تكللت فعاليات انتخابات نقابة العاملين في جامعة الأزهر بغزة، في دورتها الرابعة والعشرين، بفوز تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، تحت اسم قائمة الشهيد ياسر عرفات، والتي تأتي هذه الانتخابات في أهم المعاقل النقابية لحركة فتح، والذي لها المكانة والحضور في أوساط المجتمع الفلسطيني على المستوى السياسي والأكاديمي، فقد كان الشهيد الخالد ياسر عرفات يعتبرها أحد الأعمدة الأساسية الهامة للحركة، وصوت الشباب الوطني الواعد نحو حلم الدولة والاستقلال.
تأتي انتخابات نقابة العاملين في جامعة الأزهر وحركة فتح تعاني بشكل عام من أزمات داخلية متعددة، وذلك بسبب ما ترتب من مدخلات ومخرجات للمؤتمر السابع للحركة، والذي كانت أهم عناوينه فرض الأجندات الخاصة المتنفذة التي تقوم على الإقصاء والتغييب والتهميش، والتمسك بنهج القرار المتفرد الذي يحاول تجيير حركة فتح بإرثها وتاريخها النضالي الممتد من انطلاقة الثورة الفلسطينية وإلى يومنا هذا ، لكي تظهر بمظهر الانتماء لشخوص والولاء لسياسات تقوم على الاصطفاف والانتصار للفرد لا للفكرة الإنسانية والوطنية التي قامت من أجلها فتح ، والتي من أهمها أنها العمود الفقري للمشروع الوطني ،رغم ما يحيط بها من أزمات ونكبات ، نتيجة سياسات عقيمة لشخصيات لا ترى سوى أنفسها ولا تقيم وزناً إلا لحساباتها ومصالحها الخاصة .
في ذات السياق والمقابل لم يعد خافياُ على أحد أن تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يترأسه القيادي الفتحاوي" محمد دحلان " قد جاء نتيجة طبيعية لمدخلات ومخرجات المؤتمر التنظيمي السابع، الذي قاده رئيس السلطة " محمود عباس" وبعض المتنفذين في الحركة، والذي كان مؤتمراً فئوياً لا تنظيمياً قائم على رؤية خاصة تتضارب وتتعارض بشكل نظري وعملي مع الرؤية التنظيمية لحركة فتح من حيث النظام الداخلي والمعايير واللوائح التي نصت عليها أدبيات الحركة وأنشأت من أجلها.
لقد نادى تيار الإصلاح الديمقراطي أكثر من مرة من خلال المبادرات المحلية والإقليمية وكذلك عبر الدعوات التصريحات واللقاءات الصحفية بضرورة وحدة حركة فتح، على اعتبار أن وحدة الحركة تمثل الصمام النضالي للمشروع الوطني الفلسطيني، وعنوان رئيسي للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام السياسي البغيض، ولكن للأسف الشديد قد لاقت تلك الدعوات والنداءات الرفض غير المنطقي وغير المبرر من الذين يقودون الحركة عبر افرازات المؤتمر السابع ، وعدم انصياعهم لرغبة تيار الإصلاح بإعادة اللحمة التنظيمية من جهة ، وللقواعد التنظيمية العريضة من جهة أخرى ، فما كان من قيادات المؤتمر الحركي السابع الا فرض مزيداً من الإجراءات التعسفية دون وجه حق على القيادات والكوادر التنظيمية التي لها تاريخ نضالي مشهود ، من خلال سياسة الفصل التنظيمي من داخل صفوف الحركة ، وقطع الرواتب ، وإجراءات تعسفية أخرى لا تخفى على أحد .
نجاح قائمة تيار الإصلاح الديمقراطي في انتخابات نقابة العاملين في جامعة الأزهر، يعد نجاحاً مبنياً على الجهد المتواصل للتيار في كافة المواقع الحركية وساحات العمل التنظيمي، فقد ظهر تيار الإصلاح منذ النشأة القصيرة زمنياً بصورة تعبر عن الإرادة الوطنية والتنظيمية للفتحاويين الحريصين على حركة فتح وتاريخها وإرثها النضالي الطويل، والذين ينظرون إلى الحركة بأنها العنوان الوطني لأهم للقضية الفلسطينية في كافة المحافل والمواقع والميادين.
انتصر تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يتزعمه القيادي الفتحاوي" محمد دحلان" لروح الخالد ياسر عرفات في مهرجان احياء الذكرى الرابعة عشر في ساحة السرايا في مدينة غزة، والذي كان له الحضور الجماهيري الضخم، الذي فاجأ القريب والبعيد والصديق قبل العدو، وكذلك الفعالية الجماهيرية ذات الحشد الكبير التي قادها النائب والقيادي الفتحاوي" ماجد أبو شمالة " في إيقاد شعلة انطلاقة الثورة الفلسطينية في مدينة غزة.
لتكن انتصارات مواقف وفعاليات تيار الإصلاح، وقفة للذات التنظيمي مع الذين يتربعون على عرش الحركة عبر إفرازات مؤتمرهم السابع، وينظروا للواقع التنظيمي والوطني بعين الموضوعية والأهمية، وأن يكون عنوانهم القادم وحدة الحركة ووحدة الوطن، بعيداً عن النظرة الواحدة التي تنظر للأمور بعين الأقصاء والتفرد والتغييب والتهميش، ذات النظرة السلبية الخاطئة، التي لا تبني صرحاً تنظيمياً متماسكاً ومتكاملاً، ولا تبني أفقاً وطنياً يقود شعبنا نحو مشروع وطني شامل ومتكامل يأخذه نحو الحرية وإقامة الدولة المستقلة وبر الأمان.