آخر كلمات الحمد الله كرئيس للوزراء!

رامي الحمد الله
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

شدّد رئيس الوزراء الفلسطيني السابق د. رامي الحمد الله، على أن حكومة الوفاق الوطني عملت في ظل أعتى الصعاب، وفي خضم حصارٍ مالي وسياسي، وعدوان إسرائيلي سافر على الأرض والشعب والمقدسات.

وقال الحمد الله في خطابه الأخير كرئيس للحكومة الفلسطينية: "لقد منحني الرئيس محمود عباس، الفرصة والشرف قبل خمس أعوام لخدمة أبناء شعبي، ولأترأس حكومة الوفاق الوطني التي أسست لتضطلعَ بمهمةٍ وأولوية وطنية عليا، هي إعادة الوحدة للوطن والمؤسسات".

وفيما يلي تصريحات الحمد الله التي نشرها عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك):

إن هذا الخطاب هوَ الأخير الذي أخاطبكم فيه كرئيس وزراء دولة فلسطين. لقد منحني فخامة الرئيس محمود عباس، الفرصة والشرف قبل خمس أعوام لخدمة أبناء شعبي، ولأترأس حكومة الوفاق الوطني التي أسست لتضطلعَ بمهمةٍ وأولوية وطنية عليا، هي إعادة الوحدة للوطن والمؤسسات، وهي المهمة التي واجهت، بكل أسف، ظروفاً فارقة شديدة التعقيد.

على الأرض عملت حكومتي في ظل أعتى الصعاب، وفي خضم حصارٍ مالي وسياسي، وعدوان إسرائيلي سافر على الأرض والشعب والمقدسات، وفي سياق حرب ممنهجة لفصل القدس وعزلها عن محيطها وانتزاع هويتها العربية والإسلاميةِ، وإحكامِ الخناق حول قطاع غزة، لسلب مشروعنا الوطني مقومات قوته وصموده، وتقويض أية فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطين المستقلة والمتواصلة جغرافياً على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.

لقد أسسنا للعمل الحكومي أن يكون مقاوماً وأن يتحدى الصعاب والمعيقات، ليواصل مسيرة التحرر والبناء الديمقراطي التي بدأها رواد العمل الوطني وعلى رأسهم الزعيم الراحل ياسر عرفات ورفيق دربه فخامة الأخ الرئيس محمود عباس. ولهذا انصب عملنا، طوال هذه السنوات، وفي إطار أجندة السياسات الوطنية التي ترتكز على المواطن أولاً، على تطوير المؤسسات والخدمات بالمراكمة على ما تم تحقيقه في السنوات الماضية في ظل الحكومات السابقة، لتعزيز الصمود الفلسطيني في كل شبر من أرضِنا، ومتابعة مسيرة الإصلاح والمأسسةِ والتنمية، فنفذنا المئات من المشاريع التنموية والتطويريةِ في كُلِ القطاعات، ووصلنا بخدماتنا إلى المخيم والقرية والمدينة، وإلى خلف جدار الفصل العنصري، ونجحنا في تكريس الأمن والاستقرار وبسط سيادة القانون ومكافحة الفوضى والفلتان والجريمة، وعملنا على استنهاض الاقتصاد الوطني بدعم المنتجات الوطنية وتعزيز قدراتها الانتاجية والتنافسية وإقامة المدن والمناطق الصناعية للدفع بعجلة التشغيل والنمو. واعتز كثيراً بأننا أنجرنا انتخابات مجالس وهيئات الحكم المحليّ، وفي الغرف الصناعية والتجارية، لتعزيز ممارسة الديمقراطية وإحداث التغييرِ وتعزيز الشراكة في بناء مؤسساتٍ قويةٍ قادرةٍ على تلبية احتياجات وتطلعات أبناء شعبنا. كل هذا ساهم في انتزاع ثقة المواطن بمؤسسات دولته، ومهّد لاعتراف الكثير من دول العالم ومنظماتها المختصة بقدرة هذه المؤسسات على رعاية مصالح شعبنا.

ولأن هذه الحكومة هي حكومة الكل الفلسطيني وحكومة الوحدة والوفاق، فقد قدمت قبل حوالي شهرين استقالتها ووضعتها تحت تصرف فخامة الرئيس، لإفساح المجال أمام حكومة وطنية جديدة تتحمل أعباء المرحلة القادمة، وتراكم على العمل المؤسسي الذي اضطلعنا به خلال الفترة الماضية.

أخواتي وإخوتي، أشعر بعظيم الامتنان لكل الذين ساندوا عملنا الحكوميّ، كما وأشكر كل من حاول انتقاد وتصويب مسيرة هذه الحكومة لما فيه صالح ومصلحة بلادنا وشعبها. ما كان لهذه الحكومة أن تصل لتحقيق أهدافها لولا التفاف وثقة كل مواطن فيكم. أشكر أخواتي واخوتي، وزراء حكومة الوفاق، وطاقم العمل في رئاسة الوزراء. كلي أمل بأن تتمكن الحكومة المقبلة برئيسها وأعضائها من النجاح في مهام عملهم نحو المزيد من صون مشروعنا الوطني وتعزيز القدرة على مجابهة التحديات بل وتذليلها أيضاً. فالوصول إلى أهدافنا الوطنية المنشودة في الوحدة والحرية وإقامة الدولة، يتطلب المزيد من الجهد والإخلاص والمثابرة والاصطفاف خلف الأخ الرئيس لحماية الوطن وهويته وتاريخه.

أشكر كل السواعد والخبرات والعقول التي ساعدتنا على العمل والانجاز. رهاننا الأول سيبقى دائماً على شعبنا، وعلى صموده وإصرارهِ العنيد لنيل حريته وإعمال حقوقه وصون مشروعه الوطني. مهما اختلفت المسميات والظروف كلنا جنود في خدمة الوطن وبنائه وصنع مستقبل الأجيال القادمة.