الشريعة الإسلامية: سهلة ميسرة لا إصْر فيها ولا أغلال

الشريعة الإسلامية: سهلة ميسرة لا إصْر فيها ولا أغلال
حجم الخط

القدس - وكالة خبر

السلام عليكم ورحمة الله انا شاب اعاني من سلس البول اتطهر جيدا ولكني اتفاجئ بقطرات تنزل بعد ذلك دون ارادة مني فاغسل ثيابي وموضع النجاسة واتطهر من جديد حتى ارقني ذلك المشكلة ان والدِّي لا يصدقونني ويضنون بي سوءاً ويحسبون اني استمني وما الا ذلك حاولت الشرح لهم مراراً وتكراراً ولا فائدة حتى انهم باتوا يوبخونني امام اخوتي والناس ويحرجوني ويراقبون تطهري دائما ويقطعون الماء عني احياناً ويحاسبوني على استخدامه رغم ترشيدي لذلك سمعت لفتوة لاحد الشيوخ ان اضع منديلا وازيله وقت الصلاة حتى لاتتنجس الثياب فباتوا يعيروني اني كالنساء بدورتهن ضقت ذرعاً بهذه المذلة والاذى وكل هذا في سبيل الصلاة حتى اني فكرت بتركها فماذا افعل وصلت لحالة اتنجس بالسلس ولا استطيع التطهر بسببهم ويمر وقت الصلاة افتونا مأجورين

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فمن المعلوم بالضرورة أن الشريعةُ الإسلامية مَبنيَّة على التيسير ورفع الحرج والضيق، فما أوجب الله ما يضيق؛ ولا حرم ما يضيق؛ كما قال تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6]، فالحرج هو الضيق، وضده السعة، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78]، فإن هذا النفي العام ينفي كل ما يسمى حرجًا، وقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 26-28].  وأيضًا فإن الله وصف رسوله في القرآن الكريم بأنه يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر، ويحل كل طيب ويحرم كل خبيث، ويضع الآصار والأغلال التي كانت على من قبله، ومن وصفه أن دينه سهل سمح ميسر، لا إصْر فيه، ولا أغلال، ولا مشقات، ولا تكاليف ثقال؛ قال الله تعالى: {لَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]، قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 156]. إذا ظَهَر لك هذا فلا يجوز لمسلم يعرف دينه أن تشق عليه التكاليف الشرعية حتى يفكر في ترك الصلاة! كيف والأمر إذا ضاق اتسع والمشقة تجلب التيسير، فيجب عليك بعد البَولِ الاستنجاء بالماء، أو غيره على حسب الأرفق بك، ثم تضع قطعةً مِن القماش أو منديلًا، أو نحو ذلك، لتَتَحَفَّظ بها من البول؛ كي لا تتلوثَ ملابسك بالبول، فإن كان السلَسُ الذي عندك ينقطع بعد مدة محددة؛ فيجب عليك أن تنتظرَ هذه المدة ثم تتوضأ، وتَنْزِع ذلك المنديل أو الحفاظة. وأما إذا كان السلَسُ مستمرًّا ولا يضبط بوقت، فلا يلزَمُك الانتظار، وإنما تتوضأ وتصلي وتتحفظ من البول. وقد نصّ على ما ذكرناه أئمة الإسلام ومحققوه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/ 107): "وأمَّا مَن به سلس البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا ينقطع - فهذا يتخذ حفاظًا يمنعه، فإن كان البولُ ينقطع مقدارَ ما يَتَطهَّر ويُصلي وإلا صلى، وإن جرى البول - كالمستحاضة - تتوضأ لكل صلاة". وقال أيضًا في مجموع الفتاوى (21/ 221): "فمَن لَم يُمكِنْهُ حِفْظُ الطهارة مقدارَ الصلاة، فإنه يَتَوَضَّأ ويُصلي، ولا يَضُرُّه ما خرج منه في الصلاة، ولا ينتقض وضوءُه بذلك باتفاق الأئمة، وأكثر ما عليه أن يتوضَّأ لكل صلاة". اهـ. وبين لأسرتك هذا الحكم برفق ولين، فالظاهر أنهم يجهلونه،، والله أعلم.