كشف تقرير صادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، اليوم الخميس، أنّ الإناث الفلسطينيات شكلن في نهاية العام 2018 قرابة نصف عدد السكان المقدر بنحو "4.85" مليون فلسطيني.
وأفادت الهيئة في ورقة حقائقٍ أصدرتها بمناسبة يوم المرأة العالمي، بأنّه ورغم هذه النسبة المتقاربة فإن واقع النساء يُشير إلى تكّون فجوة التمييز وعدم المساواة بين الجنسين، وبموجبها لا تتمتع النساء بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الرجال.
وعزّت ذلك للعديد من الأسباب التي بُنيت نتيجةً لعلاقات القوة داخل المجتمع الفلسطيني، كالتشريعات المميزة، والسياسات العمياء للنوع الاجتماعي، والمنظومة الثقافية والسياق التاريخي للمجتمع الفلسطيني.
وأضافت أنّ المرأة الفلسطينية تتعرض للانتهاكات المتواصلة من قبل سلطات الاحتلال وسياساته التمييزية وإجراءاته التعسفية والتهجير القسري نتيجةً لهدم المنازل، والاعتقالات التعسفية وآثار جدار الضم والتوسع الاستيطاني، والحواجز العسكرية والحصار المشدد المفروض على قطاع غزة والتشتت الأسري، مما يجعل النساء الفلسطينيات يتكبدن أعباءً اجتماعيةً إضافيةً، الأمر الذي من شأنه التسبب في انتهاك حقوقهن في الحياة والعمل والصحة والتعليم والسكن والمستوى المعيشي اللائق ولم شمل العائلات.
وتتبدى الصورة الأوضح في انتهاك الاحتلال لجميع القيم والأعراف الدولية لحقوق الإنسان ولقواعد القانون الدولي الإنساني في استهدافه لمسيرات العودة الكبرى، فقد استشهدت "5" اناث نتيجةً لإطلاق الرّصاص الحيّ في قطاع غزة منذ بدء مسيرات العودة الكبرى بالقرب من الشريط الحدوديّ في قطاع غزة وحتى الجمعة الأخيرة من العام 2018.
وحسب الورقة، فإنّ إدارة سجون الاحتلال صعدت انتهاكاتها وإجراءاتها التنكيلية والاستفزازية بحق الأسيرات الفلسطينيات داخل معتقل الدامون والبالغ عددهن حاليًا "54" أسيرةً و"3" قاصرات، مكانهن المقاعد الدراسية لا السجون والمعتقلات.
وعانت الأسيرات من الإجراءات العنيفة والقاسية التي ترافقت مع من عمليات الاعتقال، عدا عن التعرض للإهانات من قبل قوات الاحتلال.
كما تُعاني الأسيرات من الازدحام الشديد داخل الغرف، والإهمال الطبي، وحرمانهن من زيارات الأهالي والمحامين، ومنعهن من تقديم امتحانات الثانوية العامة الإنجاز والجامعية وعدم إدخال الكتب، وعدم السماح بإدخال احتياجاتهن من الخارج مع الأهالي، والاعتداء عليهن من قبل قوات ما يُسمى النحشون، وبالإضافة إلى عذابات البوسطة والنقل إلى المحاكم، وذلك في أعقاب نقل جميع الأسيرات من سجن هشارون إلى سجن الدامون.
وأشارت الهيئة، إلى أنّه ما تزال كاميرات المراقبة موجودةً في ساحة الفورة وداخل الأقسام في السجون، مما يحد من حرية حركة الأسيرات، وكانت "32" أسيرة قد امتنعن لمدة "3" أشهر عن الخروج للفورة احتجاجًا على تركيب الكاميرات في سجن هشارون.
كما جاء في الورقة، أنّه "ما زالت المرأة الفلسطينية تدفع كلفة الانقسام السياسي، وذلك على مستوى إهدار حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، سواء لجهة تعطل إنشاء القوانين وعدم تمتعها بالحماية الكافية من القوانين السارية، أو لجهة اختلال آليات التطبيق وتقاعس السلطات النافذ عن حماية هذه الحقوق.
وتواجه المرأة الفلسطينية في قطاع غزّة تحدياتٍ عديدةٍ أبرزها ارتفاع حالة الفقر والبطالة، واستمرار تشرد العائلات المهدمة جراء العدوان، وانتشار الأمراض لدى النساء، وعدم تمكنهن من الوصول للخدمات الصحة الجيدة والأمنة.
وأشارت إلى أنّ الانقسام الداخلي أدى إلى انقسامٍ قضائيٍ وتشريعيٍ وتفتتٍ في النسيج الاجتماعي الأسري وتزايد في نسبة القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة والعنف ضد النساء. فقد ساهم الانقسام في تعطل أعمال المجلس التشريعي وتعطيل دوره الديمقراطي، مما نتج عنه انقسام العملية التشريعية، تم إصدار الكثير من القرارات بقوانين في الضفة الغربية، والقوانين الصادرة عن المجلس التشريعي في قطاع غزة، وغابت عن هذه التشريعات تمثيل مصالح النساء، وساهمت استمرار انقسام العملية التشريعية إلى انقسام مطالب النساء، بالإضافة لعدم قدرة النساء على تنفيذ الأحكام القضائية بين الضفة وغزة.
ووفق الورقة، فإنه ورغم تحسن نسـبة مشـاركة النسـاء في القــوى العاملــة، إلا أن الفجــوة ما زالــت كبـيرةً مقارنةً بالرجال، موضحةً أن مشاركة الرجال تزيد حوالي "4" أضعاف عن مشاركة النساء معدل البطالة بين النساء والرجال في اتساع.
وبيّنت أن نسبة البطالة بلغت عند الرجال (22%)، مقابل (39.2%) عند النساء.
وبلغت نسـبة النسـاء العامـلات في القطـاع الحكومــي (26%) مــن مجمــوع النســاء العامــلات، مقابــل (72.7%) يعملــن في القطــاع الخــاص، وما نسبته (42.6%) مــن الموظفـيـن المدنيــين في القطــاع العــام في فلســطين مقارنــة بــ (57.4%) مــن الرجــال. بينما بلغــت نســبة النســاء العامــلات لدى داخل أراضي الـ48 وفي المســتوطنات (0.7%).
وحوالي خمس النساء (19.8%) منتسبات للنقابات العمالية والمهنية، مقابل (80.2%) من الرجال، كما يبلغ معدل مشاركة النساء في الهيئات المحلية في الضفة الغربية (21%).
ووثقت الهيئة وفاة (28 أنثى) في العام 2018 ووفاة (18 أنثى) في العام 2017، وترى في ارتفاع عدد وفيات الإناث لأسبابٍ غامضةٍ وذلك بسبب عدم وصول الهيئة لمعرفة خلفية الوفاة أو بسبب أنها لا زالت قيد التحقيق لدى النيابة العامة.
كما واعتبرت أن هذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات، ويشير إلى احتمال أن تكون أسباب الوفاة الغامضة أنها تمت بدافع ما يُسمى بشرف العائلة، الأمر الذي يوجب على السلطات المختصة استمرار التحقيقات الجدية في أسباب هذه الوفيات، والمسارعة في الكشف عن الجناة، ومحاسبتهم، لا سيما مع ارتفاع عدد وفيات الإناث في ظروف غامضة.
وفي حصتها بالموازنة، قالت الهيئة إن الانفاق الحكومي ما زال على برامج تنمية المرأة دون المأمول، بلغت موازنة وزارة شؤون المرأة في العام 2018، مبلغ "6.775.890" شيكل، من إجمالي النفقات الجارية والرأسمالية والبالغة "16.180" مليون شيكل أي ما نسبته (0.041%) من إجمالي النفقات الجارية.
وبلغت موازنة البرنامج الرئيسي للوزارة الخاص بحماية وتمكين المرأة للوصول للمساواة "3484436" شيكل أي ما يوازي (51.4%) من موازنة وزارة شؤون المرأة.
وبلغت الموازنة الإجمالية للبرنامج الخاص بحماية النساء المعنفات في وزارة التنمية الاجتماعية "4586957" شيكل، تستفيد منه "1108" امرأة، وتتوزع تلك الموازنة على برامج الخدمات الإيوائية، ومشاريع التمكين الاقتصادي والتعليم الجامعي، والحماية والايواء، وخدمات الحماية الاجتماعية القانونية والنفسية والاجتماعية.
وفي ختام التقرير، أكدت الهيئة على أن الاحتلال الاسرائيلي يشكّل العائق الرئيس أمام تحقيق تنمية المرأة الفلسطينية وتوفير الأمن الإنساني لها، نتيجة ممارساته وانتهاكاته القمعية المتواصلة مكونات الشعب الفلسطيني كافة، ولثرواته الطبيعة وحقه في تقرير مصيره، الأمر الذي ينتج عنه مضاعفة أعباء المرأة وفقدانها للعديد من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية.