عبّر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني، عن قله إزاء ما وصفها بالانتهاكات الخطيرة والمركبة المقترفة من قبل رجال الأمن بمساندة عناصر مدنية بحق المواطنين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلال الأيام الماضية في قطاع غزّة.
ودعا المجلس في بيان وصل وكالة "خبر" اليوم الأحد، إلى فتح تحقيقات جزائية جدية في الانتهاكات وإنصاف ضحاياها، مُطالباً "سلطة الأمر الواقع في غزّة بحماية المواطنين المجتمعين سلمياً واحترام حقهم الأصيل في التجمع سلمياً والتعبير عن آرائهم، واحترام عمل المدافعين عن حقوق الإنسان والعمل الصحفي".
وبيّن أنّه بمتابعة منظمات المجلس الأعضاء، فإنّ قوى الأمن شرعت منذ تاريخ 10/03/2019، باعتقال حوالي عشرة مواطنين من منزل المواطن جهاد سالم العرابيد، في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، واستدعاء مواطنين آخرين لمراجعة الأجهزة الأمنية، إثر إطلاق مجموعة من الناشطين وسوم: (# يلا_نعمرها، #الترانس_ يجمعنا، #يسقط_الغلاء) على مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع يوم الخميس الموافق 14/03/2019 في مفترق الترانس، في جباليا، احتجاجاً على الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها قطاع غزّة.
وأكّد على أنّ اقتحام منزل العرابيد واعتقال المواطنين شكّل انتهاكاً للقانون، حيث جرى اقتحامه دون مذكرة صادرة عن النائب العام لتفتيش المنزل، أو أوامر إحضار بحق المواطنين، كما تعرض المحتجزون للمعاملة السيئة والحاطة بالكرامة، وتعرضَ أحدهم للضرب بأسلوب "الفلكة"، وفق البيان.
وأضاف: "في ساعات بعد ظهر يوم الخميس الماضي الموافق 14/03/2019، استخدمت عناصر الأمن، يساندها مدنيون في زي موحد، القوة المفرطة في فض تجمعات شارك فيها مئات المواطنين في مخيم جباليا، مخيم دير البلح، مخيم البريج، ومدينة رفح، احتجاجاً على تردي الظروف الاقتصادية في القطاع".
وأشار إلى أنّ المواطنين تعرضوا للاعتداء بالضرب بواسطة عصي خشبية "هراوات" وأخرى حديدية، والرش بغاز الفلفل، والاعتقال، ومصادرة الأجهزة النقالة، حيث كان من بينهم عدد من الصحفيين، في محاولة لعدم توثيق تلك الانتهاكات.
وأوضح البيان، أنّه في اليوم التالي الموافق 15/03/2019، عاودت قوى الأمن ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق المواطنين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان على نفس الخلفية، في مناطق متفرقة بقطاع غزّة، بما فيها الاعتداء بالضرب والاعتقال، وإطلاق النار في الهواء، ومداهمة منازل المواطنين دون وضع أدنى اعتبار لحرمتها، وإطلاق النار في الهواء من قبل عناصر حركة حماس كانوا بزي مدني لتفريق المجتمعين، وفق ما وصل وكالة "خبر".
وأشار إلى أنّ مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة جميل سرحان، ومسؤول وحدة الشكاوى في الهيئة بكر التركماني، تعرضا للضرب المبرح، ومصادرة هاتفيهما، رغم إعلانهما هويتهما، رُغم أنهما في زيارة لمنزل الصحفي أسامة الكحلوت، بمخيم دير البلح، لتوثيق الانتهاكات ميدانياً عندما اقتحمت عناصر أمنية المنزل وشرعت بالاعتداء بالضرب المبرح باستخدام العصي بعد السؤال عن هوياتهم، ما أدى إلى نقل سرحان للمستشفى بعد إصابته بجرح قطعي في الرأس تطلب قطبه، فيما أصيب التركماني بكدمات ورضوض في جميع أنحاء الجسد.
وشدّد البيان، على أنّ قمع المواطنين والاعتداء عليهم بالضرب خلال مشاركتهم في تجمعات سلمية، عقاباً لهم على إعمالهم لحقهم في التعبير عن الرأي والتجمع سلمياً يعتبر أحد أشكال التعذيب وفقاً لتعريف المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب، ورأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.
واعتبر أنّ الحق في حرية التجمع سلمياً والتعبير عن الرأي مكفول دستورياً، وبموجب قانون رقم 13 لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة، وإن الاعتداء على أي من حقوق وحريات المواطنين، بما فيها الحق في عدم التعرض للتعذيب والاكراه يشكل جريمة بموجب المادة (32) من القانون الأساسي لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل ملاحقة مقترفيها في أي وقت، حتى بعد انتفاء الصفة الرسمية عنهم، ولا يمكن التذرع بتنفيذ أوامر مسؤولين أعلى للإفلات من الملاحقة.
ولفت إلى أنّ زج المدنيين، منهم مسلحين، من عناصر حركة حماس لمساندة قوى الأمن من شأنه تهديد السلم الأهلي وانزلاق المجتمع نحو نزاعات أهلية وعائلية.
وأكّد على أنّ مداهمة البيوت، دون اعتبار لحرمتها، والاعتداء على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان يُشكل تطوراً خطيراً في نهج الانتهاكات المرتكبة من قبل قوى الأمن تستدعي محاسبة ومساءلة جدية، وإنصاف ضحاياها.
وقال: إنّ "سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة غير معفية من احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وحماية الحقوق والحريات الأساسية الواردة فيها، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، باعتبارها أصبحت عقوداً دولية شرعية وعرفية ملزمة لكافة السلطات".
ورأى أنّ حالة الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، وحالة الانقسام والخلاف السياسي لا تشكّل ذريعة أو مبرراً لتخوين المحتجين، أو انتهاك حقوقهم.
وطالب بالإفراج الفوري عن عشرات المواطنين المحتجزين لدى قوى الأمن، مُعرباً عن مخاوفه من تعرضهم للاعتداء بالضرب خلال احتجازهم.
ودعا إلى فتح تحقيقات جدية وفعالة في كافة الانتهاكات المقترفة من قبل قوى الأمن وعناصر حماس المدنيين المساندين لهم، وملاحقة مقترفيها، وتقديمهم للمحاكمة، بحسب البيان.
وفي ختام البيان، شدّد المجلس، على ضرورة توفير سلطة الأمر الواقع الحماية للمشاركين في التجمعات السلمية للتعبير عن آرائهم بحرية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزّة بفعل حصار دولة الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد.
يُشار إلى أنّ أجهزة الأمن في قطاع غزّة تفض تظاهرات سلمية تنطلق منذ الخميس الماضي، رفضاً لارتفاع الأسعار، وتدني المستوى المعيشي، وانعدام فرص العمل جراء استمرار الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 12 عاماً.