يؤلمهم فتح معبر رفح

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

الفئة القليلة الممسكة بمقاليد السلطة في رام الله، وهي المكروهة بامتياز حتى من قبل مواليها الذين يلتزمون الصمت؛ لم تعد معنية بالتكتم على وجعها، كلما قرر المصريون فتح معبر رفح، ولو جزئياً كما هو الحال الآن. فقبل نحو عام، تداول نشطاء برامج التواصل، شريط فيديو يتحدث فيه محمد شتية، عن الشد السلطوي الفلسطيني لخنق غزة ووقف حركة الناس ومصالحها، وينتقد الإرخاء المصري الجزئي، بفتح المعبر، باعتباره عملاً يُفسد على سلطة عباس استراتيجيته لإحباط صفقة القرن وإدخال غزة الى بيت الطاعة دون قيد أو شرط دستوري أو قانوني.

يومها، كتبنا بضعة سطور استهجاناً لما يقوله شتية، فانبرى هذا الأخير يحاول الاتصال والتصحيح والقول إن الفقرة نزعت من سياقها، وأنه لا يتمنى الخنق لسكان غزة، وكرر التعبير المستخدم عند التضليل والنصب:"أهلنا بغزي"!

 اليوم لا يخجل  الجامحون في كنف عباس من المطالبة بإغلاق المعبر. وهؤلاء، كما هو معلوم،  لا يستأنسون بشي من جنس العناصر التي يستأنس بها القادة الوطنيون كالمناقبية والمآثر الصلابة والزهد في الحياة، التقبل الشعبي، أو الفكر المستنير والتواضع.  فكل ما يستأنسون به، هو أن الرجل الذي ينافقونه ويتناولونه بالنميمية في مجالسهم، أعطاهم الهوامش والموازنات وأكلاف الحياة الرغيدة من مال الناس، فتصرفوا وتفلسفوا بوقاحة، ليصبح فتح المنفذ الوحيد للناس في المحشر، مؤامرة لتمرير صفقة قرن. وفي التفصيلات، يصبح الشرط الذي أفشل وحدة الفلسطينيين في مواجهة شبح الصفقة، هو تسليم سلاح الدفاع عن النفس، فإن سلمته حماس، وسلمت رقبتها معه، يستقيم الوضع كما يريدون، ويصبح شلومو آمناً وقادراً على أيقاف عربته العسكرية في شارع عمر المختار، لكي يتناول "بوظا كاظم"، وسيكون عباس وفرسانه قادرين على إحباط صفقة القرن!

إن لم يكن هذا هو سبب فشل محاولات إنهاء الإنقسام والعودة الى الحياة الدستورية وإنفاذ القانون واستعادة وحدة النظام الوطني، فماذا سيكون السبب؟

الفئة الضالة تعرف تماماً أن اشتراطاتها على حماس لن تُلبى، وأن اجتثاث حماس من خلال هذه الإشتراطات وبرذاذ فم عزام الأحمد يُعد من سابع المستحيلات، وأن العكس هو الصحيح، فالإشتراط والرذاذ والذباب الإلكتروني وتخليق القصص العبيطة، لن تفعل شيئاً سوى تقوية حماس.  وهذا ما تعلمه مجموعة عباس التي في حقيقة مقاصدها، تريد حماس أقوى وأغلظ وأكثر تفرداً ورفضاً للإسهام في مراكمة عناصر إجماع وطني على أسس دستورية، يصلح للبناء عليه لاستعادة وحدة الفلسطينيين في الضفة وغزة والشتات. ففي هذا السياق، ستكون حماس ضمانة فصل غزة وانتزاعها من قلب المشروع الوطني للإجهاز عليه. هنا، يجدر التنوية الى أن الاستخدام السياسي، من قبل سلطة عباس، لوضع معبر رفح، كمرفق يؤمن للبشر أبسط الحقوق الإنسانية، يُعد في كل الشرائع عملاً شائناً، لا يتورع عن إيلام الناس لكي يحقق مبتغى سياسياً يعجز عن تحقيقه بالعمل الرشيد وبالعدالة وبقوة النظام الوطني!

صحيح إن تعليلات ومقاربات مجموعة عباس عندما تربط بين فتح المعبر وصفقة القرن، لم تعد ذات قيمة ولا يُصغي اليها أحد، وأن الشعب الفلسطيني على قناعة بأن أعضاء هذه المجموعة هي آخر من يحق لهم الحديث عن مصلحة الشعب الفلسطيني؛ لكن الأصح والأوجب، أن يذهب الفلسطينيون في كل تجمعاتهم خارج دائرة نفوذ التنسيق الأمني مع الإحتلال، الى بلورة مشروع استعادة الحركة الوطنية الفلسطينية، على أسس ديموقراطية، وإعادة الإعتبار لمنطمة التحرير ولحركة فتح رائدة النضال الوطني المعاصر،  ولطي مرحلة هؤلاء الأوغاد الذين يؤلمهم فتح معبر رفح!