أصدر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي "أفيف كوخافي"، تعليماته بالاستعداد لشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، مرجّحًا أن تكون الصيف المقبل، بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية.
ووفقًا للمحلل العسكري للموقع العبري "رون بن يشاي"، فإنّه "ابتداءً من الصّيف المقبل، فإن التعامل سيتغيّر من حرب الاستنزاف في قطاع غزّة"، في إشارة إلى مسيرات العودة وإطلاق البالونات الحارقة تجاه بلدات "غلاف غزة".
وقال بن يشاي: إن "ثلاث سنوات ونصف السّنة من الهدوء الذي حقّقه عدوان الجرف الصامد انقضت قبل عام تمامًا، ومنذ ذلك الحين نجد أنفسنا متورّطين في حرب استنزاف غريبة بادرت إليها حماس ، وألقت إسرائيل بنفسها، عن وعي، في موضع ردّ الفعل، لا نتيجة قرار إستراتيجي، إنما بسبب فشل أو استبعاد طرق التعامل مع القطاع التي ناقشها المجلس الأمني والوزاري المصغّر في الحكومة الإسرائيليّة (الكابينيت)".
ثلاث خيارات لغزة
وكشفت الصحيفة أن "الكابينت" ناقش ثلاث خيارات للتعامل مع القطاع، هي: "شنّ عدوان واسع؛ التوصل إلى تهدئة؛ ومسار اقتصادي بديل عن الحرب".
وبحسب بن يشاي، فقد ناقش الكابينت شن عمليّة عسكريّة واسعة في قطاع غزّة، لكن العمليّة لم تنبئ بتحقيق تغيير أساسي نحو الأفضل (بالنسبة لإسرائيل)، إنما باستمرار الوضع القائم "بعد دفعنا أرواحًا وضررًا اقتصاديًا".
كما فشلت، خلال العام الأخير، بحسب بن يشاي، محاولات التوصّل لـ"تهدئة صغيرة" في قطاع غزّة، بوساطة مصريّة استنادًا إلى تفاهمات "الجرف الصامد"، بالإضافة إلى "مسار بديل، جريء غير عسكري، أوصى به الجيش الإسرائيلي، والأجهزة الأمنيّة ومعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب"، غير أن الكابينيت استبعد هذا الخيار.
وكان من المفترض أن يشمل هذا الخيار على مبادرة إسرائيليّة لمسار اقتصادي واسع لإعادة إعمار القطاع بمشاركة جهات عربيّة ودوليّة يوفّر للغزيين، "خلال مدّة قصيرة، فرصًا وجودة حياة لم يشهدوها منذ فترة طويلة".
وأكد على أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "رفض، وما زال يرفض، التعاون مع إسرائيل ومصر ومندوب الأمم المتحدة لتغيير الأوضاع في قطاع غزّة، لأنّه يريد إخضاع حماس لمطلباته، وإن لم تخضع حماس، فليحترق القطاع، بما فيه قيادات فتح التي تعيش في غزة، ولا زالت المخلصة له"، على حد تعبيره.
القذيفتان والوفد المصري
وأوضح الصحيفة أن إطلاق القذيفتين على تل أبيب، الخميس ما قبل الماضي، جاء أثناء اجتماع "إيجابي" لأعضاء الوفد المصري مع قيادات حماس، غير أن إطلاق القذيفتين أوقف الاجتماع وسبب مغادرة أعضاء الوفد المصري لقطاع غزّة الذي لم يعودوا إليه حتى الآن.
وتركّزت مفاوضات الوفد المصري على تهدئة من ثلاث مراحل، أولها تسهيلات اقتصاديّة فورية لسكان القطاع، تشمل زيادة قطر لمنحتها، وزيادة كميّة الوقود التي تدخل لمحطة توليد الطاقة، وفتح معبر رفح بشكل دائم وزيادة مساحة الصيد قبالة شواطئ قطاع غزّة إلى عشرين ميلًا، ومشاريع للعمل برعاية الأمم المتحدة وتمويل دولي.
وفيما يخص "مسيرات العودة"، إنّ "رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، "غير مستعد للتعهّد بوقف مسيرات العودة وإطلاق البالونات الحارقة، هو على الأكثر، مستعدّ، إن أتمّت إسرائيل ومصر وقطر والأمم المتحدة تعهداتها، بتحفيف وتيرة مسيرات العودة"، بحسب الصحيفة..
أما في المرحلة الثانية من التهدئة، وفق الصحيفة، "فكانت إسرائيل على استعداد لمدّ خط كهرباء بوتيرة دائمة لقطاع غزّة، على مدار اليوم... لكنّ عباس غير مستعد لدفع تكاليف خطّ الكهرباء والسنوار غير موافق على أن يكون ذلك في مقابل وقف إنتاج الصواريخ وحفر الأنفاق"،
في حين أن المرحلة الثالثة كان المقرر أن تشمل "بناء بنى تحتية واقتصاديّة واسعة، بما في ذلك ميناء بحري" في قطاع غزّة، في مقابل اختراق جدّي في ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزّة.
معاودة الخطط العسكريّة
كما كشفت أن الاحتلال حدّث خططه لحرب كبيرة في قطاع غزّة، "بشكل يضمن له تحقيق أهداف إستراتيجيّة طموحة أكثر بدون دفع ثمن لا يمكن تحمّله".
ووفق الصحيفة العبرية، سواءً فاز رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو أو رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس، بالانتخابات المقبلة، فإن الأجهزة الأمنيّة ستوصي بالتحرك سريعًا قدر الإمكان حسب الخطط العملياتية الجديدة بهدف إيقاف "حرب الاستنزاف ضدّنا من قطاع غزّة".
ويرجّح الجيش الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، أنه "عاجلًا أو آجلًا سيطرأ حدث ما سيؤدي إلى تصعيد في القطاع، سيضطر خلاله الجيش الإسرائيلي إلى خوض عملية برية عاجلة في القطاع لإيقاف إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، بسرعة، على البلدات الإسرائيليّة".
وقالت: إن "هنالك احتمال أن يقود حدث كهذا إلى مواجهة شماليّ البلاد، لذلك من المفضّل أن يحدث ذلك في توقيت مريح لإسرائيل، وبدل أن تنجرّ هي إلى حرب، عليها أن تبادر وتعمل بشكل حازم وسريع".
توقيت العدوان
وتوقعت الصحيفة ألا يتم اتخاذ قرار كهذا قبل تشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل، وقبل أن يعلن الرئيس الأميركي عن خطته لتسوية القضيّة الفلسطينيّة، المعروفة باسم "صفقة القرن"، بالإضافة إلى تأجيل القرار إلى فترة ما بعد الأعياد اليهودية، ما يعني أن القرار سيكون مرجّحًا الصيف المقبل.
أما الأحداث التي من المقرّر أن تؤدّي إلى تصعيد، فهي: تصعيد خطير على حدود قطاع غزّة بمبادرة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، غياب محمود عباس عن السلطة واشتعال معركة وراثته، أو اندلاع موجة "إرهاب" في الضفة الغربية أو انتفاضة من قبل الغزيين ضد حركة حماس". وفق الصحيفة.
يٌشار إلى أن الفلسطينين في قطاع غزة يستعدون للمشاركة في "مليونية العودة" يوم 30 مارس الجاري، في الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار، وبذكرى يوم الأرض.