أدانت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، سياسة ة الإفلات من العقاب السائدة في أوساط جنود الاحتلال الإسرائيلي والحصانة التي يتمتعون بها، مؤكدًة أنهم مهما فعلوا يمنحون رخصة مفتوحة للاستمرار في استهداف الأطفال الفلسطينيين، سواء بـ"القتل أو الإصابة".
جاء ذلك في تقرير أعدته الحركة العالمية بهذا الخصوص، اليوم الأحد.
وذكرت أن جنود الاحتلال قتلوا ثلاثة أطفال، وأصابوا ما يقارب من 15 طفلًا آخرين في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، خلال شهر كانون الثاني الماضي، حسب توثيقاتها.
في قطاع غزة، أصابت قوات الاحتلال الطفل عبد الرؤوف إسماعيل محمد صالحة (13 عامًا) بقنبلة غاز برأسه في الحادي عشر من الشهر الماضي خلال مشاركته في المسيرة السلمية الأسبوعية شرق بلدة جباليا، ما تسبب بكسور في جمجمته أدخل إثرها المستشفى حيث أجريت له عملية جراحية، ليعلن عن استشهاده في الرابع عشر من الشهر ذاته متأثرا بإصابته.
أما في الضفة الغربية، فقد قتل جنود الاحتلال الطفل أيمن أحمد عثمان حامد (17 عامًا) من بلدة سلواد بمحافظة رام الله والبيرة، في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وأصابوا آخر، خلال تواجدهما في أرض زراعية تعود لوالد الطفل أيمن، تقع على مقربة من الشارع الرئيسي المحاذي لبلدة سلواد.
وقال شاهد عيان -في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إنه "توجه ذلك اليوم برفقة خمسة من أصدقائه بينهم أيمن في حوالي الساعة الرابعة مساء إلى أرض قريبة من الشارع الرئيسي اعتادوا التوجه إليها بغرض التنزه وإعداد الشاي على الحطب، وخلال سيرهم ظهر ثلاثة جنود من خلف شجرة بلوط كبيرة بصورة مفاجئة، وشرعوا بإطلاق النار صوبهم دون سابق إنذار".
وأضاف: "في البداية أطلقوا النار صوبنا بشكل متقطع، ومن ثم سمعت وابلًا من الرصاص وعندها رأيت أيمن ملقى على الأرض، وقد استطعت الوصول إليه وحاولت سحبه إلا أنني شعرت بشيء قوي يضرب يدي اليمنى من أسفل الكتف فأدركت أنني أصبت، فاضطررت لترك أيمن والابتعاد عن المكان، وقد لاحظت أن صدره مليء بالدماء ولا يتحرك، كذلك فر بقية أصدقائي في اتجاهات مختلفة".
ونُقل شاهد العيان إلى مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، حيث خضع لعملية جراحية لإعادة وصل الوريد الذي قطع جراء الإصابة.
أما والد الشهيد أيمن، فأفاد "للحركة العالمية" بأنه يملك أرضًا قريبة من الشارع الرئيسي المحاذي للبلدة اعتاد الذهاب إليها مع عائلته للتنزه، كذلك يفعل نجله أيمن مع أصدقائه، بحيث يتوجهون إليها للتنزه وإعداد الشاي على الحطب.
وتابع: إن "أيمن طلب منه ذلك اليوم نقودًا بغرض شراء التسالي للتوجه مع أصدقائه إلى الأرض فأعطاه، وفي حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء تلقى اتصالا من صديق نجله يخبره فيه أن أيمن أصيب برصاص قوات الاحتلال، وجرى اعتقاله".
وأشار الوالد إلى إن قريبا له اتصل به بعد ذلك وطلب منه الحضور فورًا إلى البلدة، وعندما وصل علم بنبأ استشهاد نجله أيمن، مبينًا أنه جرى تسليم الجثمان في حوالي الساعة السابعة والنصف مساء، وتم نقله إلى مجمع فلسطين الطبي، وقد شيع إلى مثواه الأخير في اليوم التالي.
وقال والد الشهيد: إن "نجله أصيب برصاصة أسفل الرقبة من الجهة الأمامية، خرجت من تحت إبطه الأيمن، ما يشير إلى أن الرصاصة أطلقت من مكان مرتفع".
وفي الثلاثين من الشهر ذاته، قتلت قوات الاحتلال الطفلة سماح مبارك (16 عامًا) من سكان مخيم قدورة بمحافظة رام الله والبيرة، على حاجز الزعيّم العسكري، بحجة محاولتها تنفيذ عملية طعن.
ومن الأطفال الذين أصابتهم قوات الاحتلال، الطفل محمد القواسمي (15 عامًا) الذي أصيب برصاص قوات خاصة إسرائيلية "مستعربين" في مخيم شعفاط مساء الرابع والعشرين من الشهر الماضي، وأعلنت شرطة الاحتلال اعتقاله خلال تواجده في المستشفى.
وأوضحت الحركة أن عدة عمليات جراحية أجريت للطفل القواسمي فور دخوله المستشفى، مبينة أن الرصاص أطلق عليه من الخلف، فاخترقت إحدى الرصاصات منطقة الإبط من الجهة اليسرى من الصدر وخرجت من منطقة المعدة، ونتيجة لذلك اضطر الأطباء إلى استئصال الطحال، وخياطة المعدة والكبد والحجاب الحاجز.
ورغم أن الطفل القواسمي لم يشكل تهديدًا على حياة الجنود أو عناصر القوة الخاصة لحظة إصابته، وهذا واضح من طبيعة إصابته (من الخلف)، إلا أن قوات الاحتلال أطلقت صوبه الرصاص الحي بشكل متعمد.
وقد أفرجت سلطات الاحتلال عن الطفل المصاب القواسمي أول أمس الجمعة بشروط، بعد الترافع عنه من قبل محامية الحركة العالمية فرح بيادسي التي تابعت حالته منذ اللحظة الأولى لإصابته واعتقاله.
وقالت المحامية: إن "محكمة الاحتلال مددت اعتقاله أربع مرات، دون أن تقدم ضده لائحة اتهام"، مبينًة أن من شروط إطلاق سراحه: كفالة مالية بقيمة ألفي شيقل، وكفالة طرف ثالث بقيمة سبعة آلاف شيقل"، مبينة أنه ما زال يرقد في المستشفى وهو بحاجة لبرنامج علاج طويل جراء الإصابة التي لحقت به من قبل "المستعربين".
وفي ختام تقريرها أشارت الحركة العالمية إلى أن المجتمع الدولي لطالما أعرب عن قلقه جراء استخدام قوات الاحتلال الذخيرة الحية، ومع ذلك فإن استخدامها من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين العزل هو أمر شائع وعلى نحو متزايد في كافة أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يتناقض مع القوانين والأعراف الدولية.