مهزلة جهل إدارة ترامب بمواقف الشعب الفلسطيني وقيادته!!

33.PNG
حجم الخط

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

كل صباح تطلع علينا أخبار جديدة من الرئيس الأميركي ترامب، الموالي للصهيونية والاحتلال، بما يعني إملاءات سخيفة وتراجع يومي عما كانت قد أعلنته أقوى وأغنى دولة في العالم، فهو حائر ومتردد من الإعلان النهائي عما يسمى «صفقة القرن» التي اتضح أن من المستحيل قبولها فلسطينياً وعربياً وعالمياً. كما أن صناع القرار لترامب أمثال كوشنر أو غرينبلات، أو بولتون جهلة بامتياز بالواقع الفلسطيني، وبمواقف الشعب الفلسطيني وقيادته المتمسكة بالثوابت وبالشرعية الدولية، والتي هي أقل بكثير مما هو منصف وعادل، ان كان على المستوى الديني أو التاريخي أو الأخلاقي، علماً أن أميركا واسرائيل وقعتا على الكثير من القرارات الدولية، والآن تحاولان إلغائها.

هذا الرفض الفلسطيني والعربي والدولي دفع ترامب الى التراجع عن إعلان صفقته المشؤومة، التي لن ترى النور مهما حاول اليمين الاسرائيلي تسويقها في داخل فلسطين وخارجها، وحتى من أقرب الدول الداعمة للاحتلال والتي تبرهن لترامب بأنه تسرّع في قراراته خصوصاً حول القدس واللاجئين الذين ينتظرون العودة الى ديارهم فلسطين التي هجروا منها قسراً عام ١٩٤٨.

لقد عاد الى الواجهة النقاش حول «صفقة القرن» مع إنعقاد مؤتمر وارسو، من قبل الإعلام الاسرائيلي وبعض الناطقين الأميركيين، الذين يحاولون تسويق ما سوف يقترحه ترامب في صفقته التي أملاها عليه زعيم اليمين الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومقابل ذلك نجد ثبات الشعب الفلسطيني وقيادته وعلى رأسها الأخ الرئيس محمود عباس، وكافة الفصائل بالتمسك بقيام دولة فلسطينية مستقلة حسب القرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن، دولة على حدود العام ١٩٦٧م وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الى ديارهم وإطلاق سراح كافة الأسرى من سجون الاحتلال التي تفتقر لأبسط المعايير الإنسانية.

القناة الصهيونية رقم «١٣» تستند الى مسؤول أميركي لم يذكر أسمه، بأن ترامب يرغب في تعديل في صفقته وأن هناك رغبة أميركية في إستمالة السلطة للعودة للمفاوضات حول الحل النهائي، وأن هذه الصفقة المعدلة سوف يطرحها بعد الانتخابات الاسرائيلية في شهر نيسان القادم، بما يشمل أن تكون السيادة لاسرائيل على البلدة القديمة بالقدس والمسجد الأقصى والكنائس المسيحية بإدارة مشتركة مع الفلسطينيين والأردن، ولكن تبقى ضمن ما يسمى «عاصمة أسرائيل»، كما ان لإسرائيل الحق بضم المستعمرات التي بنيت في الضفة الغربية ولكن على أن لا تتجاوز ١٠ بالمائة من أراضي الضفة، والدولة الفلسطينية لها ٩٠ بالمائة من مناطق ألف وباء وجيم بما فيها الأحياء العربية في القدس الشرقية لتكون عاصمة فلسطين.

أما بالنسبة للمستعمرات فيجري تقسيمها الى ثلاثة أقسام، أولاً : المستعمرات الكبيرة تبقى تحت السيادة الاسرائيلية، أما باقي المستعمرات التي تقع خارج المستعمرات الكبيرة فتبقى كما هي، أي بدون توسعة. أما المستعمرات العشوائية فيجري تفكيكها، كما سيتم إعطاء الفلسطينيين أراض مقابل الأراضي التي بنيت عليها المستعمرات التي سيتم ضمها ولكن من أراضي المثلث التي يسكنها فلسطينيو الداخل عام ١٩٤٨.

وحتى هذه التسريبات التي لا تلبي الحد الأدنى لفلسطين، والتي يرفضها شعبنا وقيادته ترفضها أحزاب اليمين الاسرائيلي، وهذا الرفض يستهدف ايضاً الحصول على أصوات الناخبين من اليمين الاسرائيلي المتطرف إضافة الى أعتقاد هذا اليمين أن بإمكانه تصفية القضية الفلسطينية وإشباع اطماعه في التوسع على حساب الحقوق الفلسطينية.

طبعاً هذه التسريبات السخيفة هي بالونات اختبار للجانب الفلسطيني الذي لا يمكن أن يقبل بأقل من إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، أي الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلت في العام ١٩٦٧م. وليس على مقاس إدارة ترامب الصهيونية أو اليمين الاسرائيلي.

ومن ناحية أخرى يّروج نتنياهو الكذاب بأن السعودية قاب قوسين أو أدنى كي تبدأ بأقامة علاقات مع الاحتلال الاسرائيلي، وقد صدّق ذلك شريكه بالكذب ترامب، وسوق هذه الكذبة للإعلام وطبعاً للإدارة الأميركية، ولكن الملك سلمان بن عبد العزيز، اطال الله بعمره، أوضح وبشكل قاطع أن لا علاقات أبداً مع الاحتلال بدون تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة وخصوصاً بالنسبة للقدس الشرقية وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

الهدف النهائي لهذه التسريبات يدل على أن إدارة ترامب تحاول بشتى الطرق أن تبرهن للعالم وخصوصاً الدول العربية بأن الفلسطينيين هم الذين يعرقلون إنهاء الصراع العربي الاسرائيلي، وهم الذين تعرض عليهم واشنطن «صفقات سخية» وهم الذين يرفضون الحل، وينسى هذا الجاهل أن لب الصراع هو الاحتلال، وعلى هذا الاحتلال أن يرحل، كما أن منظمة التحرير هدفها النهائي تحرير فلسطين من هذه العصابات الأشكنازية التي تمارس أبشع أنواع التفرقة العنصرية والقتل والهدم وسرقة أراضي الفلسطينيين في الضفة والأغوار وداخل ما يسمى الخط الأخضر سواء في النقب أو المثلث أو الجليل، ويتجاهل تماماً أن يافا لم يكن فيها يهودي واحد، وكذا عكا والرملة واللد وأسدود وصفد وطبريا، وأن العصابات الصهيونية استولت على أراضي وعقارات اللاجئين الفلسطينيين الذين شردتهم قسراً.

وحتى ينتهي الصراع بحل دائم وشامل قبلت المنظمة فقط ٢٢بالمائة مرغمة وقدمت تنازلات بعيدة المدى، وهذا ليس حقاً أبداً للصهاينة اليهود الاشكناز، الذين كانوا يعيشون بسلام في شمال أوروبا. وصحيح القول أن النازي عذبهم وارتكب المحرقة بحقهم، وقد استنكرنا وما زلنا نستنكر أفعال النازي، أما احتلالهم لبلادنا فقد كان تحت شعارات توراتية ليس لها أي واقع ديني أو تاريخي، واذا كانت أوروبا قد اضطهدت اليهود في الغرب فلماذا يجب علينا أن ندفع الثمن؟ وللعلم أن جميع املاك اليهود في أوروبا الشرقية والغربية وروسيا لم تصادر منهم كما فعل الاشكنازي بنا، وما زالت جنسياتهم الأصلية معهم ولم يتنازلوا عنها!.

وأخيراً وليس آخراً طلعت علينا واشنطن بفكرة عقد مؤتمر وارسو، وزيادة على جهله أعتقد ترامب أن هذه الحيلة ستنطلي على الشعب الفلسطيني ولذلك نقول مجدداً لهذه الإدارة المتخلفة أن الفلسطينيين لم ولن يقبلوا بالتنازل قيد أنملة عن الثوابت والحقوق المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية وعبرت عنها مبادرة السلام العربية.

الأخ الرئيس محمود عباس أعلنها عدة مرات وبوضوح بأن الانحياز الاميركي لقوى الشر الاسرائيلي يعني أن اميركا لم تعد وسيطاً نزيهاً لأنهاء الصراع العربي الاسرائيلي، وعلى ترامب وغير ترامب ان يفهم ويستوعب ما أعلنه الرئيس.

ان الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني من الاحتلال وأميركا والعالم الغربي لن يستمر الى الأبد طالما أن الشعب الفلسطيني الصابر المرابط ظل صامداً على ارضه وأرض اجداده وهو لن يرحل ولن يبيع حتى شبر من أرضه.

نحن الآن نعيش في وضع صعب وخطير ربما هو الأصعب منذ النكبة، ولكننا متمسكون بتحرير أرضنا وأقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، وحتى تتحقق أهدافنا لا بد من أنهاء هذا الأنقسام البغيض وتوحيد الجهود والطاقات من أجل تحقيق هذا الهدف.

أما المحتل الغاصب فنقول له إرحل عن أرضنا وأرض أجدادنا بسلام، أما اذا بقي فنقول له: نحن وأنتم والزمن طويل وإن لم تحرر أرضنا اليوم فغداً أو بعد عام أو بعد مئة عام أو بعد ألف عام وإن مصير الإحتلال الى زوال.