والوطنية على كل من الضفة بقرار الاردن فك الارتباط مع الضفة في يوليو عام 1988م وبعد 5 شهور تقريبا اي في 22 نوفمبر وفي الجزائر اعلن الرئيس عرفات اعلان الاستقلال واقامة الدولة على اراضي 67م واعترفت 105 دول باعلان الاستقلال وتحولت ممثليات منظمة التحرير في تلك الدول الى سفارات .
في معظم المنعطفات التي مرت بها فتح وابرز انشقاق ابو نضال البنا عام 74م وانشقاق ابو موسى عام 83م وبعد ذلك انشقاق ابو الزعيم ولكن حركة فتح ومنذ تأسيسها الاول لم تعيش في استقرار داخلي فهناك من المؤسسين رحلوا عنها بشكل مبكر ، وهنا لا نريد ان ندخل في مسببات الانشقاقات والتي كانت تحمل عدة مطالب اصلاحية بعد كل منعطف سواء في الازمة العنفية مع الاشقاء في الاردن او ما بعد اجتياح بيروت وانسحاب القوات من الجنوب بقيادة الحاج اسماعيل جبر لكن من المهم ان تلك الانشقاقات تم احتضانها من العراق وسوريا وانشقاق ابو الزعيم المراوغ اخذ مقره الاردن وليتولى فيما بعد ابنه حازم عطا الله قيادة الشرطة للسلطة الفلسطينية .
بالتاكيد ان الانشقاقين كان لهما وجه دموي وانسلاخي على حركة فتح وفرز فكري بين تيارات مختلفة والاخطر كان لنشاط ابو نضال البنا في تصفية قادة وكوادر مشهود لهم بالنقاء في داخل حركة فتح الام ابرزه ابو اياد صلاح خلف وابو الهول والعمري وتصفيات في الساحة اللبنانية والساحات الخارجية ، وما زالت هناك علامات استفهام كبرى على نشاطات ابو نضال الذي عمل على تصفية نهج داخل فتح مكن لسيطرة نهج اخر قام بمعمليات تسوية مع اسرائيل كان اهمها اتفاق اوسلو ومن ثم تنصيب محمود عباس رئيسا لفتح ولمنظمة التحرير وقوات الامن الفلسطينية اما انشقاق ابو موسى فكان له الصدام المسلح بين قوات فتح الام وقواته بدعم فصائل اخرى في نهر البارد والبداوي . تقريبا بعد الاقتتال المؤسف بين قوات السلطة باجهزتها في غزة مع حركة حماس وما تمخض عنه من ضحايا ، وكانت لعبة الدم هي الفيصل في الحالة الخلافية بين ابناء الوطن الواحد ، وعلى ما اعتقد ومن شهود لتلك المرحلة ان الاقتتال كان مدبر لاحداث انقسام تورطت فيه القيادة السياسية برئاسة عباس منذ قبول الطرح الامريكي الاسرائيلي بموجوب انتخابات تشريعية وما قبلها عندما فرضت امريكا والدول المانحة موقع رئاسة الوزراء بقيادة الرئيس الحالي عباس وتقليص صلاحيات ابو عمار ، عانت فتح من انقسامات داخلية وان كان اغلبها اختلفوا مع ابو عمار ولم يختلفوا عليه ، ولكن البعض كان ينظر للحالة الخلافية وحصار عرفات بانه هو الوقت المناسب لاقتناص قرار فتح ومنظمة التحرير واحلال هذا النهج بدلا من منهج عرفات مع حلم نقل القرار الفلسطيني والثقل التنظيمي والمؤسساتي من غزة الى الضفة وهو حلمهم التاريخي الذي تحقق بتسميم عرفات وبصرف النظر عن الجهة التي قامت بالتسميم والاحتلال احد اركانها الاساسية ، المهم هنا ان هذا النهج اعاد حساباته من جديد معبرا عن نفسه في برنامجه السياسي والامني والتفاوض مع الاحتلال والمفاوضات خيار استراتيجي زانعدام البدائل لديه في حالة الفشل امام تقدم سريع ومذهل في الاستيطان وسيطرة الاحتلال على كل مفاصل الضفة .
حماس التي دخلت الانتخابات وفازت بها وشكلت الحكومة برئاسة هنية كواقع انتخابي ديموقراطي ، كان مطلوب منها ان تعمل ببرنامج منظمة التحرير والتزاماتها واتفاقياتها وهذا ما رفضته حماس ، ولكن ننوه هناك ان الصراعات بدأت تتفجر بين الاجهزة الفلسطينية ولا نريد هنا ان ندخل في تفاصيل تلك الصراعات واثارها السلبية على حركة فتح ، ولكنني على قناعة بان سيناريو الانقسام كانت هناك ايدي اقليمية دولية لها يد فيه مشتركة مع اطماع البعض في فتح لبسط نفوذهم وسيطرتهم عليها بسلطة في الضفة واضعاف بل احداث انهيار لحركة فتح في غزة وقادتها وكوادرها واضعاف تمثيلها في الاطر والمؤسسات الحركية . حدث الانقسام في عام 2007م وانتقلت كل دوائر فتح والسلطة وارشيفها الى الضفة قبل الصدام المسلح والمباشر على الاقل 45 يوما ودخلت حماس بقوة ايضا في المسؤلية التاريخية للانقسام وما وضعت فيه من مأزق يحدد خياراتها .
محمد دحلان والتيار الاصلاحي بداخل فتح :-
منذ الانقسام عام 2007م بدأت الرؤوس الحاقدة في فتح وعبر مقاطعة رام الله تبحث عن مخرج لازمتها وتبرير وتعليل واسناد المسؤليات لما حدث على محمد دحلان والامن الوقائي ، في حين كان محمد دحلان خارج البلاد وبعد ذلك يمارس مهامه الوطنية والحركية من رام الله الى ان اتى انعقاد المؤتمر الحركي السادس في يونيو عام 2009م ، فكانت المسؤلية التاريخية لمحمد دحلان وبكلمة القاها في المؤتمر ليرد على تلك الاتهامات التي كان ورائها عمل مدبر لاقصاءه " والذي قال فيها ( من حقي ومن حق غزة ان تعرف الحقيقة التي صمت عليها سنتين ونكل بي شخصيا "" تلك الكلمة القوية التي الجم واخرس فيها المدعون واظهر المسؤليات التي تحوم حول من تسبب بهذه الكارثة ومن ثم فاز باصوات 853 صوتا بترتيب العاشر من عدد الفائزين وهم 18.
عباس نكث بوعده الذي قطعه عليه باجراء اصلاحات و باحياء دور المؤسسة الحركية ومؤسسات السلطة ومهنية العمل التي كان وعد بها بالاصلاح بل تعمقت مظاهر الفساد في فتح والسلطة وابناء الرئيس والاثراء الغير مشروع وسوء ادارة ملف التفاوض مع الاسرائيليين والتنسيق الامني ، وصندوق الاستثمار ، وتحول محمود عباس الى ديكتاتور ومستبد في كل القرارات التي تخص اليات عمل فتح والسلطة ، ولكن مخطط اقصاء دحلان كأستراتيجية لديهم لم يتوقف باعتباره الرجل القوي الذي يمكن ان يحبط مخططاتهم وبالتحديد في قطاع غزة وفتح في غزة ، سيناريو من السهل لاي متتبع لاكتشاف تلك المؤامرة وخيوطها ، وتحركت الماكينة الاعلامية والتشويهية وزادت حدتها في عام 2011م واظهار حالة خلافية وشخصية بين ابو مازن ودحلان في حين ان عمق الخلاف ان عباس لم ينفذ ما وعد به عند ترشيحه لرئاسة الوزراء وعندما تم ترشيحه كخليفة لياسر عرفات ، طبعا خلال تلك الفترة سيطر عباس على السلطات الثلاث وتم اقتحام منزل دحلان في رام الله وتهيئة قضايا وغيره وحملات تشويش واتهام توطئة لاتخاذ قرار الفصل في حين ان رئيس ما يسمى محكمة الفساد " النتشة " قال ليس لدي ادلة على اي تهمة فساد لدحلان "" وبرغم من ذلك اتخذت اللجنة المركزية قرار فصل دحلان بتاريخ17\11\2015م علما بان المحكمة العليا وردا على الادعاء ردت القضية لعدم الاستيفاء .
وطنية دحلان وانسانيته ووحدة فتح:-
من سمات شخصية دحلان ان الحالة الانسانية تتغلب على مضخات الحقد لدى الاخرين ووطنيته ايضا فما يمتلكة دحلان من معلومات وان اثارها ستنعكس كليا على حركة فتح ولذلك يلتزم الصمت في غالبية الاحيان ولم يرد على كل من تطاولوا وشككوا به بل كان الميدان الوطني والانساني اهم سلوكياته ، وخاصة من اجل فتح وغزة والمخيمات وازمات الحصار على غزة التي دفعته بقوة بان يتقذ فتح وكوادرها في غزة وتعزيز قوتها والاصطفاف الى جانب الفقراء والازمات الاجتماعية كالفقر واولياء الدم والبطالة والتعليم الجامعي وتبني العديد من طلاب الدراسات العليا.
دحلان فتحاويا :-
اعتبر دحلان قرار فصله باطلا ففتح حركة تحرر لا يملكها فرد بل اطار وشراكة ونظام داخلي ولذلك تجاوب دحلان مع كل المحاولات الفلسطينية والاقليمية لاعادة وحدت فتح واعتبر ان نضالاته تتم من داخل فتح ولا تمثل انشقاقا عنها او عن برنامجها ومستفيدا من التجارب السابقة التي وضع فيها الاخرين عندما اعترضوا على سلوكيات وبرامج ومظاهر فساد وتحديد خياراتهم بممر واحد للانشقاق ، ولذلك وفي احد خطاباته الحاقدة قال عباس وبعض قادة فتح في الضفة فل يذهب وينشيء تنظيم له وليدع فتح ..؟؟؟ وهذا يبين الغاية من استهداف دحلان منذ بداية التامر عليه ، دحلان استوعب التجربة واعلن اكثر من مرة انه مع وحدة فتح ويستجيب الاي مبادرة وخاصة ما قامت به مصر والتي لاقت رفضا من عباس .
التيار الاصلاحي :
بعد استنفذت كل المحاولات لكي يتراجع عباس عن قراراته الانفصالية الاقصائية ، وكتاريخ فتح من الشرفاء الذين سريعا ما يؤازرون بعضهم لمطالبهم العادلة حركا ووطنيا كان لسمير المشهراوي موقف وطني تاريخي بالاصطفاف الى جانب رفيق دربه محمد دحلان رافضا اي اغراءات او منصب او موقع ملتحما هم وعشرات الكوادر الى جانب اخيهم وهي ليست محنة محمد دحلان فقط بل محنة فتح ومحنة فتح في غزة وباقي المناطق الاخرى امام انهيارات تتعرض لها فتح وتحويلها لحركة مدجنة واذكر هنا ماجد ابو شمالة وسفيان ابو زايدة وابو عمر المصري ومجموعة من كتلة فتح البرلمانية ورعيل من الكوادر ليؤسسوا التيار الاصلاحي على درب الاصلاح التاريخي في فتح ، وعلى درب وحدة حركة فتح ، واصبح التيار الان يمثل قاعدة عريضة من الفتخاويين سواء في غزة او لبنان واروبا وكل المناطق التي يتواجدبها فلسطينيين وما زال رافعا شعار وحدة فتح ردا على كل الاجراءات التعسفية القرارات التي يتخذها عباس كراس القرار للفئويين من قطع الرواتب والفصل لمئات الكوادر والعناصر ، ويعتبر سمير المشهراوي العقل الذكي لحراك التيار وانتشاره متسلحا بالاخلاق الحركية والوطنية وادبياتها فهو رجل بقلب ثورة ، ولكن ما اريد ان اسجله الان ما صدر عن التيار في اجتماعه في ابو ظبي من 9 الى 12 من يناير حول تأكيد وحدة فتح والعمل عليها بفتح باب الوحدة الحركية مع كل التيارات السابقة وهي رؤية تعيد فتح ومسيرتها وشعبيتها وقوتها ووحدتها امام فئة اعتبرت وجود فتح بتحقيق مصالحا .
التيار الاصلاحي والوحدة الوطنية :-
طرح قائد التيار الاصلاحي محمد دحلان المستقبل الاطاري للنظام السياسي الذي يومن بالقيادة الجماعية وانتهاء عصر الزعيم الاوحد والايمان بمبدأ الشراكة وقرار الحرب والسلم بما في ذلك اطروحات تجاوزت اربعة مبادرات قدمها محمد دحلان وصولا لانهاء الانقسام وتجديد الشرعيات ولعب دور مسؤل ووطني في تقارب وجهات النظر بين مصر وحماس بل دعى لتشكيل جبهة انقاذ وطني مشكلة من كل القوى مع حتمية سيادة الحالة الديموقراطية من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني ، رافضا سلوك وقرار عباس الذي اتي من خلال ما يسمى المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي واقرار انتخابات برلمانية قبل انهاء الانقسام وقرار اقالة حكومة رامي الحمد الله وتشكيل حكومة جديدة يقال انها فصائلية في حين ان الفصائل الكبرى مثل الشعبية والديموقراطية والمبادرة الوطنية والتيار وحماس والجهاد رفضوا الاشترك بها الا اذا كانت مقرونة بانتخابات رئاسية ايضا ومناخات يشارك فيها الكل الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس ، وجدير بالذكر بخصوص اجتماعات انهاء الانقسام والمصالحة في القاهرة ، كان موقف التيار من خلال الاخ سمير المشهراوي انجزوا المصالحة وان كانت ستمر على رؤسنا موقف عظيم ووطني مسؤول .