سجلت الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"، أول دعوى بالحق المدني في المحاكم الفلسطينية، للمطالبة بتعويض مالي قيمته مليون دولار لصالح مواطن أفاد بتعرضه للتعذيب والمس بكرامته الإنسانية، أثناء احتجازه في أحد مراكز التوقيف الفلسطينية.
وقالت الهيئة في بيان صحفي اليوم الخميس، إن الدعوى سجلت في محكمة بداية نابلس من قبل أحمد بلال الديك (22 عاما)، ضد موظفين في المباحث الجنائية، وجهاز الشرطة ووزارة المالية والنائب العام، وطالبتهم بتعويض مالي بقيمة مليون دولار للتعويض عن ضرر ناجم عن التعذيب، وقد حدد تاريخ 20 تشرين أول المقبل موعدا لعقد أول جلسة للمحكمة.
ووفقاً للائحة الدعوى، فإن المدعي (احمد) مواطن فلسطيني من قرية كفر الديك قضاء سلفيت، وهو طالب في جامعة القدس المفتوحة وعامل في مجال الطباعة، كتب بتاريخ 3 تموز 2015 على حسابه عبر فيس بوك تذمرا من أداء بلدية كفر الديك، فتقدم رئيس البلدية بشكوى ضده لدى شرطة محافظة سلفيت، ليتم اعتقاله بعد يومين وتوقيفه لخمسة أيام.
وتعرض بلال خلال اعتقاله للشبح والضرب بالعصي والهراوات حتى تكسرت بعض العصي على جسده، كما تم حرمانه من النوم، وشتمه وإلزامه بأداء حركات تحط من الكرامة البشريّة، وذلك من قبل شخصين تم ذكر اسميهما في لائحة الدعوى.
ونتيجة لما آل اليه وضع بلال الصحي ومع خشية الشرطة على حياته، تم إخلاء سبيله، ليعرض فورا على الطبيب المختص في مستشفى ياسر عرفات، ويتم تزويده بتقرير طبي يؤكد أن ما لحق به من كدمات وما أصابه من أذى كان نتيجة هذا التعذيب، وبسبب ذلك منح إجازة لأكثر من شهر.
وأكدت الدعوى أن إقدام المدعى عليهما على تعذيب المدعي يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، ويؤدي لإهدار ثقة المواطن الفلسطيني بمنظومة العدالة ككل، ويلحق بالغ الأذى بالمدعي الذي تعطّل عن عمله ولم يعد قادرا على أداء وظيفته بالشكل المناط به القيام عليه.
وأضافت، أن المدعي تراجع تحصيله الدراسي ولحق به أذى نفسي كبير، تمثّل بطول فترة السَّرَحان والتشتت وعدم الالتفات إلى الموجودين، وبقلة ساعات النوم "لكثرة التفكير بالليالي الأليمة التي كان الأشخاص المدعى عليهما بحكم وظيفتهما يسومونه سوء العذاب".
وحملت لائحة الدعوى جهاز الشرطة والنيابة العامة المسؤولية عن أفعال موظفيهم بحكم القانون، معتبرة أنهما قصّرا في الرقابة على مركز توقيف شرطة سلفيت الذي جرى فيه التعذيب وأدى للنتائج المذكورة.
وأوضحت لائحة الدعوى أن ما أقدم عليه المدعى عليهم مخالفة صارخة لأحكام المادة 13 من القانون الأساسي الفلسطيني، التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد لأيّ إكراه أو تعذيب ويعامل المتهمين وسائر المحرومين من حرياتهم معاملة لائقة، ومخالفة لالتزامات دولة فلسطين وتصديقها على المعاهدات الدولية الناظمة لموضوع التعذيب.
وطالب المحامي المحكمة بتبليغ المدعى عليهم لائحة الدعوى ومرفقاتها ودعوته للمحاكمة، والحكم بإلزام المدعى عليهم بمبلغ مليون دولار أمريكي، أو المبلغ الذي يقدره الخبراء وفق الأصول والقانون، وإلزام المدعى عليهم أيضا بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة، وربط المبلغ بالفائدة القانونية حتى السداد التام.
وأشارت "استقلال" في بيانها إلى أنها تهدف بهذه القضية لتشجيع الأشخاص الذين تنتهك حقوقهم القانونية على اللجوء للمحاكم والمطالبة بتعويض وتسجيل دعاوى ضد الدولة باعتبارها مسؤولة عن موظفيها، وكذلك ضد الأشخاص الذين يمارسون التعذيب.