تفيد معلومات مؤكدة مصدرها مسؤول رفيع في القيادة الفلسطينية أن زيارة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إلى العاصمة الإيرانية طهران، جاءت بإيعاز مباشر من الرئيس محمود عباس “أبو مازن” في مسعى منه لكسب كل محاور المنطقة لصالحه، ومع بداية حوارات المحور السني، بقيادة السعودية الذي يقيم معه أبو مازن علاقات قوية مع النظام السوري، في خطوة اعتبرت ضربة جديدة لسياسة خصمه السياسي حركة حماس، التي تفتر علاقاتها بشكل أكبر مع إيران أحد أكبر الداعمين السابقين.
ولم يربط المصدر الذي تحدث لـ “رأي اليوم” بين زيارة وفد حركة حماس للسعودية الأخيرة وبين زيارة موفد الرئيس مجدلاني إلى إيران، فالمصدر يقول أن أبو مازن لم يكن منزعج من زيارة خالد مشعل رئيس حماس ووفد الحركة للسعودية، بعد سنوات الغياب، خاصة بعد أن تلقى تطمينات من المملكة بعدم ترجيح كفة حماس على فتح، وعدم طلبها رسميا رعاية ملف المصالحة، الباقي بيد مصر.
فالمصدر المسؤول في القيادة الفلسطينية وله علاقة وثيقة بالرئيس أبو مازن يقول ان ملفات المنطقة التي تديرها السعودية، لا تجعلها مهيأة في هذه الأوقات ولا في القريب لرعاية ملف المصالحة الداخلية وأنها سبق وأن أبلغت أبو مازن، تأييدها بقاء الملف بيد مصر، برغم محاولات حماس نقله إلى المملكة.
وتبدي فتح ارتياح وعدم الشعور بقربها للتعرض لضغط سعودي لصالح حماس، خاصة بعد أن أعلن وزير خارجية المملكة عادل الجبير أن زيارة وفد حماس كانت لأداء مناسك دينية، ولم يكن لها غرض سياسي، حيث لم تصدر المملكة بيانا رسميا عقب الزيارة ولقاء وفد حماس الملك سلمان، إذ وصف البعض اللقاء وقتها بأنه للمعايدة.
ويتضح من المصدر أن أبو مازن الذي سبق وأن طرح مبادرة لحل أزمة سوريا، الحليف الأكبر لإيران في المنطقة، ولاقت وقتها استحسان دولي، أوعز لأحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع النظام السوري، بعد زيارته الأخيرة لدمشق بترتيب زيارة لطهران، وأن الاتصالات زادت وتيرتها بعد توقيع إيران اتفاقها النووي مع القوى العالمية.
ويريد أبو مازن من وراء الزيارة التأكيد على حرصه على علاقة طيبة مع كل المحاور، خاصة وأنه أعادة علاقات المنظمة على شكل أفضل مع سوريا، التي كانت تقف موقف الند له هي وإيران في الوقت الماضي، حين كانتا تساندان حركة حماس ومعارضيه، فبذلك أصبح لأبو مازن علاقة مع طرفي المعادلة الإقليمية “إيران وسوريا” والمحور السني بقيادة السعودية، خاصة وأنه ألمح إلى رغبته بذلك في الاجتماع الأخيرة للقيادة الفلسطينية، وأبلغ وقتها الحضور بزيارة مرتقبة لإيران.
خلال الزيارة التي عملت فيها السلطة على تمتين العلاقة مع طهران، جرى خلالها الاتفاق على تطوير العلاقات المشتركة, حيث شهدت علاقات الطرفين تطورا ملموسا، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة على مستوى عال للتشاور في الملف السياسي والتبادل التجاري والثقافي والتعليمي.
كما أبلغت إيران دعمها لحكومة وحدة وطنية فلسطينية، وهي أحد مطالب الرئيس أبو مازن الذي اعترضت عليها حماس مؤخرا، وتم بحث موفد الرئيس أحمد مجدلاني مع وزير الخارجية الإيراني المبادرة الخاصة بطهران لحل أزمة سوريا.
وتلا الزيارة مباشرة إعلان مجدلاني عن ترتيبات لزيارة مرتقبة لأبو مازن لطهران، خلال الشهرين القادمين.
وهنا من يرى أن زيارة أبو مازن لطهران حال تمت، ستمثل رسالة جديدة من إيران لحركة حماس، تبرز فيها عدم رضاها عن سلوك الحركة، بالتحول الكبير نحو محور السعودية، خاصة وان ذلك ترافق مع تسريبات أشارت إلى غضب إيران اكبر الداعمين السابقين لحماس من زيارة مشعل الاخيرة للسعودية، خاصة وأن مشعل ووجه وقت الزيارة بهجوم من وسائل الإعلام الإيرانية، اتهمت أحدها حماس بإرسال مقاتليها لمساندة السعودية في حرب اليمن.
وبلغ الغضب الإيراني ذروته حين كشف عن لقاء بين مسؤول رفيع بالحرس الثوري، مع مسؤولين من حماس، أبلغهم بأن بلاده ألغت زيارة كانت مقررة لوفد من الحركة إلى طهران، وذلك على خلفية زيارة خالد مشعل إلى السعودية.
وهنا يقول المصدر الفلسطيني المسؤول لـ “رأي اليوم” ان حركة حماس غير سعيدة بتقارب أبو مازن مع إيران، خاصة وأنه بذلك حيد جهة طالما وجهت له انتقادات في السابق بدعم خصمه حماس، كون أن عودة العلاقات الفلسطينية الرسمية مع إيران في ظل العلاقات القوية بين السلطة الفلسطينية والسعودية أكبر الداعمين العرب لها، تفقد حماس جهات الضغط الإقليمية على السلطة وحركة فتح، في ظل حفاظ أبو مازن على علاقات قوية مع مصر الخصم الأكبر لحماس.
طهران وواشنطن وفزاعة الحرب الإقليمية
05 أكتوبر 2024