اليمين يقتل، واليسار يغني

20151408092807
حجم الخط

بقلم: كوبي نيف

لنبدأ بنكتة: اثنان من اليهود أحدهما يعتمر قبعة سوداء وفي يده سكين حادة، والآخر يعتمر قبعة منسوجة وفي يده زجاجة حارقة، يركضان وراء يهوديين آخرين أحدهما لوطي والاخرى يسارية. 
فجأة يتوقف اللوطي واليسارية ويتجهان الى مطارديهما لقتلهما. «أيها الاصدقاء اذا لم تكفوا عن هذه الاعمال»، قال اللوطي، «فسنعقد اجتماعا عاما ضد العنف»، اليسارية تضيف: «سنحضر الغيتارات ونضيء الشموع ونغني الاغاني». 
وعلى الفور يترك الأولان السكين والزجاجة الحارقة بين الاشجار، ويعودان الى بيتيهما مطأطئي الرأس وخجلين.
المشكلة هي أن هذه القصة ليست نكتة، بل هي الحقيقة، باستثناء الجملة الاخيرة التي هي بالفعل نكتة. هذا لا يحدث الآن فقط، حيث إن قطعان «اليساريين واصحاب حقوق الانسان» يعارضون الاعتقال الاداري للاعشاب القاتلة، هذه هي الحال منذ سنوات كثيرة، هم يقتلون وأنتم تُغنون.
اليمين الديني الاصولي المسيحاني يبذل الجهود منذ سنوات من اجل المستوطنات وراء حدود 1967 لمنع أي احتمال للسلام من خلال تقسيم البلاد بيننا وبين الفلسطينيين، ومن اجل ابقاء ارض اسرائيل كاملة من النهر الى البحر، تحت سيادة يهودية دينية مطلقة يعيش فيها ملايين الفلسطينيين – هنا توجد اختلافات في الرأي بين الاصوليين المعتدلين وبين المتطرفين – الذين سيتحولون الى عبيد لليهود أو يتم طردهم من الارض الموعودة لليهود فقط، أو يتم القضاء عليهم بطريقة ما.
المستوطنة هي اللبنة الاساسية لتحقيق الهدف: «مملكة اسرائيل الشاملة» – الامر الذي يعني الحرب الشاملة مع العالم الاسلامي والعالم ككل وخراب دولة اسرائيل – لكن في نفس الوقت يستخدم الاصوليون المسيحانيون أدوات اخرى.
ومن اجل بيان أن الحديث لا يدور عن اعشاب ضارة، كما يزعمون، بل يدور عن طريقة واضحة وممنهجة، نورد عددا من الامثلة: بتر أرجل رؤساء بلديات؛ قتل طلاب؛ تفجير حافلات مع ركابها؛ تفجير مساجد في الحرم (كانت هذه هي خطط التنظيم السري اليهودي التي نفذ بعضها، والذي احتوى افضل أبناء الحركة الاستيطانية)، المذبحة ضد عشرات المصلين على أيدي باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي، قتل رئيس الحكومة على أيدي يغئال عمير، والآن احراق شباب واطفال على أيدي الاعشاب الضارة من أطياف متعددة.
اليمين الديني الاصولي المسيحاني يفعل كل شيء، كل ما يستطيع فعله وكل ما يعتقد أنه مطلوب فعله حسب نظريته – وفق القانون، أو من خلال اخضاع القانون، أو ضد القانون، هذا لا يهم - من اجل اقامة دولة دينية يهودية تسلب حرية الآخر وبعد ذلك سلب حياة كل من يرفض الدين والقانون. هذا هو هدف اليمين الديني القومي المسيحاني الاصولي. إنهم ينقلبون علينا، فكل من هو ليس متدين ومسيحاني مثلهم يجب قتله أو اعتقاله.
وأنتم المرشحون للرؤيا والذبح، كيف تردون وماذا تفعلون؟ إنكم تعقدون الاجتماعات وترفعون اليافطات وتشعلون الشموع وتُغنون.
من يريدون قتله يمكن الوقوف والرد بالحرب، أو الهرب مثل المجنون. لكن الغناء في مواجهة البنادق والسكاكين؟ لقد أضحكتم إلههم.

عن «هآرتس»