-خبر-بقلم: اللواء احتياط يعقوب عميدرور
15 آب 2015
الأعمال التي تقوم بها محافل الإرهاب اليهودي، والتي تسمي نفسها ويسميها الآخرون بأسماء مختلفة، تلحق ضرراً جسيماً بدولة إسرائيل، ولكن لا يمكن تشبيهها بقتل طفلة بريئة في مسيرة الفخار على يد متزمت ديني.
يشاي شليسل مجرم يحركه مذهب فكري، ولكن لا تقف خلفه أغلب الظن أية منظمة أو جماعة، وهو على ما يبدو مريض نفسياً أو مجرم أخطأت المحاكم في الحكم عليه، ولم تقدر الشرطة على نحو سليم إجرامه، ولكن هذه ليست ظاهرة جماعة إرهابية.
وبالمقابل فإن الإرهاب اليهودي الموجه ضد العرب، وفقط لأنهم عرب، هو إرهاب منظم، وهو يأتي من ،وساط جماعة واضحة تدفعه إلى الأمام وتبرره، وليس له حدود – كل عربي هو ضحية محتملة، هذا الإرهاب مرفوض وضار على ثلاثة مستويات على الأقل:
1. مستوى صراع اسرائيل ضد محافل الإرهاب في العالم:
ستجد اسرائيل صعوبة شرح لماذا عندما لا تنجح في تصفية الإرهاب الداخلي تنزل باللائمة على الآخرين ممن لا يفعلون ما يكفي كي يقاتلوا ضد "الإرهاب" الذي يعمل عندهم، وتقول: "اعملوا عندكم قبل أن تزايدوا على الآخرين، أما مطالباتنا بالحاجة إلى معالجة اكبر للإرهاب الإسلامي ضد اليهود في أرجاء العالم فستبدو اضعف، في الوقت الذي يوجد فيه عندنا إرهاب يهودي ضد المسلمين وتحرق مؤسسات دينية مسيحية (والحمد للرب أنها بلا إصابات).
2. المستوى الرسمي اليهودي في "بلاد إسرائيل":
إظهار سيطرة اسرائيل كدولة مهم لكل من يريد استمرار وجودها في منطقة مفعمة بالاحتكاك كمنطقتنا، ناهيك عن أن هذا المبدأ مهم اكثر لدى كل من يحلم ويأمل في ألا تقسم "بلاد اسرائيل"، وان تكون دولة اسرائيل صاحبة السيادة بين البحر والنهر.
كيف يمكن لاحد ما أن يفكر في ذلك وأن يدفع إلى الأمام خطوات في هذا الاتجاه، إذا لم تكن دولة اسرائيل تنجح في إقامة حكم ناجع على مواطنيها هي داخل هذا المجال؟ فكلما احترقت الأرض فإن الضغط "لإيجاد حل" في شكل فصل بين اليهود والفلسطينيين سيزداد، وفي المستقبل لا يكون هناك أي احتمال لتحقيق ولا لقبول صامت في العالم لسيطرة إسرائيلية في "المناطق" في وضع من الإرهاب المستمر، وبالتأكيد الإرهاب اليهودي.
لم تعترف أية دولة في العالم بحق اسرائيل في السيطرة على الفلسطينيين. ولكن الكثير منها تفهم بانه لا يوجد الآن بديل؛ إذ لا يوجد عنوان للمفاوضات أو للاتفاق في الطرف الآخر.
قسم (صغير) من دول العالم تتفهم مخاوف اسرائيل من تعاظم "الإرهاب العربي"، إن لم تسيطر اسرائيل على المنطقة. كل هذه الحجج الأمنية ستتبدد إذا ما وقعت أحداث إرهاب يهودي كثيرة في المنطقة، وإذا ما شعر العالم بأن حياة الفلسطينيين غير آمنة تحت الحكم اليهودي المفروض عليهم.
3. المستوى الأخلاقي.
"لا تقتل" هو قول واضح ولا لبس فيه في الوصايا العشر، دون تمييز بين يهودي أو غير يهودي، ومنع سفك الدماء واجب أسمى حتى لبني نوح وليس فقط لليهود، وهو ينطبق على عموم أبناء البشر، وحتى حين كان مسموحا حسب القانون فرض عقوبة الموت على خطايا معينة، قرر حكماؤنا في سدة الحكم بان قرارا كهذا مرة كل سبعين سنة، يعتبر "قتلا".
حجة "هم أيضا يقتلون" مهينة ومثيرة للحفيظة، إلا إذا كان احد ما يريد أن يتشبه بـ "داعش" أو بـ "حماس".
اختبار الحل
يعرف العالم اليهودي جيدا ظواهر التزمت الإجرامي في أوفات الضغط. هكذا كان في زمن الحصار الروماني في القدس، كان الحكم في حينه اضعف من أن يعالج أولئك المتطرفين، الذين سرعوا بأفعالهم النهاية؛ حيث أضعفوا بجسارتهم المتطرفة والإجرامية قدرة صمود سكان القدس، كانوا واثقين من أنهم يعملون باسم الرب تعالى اسمه وبتكليف منه، بما لا يقل قناعة من محافل الإرهاب اليهودي اليوم.
حيال تحديات من هذا القبيل لا يكون للدولة بديل غير الدفاع عن نفسها. من نواح معينة يعد هذا تهديدا اشد من تهديد "الإرهاب" العربي، رغم أن الأخير هو بالطبع إجرامي عشرات الأضعاف، ولما كان الخطر هنا ينبع من داخل المجتمع اليهودي، مجتمع الأغلبية الحاكمة للآخرين، فإن خطر فقدان التحكم يصبح اكبر بكثير.
فضلاً عن ذلك، فإن استمرار هذه الأفعال يخدم كما اسلفنا دعاية أعدائنا. حيال عدو خارجي يعرف المجتمع في اسرائيل كيف يتحد ويتصدى، فهل ستكون له القوة وسيبقى تراصه عندما يتعاظم الإرهاب الداخلي؟ لست واثقا من أن الجواب على ذلك إيجابي، وبالتأكيد ليس جوابا يسهل الرد عليه بالإيجاب.
توجد دولة اليهود الحديثة في بداية طريقها، ثمة غير قليل ممن يشككون في قدرة اليهود على أن يقيموا على مدى الزمن حكما سياديا ناجعا.
حتى الآن صمدت دولة اسرائيل بشرف عظيم في اختبار الإقامة والوجود، والآن عليها أن تصحو.
لقد وجدت الدولة حلولا جيدة لتهديدات "الإرهاب" الخارجي، "الإرهاب" العربي أو الإيراني الذي مصدره خلف الحدود، في داخل "يهودا" و"السامرة" وحتى داخل الحدود القديمة للدولة (ما يسميه الكثيرون "الخط الأخضر").
والآن عليها أن تجد حلا للإرهاب المستمر الذي تقوم به محافل متطرفة في أوساط المواطنين اليهود.
يدور الحديث عن جماعة صغيرة للغاية، لا تمثل بسلوكها غير قلة قليلة جدا من المتعاطفين من خارجها، وليس لها دعم واسع في أي مكان.
بعد زمن طويل كهذا لم ننجح فيه في الدخول إليها واعتقال معظم أعضائها، تعترف أجهزة إنفاذ القانون، المخابرات والشرطة، بانه بالأدوات التي تحت تصرفها فشلت في المواجهة، والواقع يثبت ذلك بوضوح.
وعليه، فيجب النظر في الوسائل الأخرى التي لدى الدولة كي تقاتل الإرهاب، صغير الكمية ولكن عظيم الضرر.
هكذا مثلا، لا ينبغي الخوف من الإعلان عن هذه المنظمات "منظمات إرهابية"، لا ينبغي الامتناع عن الاعتقالات الإدارية؛ إذ فيها منفعة، ولا ينبغي الخوف من رفع العقوبات على الأفعال السيئة، بشكل كبير ورادع.
يحتمل أن يبدو بعض هذه الوسائل للمراقب الحيادي تعسفيا بالنسبة لما ينبغي للديمقراطيات أن تتعامل به تجاه مواطنيها، ولكن ينبغي الفهم – في ضوء الخطر الكبير النابع من أفعال منظمات الإرهاب اليهودي- بأن كل هذه الوسائل مبررة مكن أجل أن تتوقف الظاهرة المقلقة.
عن "إسرائيل اليوم"
بالصور : ليل يلحق هزيمة تاريخية بريال مدريد في دوري الأبطال
03 أكتوبر 2024