السلطة الفلسطينية اختارت المواجهة

مقالات
حجم الخط

بينما خرجت القيادة الإسرائيلية عن طورها كي تندد بإحراق البيت في قرية دوما، الذي أدى الى موت رضيع فلسطيني وأبيه – وذلك دون ان تعرف اذا كان بالفعل يدور الحديث نهائيا عن إرهابيين يهود – ولاسيما رئيس الوزراء نتنياهو، الذي سار بعيدا حتى اتصل شخصيا برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس – فقد حافظوا في السلطة الفلسطينية على الاعمال كالمعتاد وصمتوا أمام العملية الارهابية التي ارتكبت الاسبوع الماضي والتي رشق فيها ارهابيون عرب زجاجة حارقة نحو سيارة في القدس واصابوا امرأة بجراح متوسطة.
الهدوء الذي يسود المقاطعة في رام الله في الايام الاخيرة، بعد العمليتين الاخيرتين وموجة العمليات بشكل عام والتي وقعت وتقع في السنتين الاخيرتين ضد اليهود ولاسيما امام التنديدات التي لا تتوقف والاعتذارات في الجانب الاسرائيلي والتي انطلقت في الايام الاخيرة – تدل أكثر من أي شيء آخر على سياسة السلطة الفلسطينية ورئيسها.
في أساس هذه السياسة يقبع التشجيع والتحريض الدائمان للارهاب ضد اليهود بيد واحدة والعضوية في المحافل الاعتبارية للدول العربية في ظل اطلاق التصريحات الفارغة والضريبة اللفظية عن السلام في اليد الاخرى. فمن جهة تصرخ قيادة السلطة عن "الجرائم ضد الانسانية" التي تنفذها اسرائيل – رغم حقيقة أن اسرائيل الرسمية تعتذر المرة تلو الاخرى عن جرائم الافراد والاعشاب الضارة وتعمل على كبحهم – ومن جهة اخرى ليست مستعدة لأن تطلق تنديدا هزيلا واحدا حتى ضد المس باليهود.
المباريات الرياضية، الميادين والمدارس تسمى على اسماء الارهابيين والتعليم على التحريض اللاسامي والمناهض لليهود في جهاز التعليم وفي التلفزيون الفلسطيني هي أمور عادية في مناطق السلطة. ولكن هذه هي ذات السلطة التي تتهم الآن دولة اسرائيل باعمال الاعشاب الضارة في أوساطها، وهي التي تتوجه الى لاهاي للشكوى عن "الجرائم ضد الانسانية" التي تنفذها اسرائيل.
بدلا من الترحيب بالرغبة الصادقة من جانب اسرائيل للمساعدة في كل سبيل ممكن في موضوع الاحراق في قرية دوما، قبول الاعراب عن الندم العميق عن العمل الارهابي الذي يعود، ظاهرا، لليهود، والتعاون من أجل امساك المسؤولين عن ذلك وبالتالي خلق اجواء من الوحدة والتعايش – خرجوا في السلطة الفلسطينية في هجوم عديم اللجام ضد اسرائيل. ضمن امور اخرى، رفعوا في السلطة شكوى الى المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، والتي تتضمن ملفا مع وثائق تثبت "ارهاب المستوطنين" وخرجوا في حملة للتشهير باسرائيل في العالم، ولاسيما جمهور المستوطنين – كمسؤولين مباشرة عن العملية.
وسار بعيدا نائب أمين سر اللجنة المركزية لـ"فتح"، جبريل الرجوب، حين قال مؤخرا في مقابلة في التلفزيون الفلسطيني ان لا مانع من "ذبح المستوطنين" وان "(فتح) قررت ان العلاقات مع الاسرائيليين هي علاقات بين الاعداء، ولا تنسيق بيننا وبين اسرائيل".
السلطة الفلسطينية فشلت مرة اخرى في ساعة اختبار مهم عن طبيعتها وجوهرها. كان يمكن لزعمائها أن يقفوا الى جانب القيادة الاسرائيلية وأن يعربوا بصوت عال عن موقف واضح ضد كل عنف موجه ضد كل شخص واعلان الحرب المشتركة ضد المتطرفين. بدلا من ذلك اختار زعماؤها السلوك الدائم، كسبيلهم المقدس، وحاولوا تحقيق مكسب سياسي من الاحداث القاسية، في ظل استغلال انتهازي للحزن الوطني الفلسطيني واثارة الجماهير في حملة تحريض وتشهير اخرى ضد دولة اسرائيل كلها وضد عموم مواطنيها.

عن "معاريف"