استخلاص العبر من الأمطار

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

صلاح هنية

القدس أكثر مطرا من لندن ..هكذا يقول خبراء المياه في كل نقاش، بالتالي الأمطار ليست حالة طارئة في الوطن و"طول عمرنا بنعيش الأمطار"، الخلاصة هنا لماذا لا نكون على أهبة الاستعداد، ونحن لسنا بحاجة لإعادة اختراع العجلة، فالأمور واضحة تماما، مطلوب تنظيف قنوات تصريف الأمطار، تنظيف مداخل ومخارج العبارات، إزالة العوائق أمام انسياب المياه، مخالفة ومعاقبة كل من يتسبب بإغلاق مداخل العبارات وقنوات تصريف المياه سواء من خلال إلقاء مخلفات البناء أو النفايات في تلك المواقع.
المطلوب، اليوم وليس غدا، كل جهة تتحمل مسؤوليتها بالكامل، فالحكومة عليها تخصيص بنود مالية لصالح صيانة الطرق، الصيانة الطارئة والصيانة الدورية وعدم تقليلها وتأخير صرفها بحث تكون واضحة حتى لو توافق الأمر مع عدم إقرار مشروع قانون الموازنة، وعلى الحكومة الإسراع في التعاطي مع استراتيجية التعاطي مع إدارة الكوارث والمخاطر التي قيل فيها ما قيل وكتب فيها ما كتب واستعين بمن استطعنا إليه سبيلا من المانحين الذين ساهموا بوضع معالمها.
وهيئات الحكم المحلي مدعوة للقيام بمهامها ضمن نطاق الطرق الداخلية التي تقع ضمن صلاحياتها، بحيث لا تترك المدن والقرى تغرق والإسفلت يتطاير وأغطية المناهل تطير، ولا يجوز ان يطلب من المواطن أن يصبر لأن الأمر ليس موضوع صبر بل طوارئ ومخاطر بل هو موضوع حقوق تزامنا مع أداء المواطن لواجباته تجاه هيئات الحكم المحلي، وهذا يتطلب تعاونا مشتركا بحيث يقوم كل بمسؤولياته، ولا يجوز ان تطلب هيئات الحكم المحلي من مواطنيها الكف عن المطالبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر خط الشكاوى وكأن هذا يسبب ضغطا على البلدية او المجلس القروي، أو من خلال التأفف: إننا نقوم بما نستطيع إليه سبيلا وانتم تضغطون دون مبر.
وينسحب الأمر على شركات الكهرباء ومصالح المياه، ولا نقبل ان يقال لنا فعلنا كل ما علينا ولكن نقص القدرة لدى شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية، وتعطل النظام وتوقفت مراكز الشحن واستمرت فقط في مقر الشركة، وتبشرنا حكومة تسيير الأعمال بقرار عدادات المياه مسبقة الدفع في ظل شح المياه وحتى لو شحنا لن نجد المياه كما هي الكهرباء، ترى هل لدينا وفرة مائية لنذهب باتجاه العدادات تلك تاركين خلفنا تطوير قطاع المياه والعمل من أجل استعادة حقوقنا المائية المنهوبة من قبل الاحتلال.
اليوم، يجب ان تقف حكومة تسيير الأعمال أمام مسؤولياتها في نظام إدارة المخاطر والكوارث وعدم الاكتفاء بالإعلان ان لدينا تفكيرا بهذا النظام ولدينا خارطة توضح مفاصل هذا النظام، بل يجب ان نذهب باتجاه تفعيل الإجراءات والأنظمة والتنسيق اللازم، وعدم الاكتفاء بالإنفاق على فرق طوارئ في هذه الوزارة وتلك لتعالج ما تراكم على مدار أيام وأيام خلت ولم يتم التعامل معها إلا لحظة هطول الأمطار وتساقط الثلوج، ولو اعتمدت استراتيجية للتعامل مع المخاطر والكوارث حسب المعايير الدولية.
حكومة تسيير الأعمال مدعوة لإقرار يوم النظافة الوطني الذي بادرت إليه بلدية رام الله وتسعى والسعي جار لتعميمه على مستوى الوطن لتعميم الفائدة عليه ووضع نظام متكامل ترافقه مع قضايا مثل التقليل من استخدام البلاستيك وتحويله الى ورق، ونماذج المدارس الصديقة للبيئة التي قامت به بلدية رام الله بحيث بات استخدام مدارس رام الله من البلاستيك صفرا، مقابل قضايا متلائمة وصديقة للبيئة، وهذه قصص نجاح يجب تعميمها.
الناس يجب ان يتعاونوا في هذا الإطار والإبلاغ عمن يلقي مخلفات البناء والنفايات ما يسبب أضرارا عشناها الأسبوع الماضي وتذمرنا وحملنا الجميع مسؤوليتها، يجب ان نأخذ على يد المضر بالمصلحة العامة الذي يتحايل على القانون بما يضر الآخرين، ومحزن ذاك المشهد عندما تكون مع رئيس إحدى البلديات في زيارة ليطلعك على إنجازاته فيضرب على رأسه من هول المشهد حيث تتراكم مخلفات البناء في الطريق الذي فتح جديدا ليسهل حياة المواطنين ويكتشف من المتسبب ويأخذ الإجراء، أليس من الأجدر بهذا المخالف ان يتوقف عن إحداث الضرر لنا كمواطنين.
وعلى رأي الناس: "احنا مقصرين بحق بلدنا كل نفاياتنا على أبواب المحلات التجارية محتاجين من ينظف نيابة عنا"، وباتت الحركة التجارية تحتاج الى جولات توعية من البلديات للحث على النظافة والتخلص من النفايات، حيث محلات بيع الخضار تلقي نفاياتها في مسارب تصريف الأمطار وتصبح الطرق في محيط محلات الخضار تعج بمخلفاتها.
العبء الأكبر على الحكومة ووزارتها المختصة، والعبء الأقل "شحطة" على هيئات الحكم المحلي، والمواطن ملقى عليه واجبات وله حقوق ولا يلام عندما يطالب بحقوقه من الجهات المسؤولة كافة، وعليه واجبات يجب ان يقوم بها فالنظافة ثقافة.
يجب ان نخرج من العتب وإلقاء اللائمة على احد غيرنا ونذهب نحو مأسسة التعاطي مع المخاطر والكوارث.