أثار قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعيين وزير العلوم المتطرف، داني دانون، سفيراً لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، انتقادات داخل إسرائيل، لكون الأمم المتحدة خصوصاً، بحاجة لكثير من الدبلوماسية وضبط النفس، وهذا ما يفتقر إليه دانون كلياً، بل إنه اشتهر على العكس من ذلك بفظاظة تصريحاته حتى ضد نتنياهو نفسه.
وبرز في سياق الانتقادات التي وُجّهت لقرار تعيين دانون تصريح لوزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، والتي اعتبرت أن نتنياهو يفضّل عبر هذا التعيين مصلحته الشخصية على مصلحة إسرائيل.
وتلمّح ليفني بهذا إلى أن نتنياهو يرتاح عبر هذا التعيين من دانون المشاكس له، والذي سبّب له أكثر من مرة قلقاً داخل حزب "الليكود" نفسه.
وتفاقمت العلاقات بين الاثنين أكثر من مرة بلغت أوجها خلال العدوان على غزة، عندما دفعت تصريحات دانون ضد إدارة نتنياهو ووزير الأمن موشيه ياعلون للعدوان، إلى فصل دانون من منصبه كنائب لوزير الأمن.
ويُشكّل قرار نتنياهو هذا خروجاً عن تقليد حاول هو ترسيخه، ويقضي بأن يكون السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، من أصول أميركية، كما في حالة دوري غولد، ورون بروسوار، أو من الخبراء في القانون والدبلوماسية كما في حالة السفيرة قبل الأخيرة، غابرئيلا شاليف.
وبهذا المعنى يشكّل تعيين دانون تراجعاً في نوعية السلك الدبلوماسي الإسرائيلي وممثليه في الأمم المتحدة، خصوصاً إذا ما قورن أيضاً بسياسيين تبوأوا المنصب بدءاً بأبا إيبن وانتهاء بنتنياهو نفسه.
دانون، من مواليد عام 1971 لأسرة مغربية الأصول، وإن كان والده ولد في مصر، إلا أنه ترعرع في عائلة يهودية محافظة. التحق منذ شبابه بحركة شبيبة الليكود "بيتار" ونشط فيها لسنوات. درس العلاقات الدولية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم نال شهادة في السياسات العامة من جامعة العبرية.
بدأ طريقه السياسي عملياً، مساعداً لعضو الكنيست الليكودي السابق عوزي لنداو، وهو أحد رموز المتشددين في اليمين الإسرائيلي، ثم عمل موفداً للوكالة اليهودية في ميامي الأميركية لتشجيع هجرة اليهود الأميركيين إلى فلسطين. بعدها عمل في رئاسة حركة "بيتار" العالمية، وانتُخب في عام 2006 رئيساً لمنظمة "الليكود" العالمية.
انتُخب دانون عضواً في الكنيست لأول مرة في عام 2009 وكان في الموقعين الـ24 على لائحة الليكود، لكنه سرعان ما تقدّم في صفوف الحزب بفعل مواقفه المتطرفة، والتي زايد فيها حتى على زعيم الليكود بنيامين نتنياهو.
اشتهر دانون بمواقفه المعادية للفلسطينيين عموماً وللفلسطينيين في الداخل على نحو خاص، مطالباً إياهم بإعلان الولاء لدولة إسرائيل والاعتراف بها دولة الشعب اليهودي.
وشارك دانون منذ دخل الكنيست في 2009 في حملات من التحريض القومي والعنصري ضد النواب العرب وبشكل خاص ضد النائبين عزمي بشارة وحنين زعبي، وطالب الأخيرة أكثر من مرة بالرحيل إلى غزة، محاولاً منعها من خوض انتخابات الكنيست على لائحة حزبها. وتحالف دانون في معركته هذه ضد "الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني" والنواب العرب، مع مجموعة المتطرفين الجدد في الليكود، والذين يرفضون علناً تصريحات نتنياهو بتأييد حل الدولتين، ويؤكدون أن موقف "الليكود" الأساسي والحقيقي هو رفض إقامة دولة فلسطينية.
ويُشكّل دانون مع كل من الوزيرة الحالية ميريت ريجف، ويرونن لفين، وتسيبي حوطيبيلي، المجموعة الأكثر معارضة لسياسة نتنياهو، واتهموه خلال العدوان على غزة، وبسبب قبوله بوقف إطلاق النار، بأنه ينفذ سياسات اليسار الإسرائيلي ولا يمثّل مواقف "الليكود" الحقيقية.
كما أن دانون ومجموعته المذكورة من أشدّ مؤيدي وأنصار عمليات اقتحام المسجد الأقصى وفرض السيادة الإسرائيلية عليه، وتحويل مخطط التقاسم الزماني والمكاني بما يسمح ويقونن صلاة اليهود في المسجد الأقصى المبارك.
وإضافة إلى عدائه المفرط للفلسطينيين، إذ يرفض دانون حل الدولتين ويدعو لاستمرار سيطرة إسرائيل واحتلالها أغلبية أراضي الضفة الغربية، مع إعطاء حكم ذاتي للتجمعات الفلسطينية الكبيرة، نشط دانون في السنوات الأخيرة ضد اللاجئين الأفارقة، واتهمهم بأنهم مهاجرو عمل أسسوا لدولة معادية في قلب تل أبيب.