عقد مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، جلسته الأسبوعية في مدينة رام الله برئاسة رئيس حكومة تسيير الأعمال رامي الحمد الله.
وفي مستهل جلسته، أدان مجلس الوزراء التسريبات الإعلامية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بين الحين والآخر حول اعتزامها خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء من أموال المقاصة الفلسطينية.
وأكد المجلس أن هذه التسريبات والتي تتم بالتنسيق مع الإدارة الأميركية في محاولة لممارسة شتى الضغوط وبكافة الوسائل لإجبار القيادة الفلسطينية على القبول بصفقة القرن، ما هي إلّا استمرار لممارسات وجرائم "إسرائيل" التي بدأتها قبل نحو سبعين عاماً والتي قامت على سرقة أرض الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأمواله وكتبه وتراثه وآثاره وهي تواصل ممارساتها، وتغلفها بقوانين عنصرية في محاولة لتشريع الاعتداء على أرضنا ومصادرنا الطبيعية ومواردنا المالية، والحيلولة دون إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس.
وشدد على أن أموال المقاصة هي أموال فلسطينية بحتة، وملك للخزينة العامة وهي أموال عامة لشعبنا، وأن الخصم من هذه العائدات، ما هو إلّا استمرار للقرصنة الإسرائيلية على مليارات الأموال الفلسطينية التي نهبتها، وهو مخالفة واضحة وخرق فاضح لالتزامات إسرائيل وفق الاتفاقيات الموقعة وخاصة بروتوكول باريس الاقتصادي.
وأكد المجلس أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس والتي أعلنت رفض المساعدات الأميركية، تؤكد اليوم رفضها الخضوع للمساومة والابتزاز، وأنها ملتزمة بحقوق عائلات الشهداء والأسرى وتوفير حياة كريمة لهم، وأنها لن تكون إلّا مع الأسرى وعائلاتهم ومع معركتهم حتى إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط من سجون الاحتلال ومعتقلاته، وأن الجانب الفلسطيني سيتوجه إلى المحاكم والمؤسسات الدولية، وسيتخذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية والدبلوماسية للتصدي لهذا الاعتداء على المال العام.
وشدد، على أن على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، وبدلاً من سياسة الابتزاز والضغوط والتحريض الذي تمارسه لإجبارنا على التوقف عن دعم عائلات الأسرى والشهداء، التوقف عن إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه، والتوقف عن اعتقالاتها اليومية وعن جرائم القتل التي ترتكبها تجاه شعبنا الأعزل، كما أن على الإدارة الأميركية التوقف عن سياسة التحريض والضغوط، في الوقت الذي تقدم فيه مليارات الدولارات لدولة الاحتلال وتستمر في حمايتها وتصمت على الجرائم التي ترتكبها تجاه شعبنا الأعزل.
ورحب المجلس بإعلان مجلس الاشتراكية الدولية، المباشرة بإجراءات حماية فلسطين والحفاظ على "حل الدولتين"، ودعوة الدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات ملموسة من أجل إنقاذ احتمالات السلام العادل والدائم بين فلسطين و"إسرائيل" وبقية دول المنطقة، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك الحق في دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، والتزامه، وفقاً للقانون الدولي، بوضع حد للاحتلال الإسرائيلي المتواصل للأراضي الفلسطينية التي بدأت عام 1967، وصولًا لتحقيق "حل الدولتين"، باعتبارهما دولتين ديمقراطيتين سياديتين لجميع مواطنيهما، تعيشان في سلام ووئام، وحل تفاوضي عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى دعوة الإدارة الأميركية بإعادة النظر في مواقفها الأحادية الجانب المنحازة لـ" إسرائيل".
وأكد أن تبني الاشتراكية الدولية لهذه القرارات الهامة لصالح الحق الذي تمثله فلسطين، يجدد التأكيد على أهمية المكانة العالمية التي تمثلها القضية الفلسطينية وجوهريتها، وحضورها الدائم في المحافل الدولية، وهو ما يثبت زيف وبطلان الدعاية الإسرائيلية التي تحاول طمس الصورة الحقيقية واختلاق صورة مغايرة ومشوهة للقضية الفلسطينية.
وحث المجلس الدول والحكومات الممثلة بالاشتراكية الدولية على العمل لتطبيق قراراتها، وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الرضوخ للقرارات والقوانين الدولية.
وأدان قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إنهاء مهمة بعثة التواجد الدولي المؤقت بمدينة الخليل، معتبراً أن هذا الإجراء يعطي الضوء الأخضر للاحتلال ومستوطنيه لارتكاب المزيد من الجرائم في المدينة، وكافة الأراضي الفلسطينية، كما يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقيات جنيف وقرارات الشرعية الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم "904"، والذي صدر بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي المروعة في العام 1994.
وأشار المجلس إلى أن قرار إسرائيل الأحادي الجانب بعدم تجديد تفويض بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل، إنما يهدف إلى إخفاء الجرائم وإبعاد أي رقابة دولية عن المكان، كما أنه يؤكد عدم التزام إسرائيل بالاتفاقيات التي توقعها.
ورحب المجلس بالبيان الصادر عن الدول المشكلة لبعثة التواجد الدولي، داعياً المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل، بالتراجع عن قرارها وإبقاء بعثة التواجد الدولي، وتوفير الحماية الدولية الفورية لأبناء شعبنا الأعزل، واتخاذ التدابير اللازمة تجنباً للتصعيد ولوقف العنف ضد أبناء شعبنا الذي يمارسه المستوطنون مدعومين بقوات الاحتلال.
وناشد المجتمع الدولي إدانة إسرائيل وتحميلها المسؤولية ومحاسبتها على أفعالها عقب تصاعد جرائم المستوطنين ضد المدنيين العزل وإرهابهم في مناطق سكناهم في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
كما أدان المجلس مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، انتهاكاتها وإجراءاتها التهويدية الخطيرة في مدينة القدس المحتلة لتغيير وجه المدينة وطابع المدينة المقدسة وتزييف التاريخ والمعالم الدينية والحضارية فيها، مشيراً إلى أن آخر هذه الانتهاكات مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على إقامة قطار هوائي في مدينة القدس المحتلة، ليربط القدس الغربية بحائط البراق بهدف السيطرة الإسرائيلية على البلدة القديمة، وعلى أرض المدينة المقدسة.
وطالب، منظمة "اليونسكو" بتحمل مسؤولياتها بالتدخل السريع والعاجل لوقف تنفيذ المشروع الاستيطاني التهويدي، الذي يهدد تاريخ القدس وتراثها الحضاري الإنساني، ويهدد أهم معالم القدس التاريخية الحضارية الاسلامية المسيحية، من خلال إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكابها الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته في غياب المحاسبة والمساءلة.
وأشاد المجلس بالبيان الأممي المشترك الصادر عن منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين، والممثلية الخاصة لـ"اليونيسيف"، ومنظمة "اليونسكو"، والتعبير عن القلق العميق إزاء انتهاكات الاحتلال والمستوطنين بحق قطاع التعليم في فلسطين، مؤكداً ما يتعرض له قطاع التعليم الفلسطيني من اعتداءات وانتهاكات متزايدة، بما في ذلك إصابة عدد من أبناء الأسرة التربوية، وتسليم أوامر الهدم لعدد من المدارس، والاعتداء على الطواقم التربوية والطلبة ومنع وصولهم إلى مدارسهم.
وأدان المجلس بأشد العبارات انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه وجرائمهم بحق قطاع التعليم الفلسطيني ومؤسساته والعاملين فيه، مطالباً المجتمع الدولي بالتعامل بمنتهى الجدية مع ما ورد في هذا التقرير الأممي، وما يتضمنه من تحذيرات لمخاطر وتداعيات استمرار استهداف الاحتلال والمستوطنين للمؤسسات التعليمية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية القيام بمسؤولياتها تجاه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان الفلسطيني.
وفي سياقٍ منفصل، تقدم المجلس بالتهاني إلى أبناء شعبنا بنجاح إجراء انتخابات الغرف التجارية والصناعية في الضفة الغربية، مشيداً بالأجواء التي سادت هذه الانتخابات وبهذا الإنجاز الوطني.
وأعرب المجلس عن أسفه لعدم اكتمال احتفالنا نتيجة حرمان شعبنا في قطاع غزة من المشاركة بهذا العرس الديمقراطي.
وتقدم بالتهنئة والتبريك إلى جميع الفائزين، مشيدا إنجازها بنجاح وشفافية عالية وفقاً للقانون والنظام الفلسطيني، في إطار حرص الحكومة على التجديد ومواصلة بناء مؤسساتنا على أسس ديمقراطية.
كما أعرب عن تقديره لجهود اللجنة التي أشرفت على هذه الانتخابات، وإلى كافة الجهات التي ساهمت في هذا الإنجاز، مرحبا بمشاركة المرأة في هذه الانتخابات والتي انبثق عنها فوز سيدتين، ما يعزز دور المرأة ومشاركتها في هذا العرس الديمقراطي.
واطلع المجلس على تقرير وزارة الأشغال العامة والإسكان حول ما تم إنجازه في ملف الإسكان ضمن عملية إعادة إعمار قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014، والذي أشار إلى أنه تم إنجاز ما نسبته 90% من عملية إعادة إعمار المنازل المدمرة كلياً، وتوقيع عقود المستفيدين من المنحة الألمانية أصحاب المنازل المهدمة كلياً بقيمة (23) مليون دولار.
وأشار إلى إعادة إعمار ما مجموعة (9308) وحدة سكنية مهدمة كلياً بقيمة (347) مليون دولار، وإصلاح (100) ألف وحدة سكنية بقيمة (205) مليون دولار، وترميم (17) برجاً سكنياً وتجارياً متضرراً بشكل جزئي، موضحاً أنه بإنجاز هذه المشروعات تكون قد انتهت إعادة إعمار حي الندى بالكامل.
كما أشار التقرير إلى تنفيذ مشروعات إسكانية بقيمة (200) مليون دولار، شملت بناء مدن وأحياء سكنية جديدة، وجزءا آخر من هذه المشاريع بقيمة (19) مليون دولار تم تخصيصه لترميم منازل الفقراء، إضافة إلى توقيع عقود جديدة ضمن المنحة الإيطالية لتنفيذ مشروع إنشاء (111) وحدة سكنية جديدة في حي الندى الذي تعرض للتدمير في العدوان الأخير على قطاع غزة بقيمة (3.4) مليون يورو.
أما بخصوص المنحة الكويتية، فقد تم إنجازها بالكامل فيما يخص قطاع الإسكان حيث تم الانتهاء من إعادة إعمار (2,253) وحدة سكنية بقيمة (75) مليون دولار، كما شملت المنحة الكويتية تخصيص مبلغ بقيمة 60 مليون دولار لقطاع المياه وخاصة الخط الناقل للمياه الإضافية في خانيونس والمنطقة الوسطى.
كما تم إنجاز (93) مشروعاً لتأهيل وإنشاء وتعبيد الطرق بقيمة إجمالية (48) مليون دولار في المحافظات الشمالية والجنوبية، وتم طرح (516) عطاءً حكومياً بقيمة إجمالية (407) مليون دولار، كما تم تنفيذ (120) مشروعاً لإنشاء وصيانة وتأهيل المباني العامة والمرافق الحكومية بقيمة (103) مليون دولار، ويجري حالياً تنفيذ (33) مشروعاً بقيمة (53) مليون دولار.
وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على عضوية اشتراك السنوي لعضوية فلسطين في برنامج "الشراكة في مجال البحوث والابتكار في منطقة حوض البحر المتوسط (بريما)" والذي تشارك فيه تسع دول أوروبية، إضافةً إلى سبع من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى إيجاد الحلول لمشكلة الأنظمة الغذائية والموارد المائية في منطقة حوض البحر المتوسط.
وصادق على عدد من مذكرات التفاهم الموقعة بين وزارة التربية والتعليم العالي وعدد من المؤسسات الدولية التي تهدف إلى تطوير القدرات والبرامج التعليمية، وتعزيز جودة التعليم في القدس، وتطوير قطاع الطفولة المبكرة في فلسطين بما يشمل رياض الأطفال، وتوظيف التكنولوجيا في بعض المدارس النائية.
كما صادق على اعتماد العطل والمناسبات الدينية لأبناء الطائفة السامرية العاملين في الدوائر الحكومية.
وفي ختام جلسته، أعرب المجلس عن اعتزاز الشعب الفلسطيني وقيادته بالطائفة السامرية كجزء أصيل من هذا الشعب وثقافته، مؤكدا اهتمام الحكومة بالمتابعة الدائمة لأوضاعها، مشيداً بانتماء أبناء الطائفة الصادق للوطن ومشاركتهم لأبناء الشعب الفلسطيني الهم والمصير المشترك نفسه.