تحدثت صحيفة عبريّة، عن سبب تأجيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط الشهيرة بـ "صفقة القرن " إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة الشهر المقبل.
ونقلت صحيفة معاريف معاريف عن مصادر سياسيّةٍ وصفتها بأنّها واسعة الاطلاع في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب قولها إنّ ترامب قرّرّ تأجيل نشر صفقة القرن لكي لا يؤثّر سلبًا على حظوظ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو في الانتخابات وتشكيل الحكومة القادِمة في كيان الاحتلال، لعلمه بأنّ الخطّة على الرغم من انحيازها التّام لدولة الاحتلال الإسرائيليّ، إلّا أنّها تُعتبر"إشكاليّةً" بالنسبة لليمين، الذي قد يستغلّها للهجوم على نتنياهو وتعريته واتهامّه بأنّه لا ينتمي إلى اليمين الصهيونيّ الحقيقيّ، على حدّ تعبير المصادر في تل أبيب.
وأضافت المصادر، أنّه إذا قام نتنياهو بتشكيل الحكومة القادِمة مرّةً أخرى، فإنّه سيقِف أمام تحدٍّ غير بسيط: أيْ صفقة القرن لإدارة الرئيس الأمريكيّ ترامب، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الحديث يدور عن خطّةٍ إشكاليّةٍ من ناحية رئيس الوزراء نتنياهو.
وتابعت أنّه "لو كانت الخطّة قد عُرِضت قبل الانتخابات، في الوقت الذي يرتدي فيه نتنياهو عباءة زعيم اليمين، لكان وقفت أمامه كتلة اليمين بنفسها ـ نفتالي بينيت، آييلت شكيد وافيغدور ليبرمان، وهؤلاء لا يكفون عن الادعاء بأنّهم اليمين الحقيقي، وأنّ نتنياهو يتباهى بريش ليس له، على حدّ وصفها.
يشار إلى أنّ نتنياهو سيلتقي ترامب في واشنطن في الـ"24" من شهر آذار (مارس) الجاري، وبالإضافة إلى ذلك، سيُلقي خطابًا في المؤتمر السنويّ لمنظمة (إيباك) الصهيونيّة، الأكثر تأثيرًا لدعم إسرائيل في الولايات المُتحدّة.
وأكدت المصادر أيضًا في معرِض حديثها على أنّه ليس صدفةً أنّ الرئيس الأمريكيّ قام بتأجيل عرض الخطّة إلى ما بعد الانتخابات العامّة في إسرائيل، والتي ستجري في التاسع من شهر نيسان (أبريل) القريب، فهو أيْ ترامب، يعرف أنّ من شأنها أنْ تؤدّي إلى توريط نتنياهو، وأنْ تُشكّل عائقًا في طريقه لإعادة "احتلال" منصب رئاسة الوزراء في كيان الاحتلال.
وبيّنت المصادر للصحيفة العبريّة، أنّه من التسريبات المتعلّقة بالخطة، يتبيّن أنّ الدولة الفلسطينيّة التي ستقوم ستقع على نحو "90" في المائة من أراضي يهودا والسامرة، وهو الاسم التلموديّ للضفّة الغربيّة المُحتلّة، والبؤر الاستيطانيّة غير القانونية ستُخلى، والأماكن المقدسة في القدس، وإنْ ستكون تحت السيادة الإسرائيليّة، ولكن بإدارةٍ مُشتركةٍ مع الفلسطينيين والأردنيين.
كما ستقوم الخطة أيضًا على أساس تبادل الأراضي، ما يسمح بضمّ الكتل الاستيطانيّة في معاليه ادوميم، وغوش عصيون، واريئيل، بحسب تعبيرها.
واعتبرت المصادر ذاتها، كما أكّدت "معاريف" العبريّة، أنّ المشكلة الأكبر في الخطة من ناحية نتنياهو واليمين ستكون المواجهة مع تقسيم القدس، مُضيفةً إنّه وفقًا لما يلوح في الأفق، فإنّ عاصمة إسرائيل ستكون في غرب المدينة وعاصمة الدولة الفلسطينيّة التي ستقوم في شرقها، مؤكّدة أنّه صحيح أنّ هذه رؤية متكررة، ولكن من الصعب أنْ نرى الجناح اليمينيّ في الخريطة السياسية يقبل هذا التقسيم، قالت المصادر الرفيعة في تل أبيب.
ولفتت المصادر إلى أنّه على مدى السنتين الأخيرتين "عرفنا أنّ الرئيس الأمريكيّ ترامب مُصمّمٌ على أنْ يفي بكلمته وينفذ وعوده، مثلما في حالة نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس، حتى وإنْ لم يدُر الحديث عن خطواتٍ ناجحةٍ أوْ مُبررّةٍ، ما يعني أنّه سيكون من الصعب أنْ تنتزع منه مساومات وتنازلات.
وشدّدّت المصادر على أنّه في كلّ الأحوال، ستكون محاولةً لأنْ يربط بتنفيذ الخطة مصر، والأردن، والسعودية ودول الخليج، التي لكلّ واحدةٍ منها تأثير على الفلسطينيين، كما أكّدت.
وقالت المصادر أيضًا، كما ذكرت الصحيفة العبريّة، إنّ ترامب مقتنع بأنّ هذه الخطة هي السبيل الأصّح والأفضل للوصول إلى حلٍّ وإنهاء هذا النزاع الطويل والمُضني بين إسرائيل والفلسطينيين مرّةً واحدةً وإلى الأبد، كما ينبغي الافتراض بأنّه معني أيضًا بأنْ يُسجَّل في كتب التاريخ، نجح في ما فشل فيه كثيرون وطيبون قبله في البيت الأبيض.
أمّا نتنياهو، قالت المصادر فإنّه بالطبع، يعرف السيناريو الذي سيُعلن بعد الانتخابات، يعرف أنّه ستكون له مشكلة مع ناخبي اليمين، ممّن لن يكونوا جميعًا مستعدين لأنْ يقبلوا مبادئ الخطة، مُضيفةً أنّه من المُحتمل أنْ يأخذ نتنياهو بالحسبان أنّه في مثل هذه الحالة سيأتي الخلاص إليه من كتلة الوسط ـ اليسارفهؤلاء، كما يمكن التخمين سيؤيدون التسوية الدائمة التي ستحظى أيضًا بدعمٍ من الدول العربيّة المُعتدِلة والدول الأوروبيّة.
وخلُصت المصادر إلى القول إنّ بني غانتس ويائير لبيد، زعيما حزب (أزرق-أبيض)، وآفي غباي، زعيم حزب العمل، وتمار زندبرغ، زعيمة حزب ميريتس الـ"يساريّ"، سيؤيدون، كما ينبغي الافتراض، خطة ترامب وسيُعطّلون معارضة اليمين، وهكذا سيجعلون هذه الخطة صفقة القرن لنتنياهو، كما أكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب.