معادلة الجولان ليست رجحة ميزان

22.PNG
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

الآن وبعد أن جاء الدور على الجولان السورية ليمنحها ترامب لإسرائيل، نتساءل: هل هذا كل شيء ؟ أم، ماذا بعد؟

لقد تعامل العرب مع القدس والضفة الغربية على أنها "فلسطينية" والوصاية على المقدسات "هاشمية"، ما شجع الرئيس الامريكي ان يسلخ الجولان ويمنحها لاسرائيل على اعتبارها "سورية"، وقال بوضوح في تغريدته: "آن الأوان" ، بمعنى أن القرار موجود في الأروقة وحتى منذ احتلالها، وربما ما قبل ذلك.

لم يكن هناك أية اشارة تسريبية أن للجولان أية علاقة بصفقة القرن، التسريبات كانت تتحدث عن سيناء وتبادل أراض مع مصر في النقب، وأن أمريكا ومعها حلفائها في الحرب على سوريا قد هزمت، فكيف اذن يستطيع المهزوم تقرير وقائع جديدة على الأرض بحيث يقتص من المنتصر جزءاً غالياً من أرضه فيمنحها لخصمه التاريخي (كان حافظ الأسد يقول عن الجولان إن العدو إذا كان ينظر إليها أنها مهمة لأمنه ، فنحن في سوريا ننظر اليها على أنها دمشق قلبنا النابض) .

لا يغرننا كل ما قيل عن القدس على لسان العرب إزاء اعتمادها كلها عاصمة موحدة لإسرائيل، مؤتمر إسلامي عقده أردوغان في اسطنبول اسمعت فيه الخطب التقليدية ، مؤتمر قمة عربي عادي عقد في السعودية اطلق عليه الملك سلمان مؤتمر القدس ، لكن بعد الاعلان وبعد نقل السفارة الامريكية من تل ابيب ، لم تقطع تركيا علاقاتها الديبلوماسية مع اسرائيل ، في حين استقبل نتنياهو سرا وعلنا في عواصم العرب ، ووقعت معاهدات عسكرية واقتصادية وامنية وثقافية مع دولته ، والآن "آن اوان" الجولان .

لنتخيل ان تقول دولة عربية وازنة واحدة لاسرائيل : كفى ، لقد طفح كيلكم ، او تسحب سفيرها وتطرد سفيرهم ، اوالقيام بالدعوة الى سحب اعتراف الدول بهذه الدويلة على اعتبار انها ليست هي نفسها التي اعترفت بها الامم المتحدة عام 1947 ، دون ذلك قسيستمر القضم وسيستمر التوسع وستستمر الهيمنة حتى يأتي رئيس امريكي آخر يقول "آن الاوان" ان نعترف بسيطرة اسرائيل على ما بين النيل والفرات .

في اسرائيل اليوم لا يوجد "اسرائيل شاحاك" واحد يحذرهم من ترامب وصحبه في البيت الابيض ، يفتح شهيتهم وشهوتهم على مصاريعها ، ففي كتابه النوعي "اليهود تحت وطأة ثلاثة الاف سنة" رأى ان يهود الشتات هم الذين من الممكن ان يساعدوا يهود البلاد التحرر من خطر الربط الديني بالمجتمعي وان الايديولوجية الصهيونية هي المسؤولة عن كل هذه الردة السلفية المدمرة ، الى درجة "اننا عندما نقارن عنصرية جنوب افريقيا بعنصرية اسرائيل ، فاننا نسيء لجنوب افريقيا" . لم يكن قد عاش ليرى كيف اصبحت اسرائيل ذات قومية واحدة ، تمنع التداول حتى باللغة العربية التي يتكلم بها اربعماية مليون انسان في الجوار والمحيط .