معادلة الجراد الجراد!!

22.PNG
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

لا يترك الإعلام الرسمي في الضفة او القطاع، مرئيا ومسموعا ومقروءا، مجالا للقضايا "الثانوية" ولا حيزا حتى "بمرور كريم" ، لقضية قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف في داخل الخط الأخضر ، وكأن كل هذا الدم ليس فلسطينيا ، وكأن استفحال الأمر في بئر السبع لن يصل إلى الخليل ، وفي ام الفحم إلى جنين .

من يدري يا سيدي رئيس التحرير أن الأمر لدينا ربما اكثر خطورة مما لديهم ، لأن قوانينا تسوغ لمثل هذا القتل غير المشرف ، وتتسع ثغراته لان تسمح للذكر ان يلقي بأنثاه من الشرفة ويقول أنها سقطت او انتحرت ، في حين تقضي قوانينهم بتأبيد القاتل بغض النظر عن درجة القرابة .

إعلامنا الرسمي ، منهمك في تغطية القضايا الهامة الملحاحة ، على طول النشرة وعرضها ، في إن كانت المنظمة تمثل او لا تمثل، وبعد أن تستغرق ساعة أو أكثر تكتشف لمن يدعي أنها تمثل ، أنها لا تمثل ، ولمن يدعي أنها لا تمثل أنها فعلا تمثل .

"ارحل" في غزة ، و "بايعناك" في الضفة ، مظاهرات غاضبة هناك ضد ، ومظاهرات غاضبة هنا مع ، لا بأس يا سيدي رئيس التحرير ، الخلاف في الرأي شيء محمود ، والتعبير عنه سلميا وحضاريا كذلك ، ولكن تحويل كل مساحتكم وتجييرها للدفاع أوالتخوين فقط ، تجعلكم تجترون خدمتكم ، وتكشف أنكم عبارة عن "إعلام" عربي ملكي قديم ، انفض الناس من حوله ، مؤيدون و معارضون ، لأنهم ببساطة اكتشفوا زيف خدمة الذوق والنهم .

هل يتجرأ إعلامكم أن يثير قضية تغيير الدستور في مصر الذي سيسمح للسيسي ان يترشح 14 سنة أخرى ؟ هل يتجرأ إعلامكم ان ينتقد بالاسم مصافحات نتنياهو في العواصم المختلفة ، مظاهرات السودان ، البطالة و حد الفقر المتهاوي في الأردن ، خلاف المغرب مع السعودية ، صمود اليمن في وجه التحالف العربي ، الإعدام في مصر ؟ ما لقيته قضية مقتل الخاشقجي قبل خمسة اشهر من تغطية "أنا سخل ليس لي دخل"، تلاقيه هذه القضايا .

أسراب الجراد التي تتهدد غزة ، بالطبع هذه قضية ثانوية ، تافهة ، بالنسبة إليكم ، مقياسا بالقضايا المصيرية التي تتصدون لها ، منظمة الفاو الأممية تعتبرها "آفة عابرة للحدود" ، تأتي على الأخضر واليابس ، والضفة بعد غزة ، "يلتهم الجراد في سرب من 1 كيلومتر حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة " .

في أواسط السبعينيات وضع الشاعر عبد اللطيف عقل ديوان"الأطفال يطاردون الجراد" :

لا ينام التلاميذ على وهم الدفاتر/ كل ما كان جرادا يعرفونه / وأنا اعرف أسراب التلاميذ / استحالت في تعابيري زهورا / قبل المواسم لا يحمل الوقت غير الجراد المسلح / وهذي البنادق أعينها تزرع الرفض / هذي الهراوات - بعد الدموع وقبل الأغاني- مسحوبة من جذوع التراب المصادر / ولذا أصبحت شاعر.