حـرب اليهود ضـد اليـهود !

صحافه
حجم الخط

-خبر-بقلم: البروفيسور تشيلو روزنبرغ
17 آب 2015



كتاب يوسفوس فلافيوس «تاريخ حرب اليهود ضد الرومان» أو باسمه الموجز، «حرب اليهود»، يصف بالتفصيل تاريخ أواخر «البيت الثاني»، خرابنا والمأساة الرهيبة التي شهدها الشعب اليهودي. في هذه الايام تدور في اسرائيل، «البيت اليهودي الثالث»، حرب اليهود ضد اليهود. التزمت، الكراهية، الفظاظة، الجنون، كل ما كان من نصيب اليهود في الفترة ذاتها أصبح من نصيب بعضنا هنا بعد 67 سنة من قيام الدولة. صدرتالاشارة، امتشقت السيوف، التعابير متطرفة اكثر من أي وقت. المجانين يتصدرون، وليس هناك من يمنعهم. العكس هو الصحيح: المزيد فالمزيد من الزيت يصب على الشعلة التي من شأنها ان تحرق كل شيء.
المقاتلون عميان، عديمو الفهم او الجاهزية لمنع الجنون. اليهود ضد اليهود. وفي الشرفات يجلس الزعماء ويقضون اوقات فراغهم بالتحريض والاطاحة. الخطاب هو خطاب فاشي، والتعابير لا تخجل عظماء مفكري الايديولوجيات الفظيعة. تريدون دما. تريدون ثأرا. كل فعل مباح من ناحيتهم من أجل تحقيق هدفهم الحقير.
هل يمكن لشخص عاقل أن يتصور انه في دولة اسرائيل، التي قامت بعد افظع الاحداث، الكارثة، يلبس اليهود زعماء الدولة البزات النازية؟ فهذا هو الجنون متجسدا. هذه بهيمية حقا. رئيس الدولة، رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيسة المحكمة العليا في بزات نازية! أعرف ان هذا يعود الى شخص واحد أو حفنة صغيرة، وتعابير تناسب القاموس الزراعي. كفى. مللناكم في تفسيراتكم المدحوضة هذه. الشبكات الاجتماعية تنهار تحت الهجمات الفاشية والتعابير المستمدة من كتاب «كفاحي». وحسب القانون من المحظور ان يترجم هذا الكتاب الدنس الى العبرية، ولكن هل اقتباس التعابير منه مسموح؟ ابداعات فاغنر من المحظور عزفها في اسرائيل، حقا، من اجل عدم المساس بمشاعر الناجين من الكارثة ممن لا يزالون يعيشون بيننا، ولكن إلباس زعماء اسرائيل البزات النازية وعرضهم في كل وسيط اعلامي، مسموح؟ حرية التعبير، حرية الابداع. كل شيء مسموح.
الهجوم على المحكمة العليا، ولا سيما بصفتها محكمة العدل العليا، في أعقاب قرارها بشأن قانون المتسللين كان متوقعا. هذا فصل آخر في حرب الابادة التي يشنها سياسيون واصحاب مصالح آخرون، تستهدف القضاء على هذه المؤسسة المزعجة لمن يهاجمها بشدة. محكمة العدل العليا عالقة في حلقهم فقط لانها تشكل سدا امام الطغيان غير مكبوح الجماح. 
وزيرة العدل، آييلت شكيد، تقود الحملة ضد محكمة العدل العليا. ونيتها هي تقزيم المحكمة من أجل تحريرها وتحرير رفاقها السياسيين كي يعملوا كل ما يروق لهم، دون قيود. 
لا توجد ديمقراطية في العالم يسمح فيها للسلطة التنفيذية أن تفعل كل شيء. 
اما وزيرة العدل ورفاقها – من حزبها وكذا من «الليكود» بادارة الوزيرة ريغف التي قالت: «سنعالج المحكمة من خلال انتخاب قضاة ومستشار قانوني لا يتبنون موقف الفاعلية القضائية»، ولفين – فيصرون على أنهم، وهم فقط، سيقررون ما هو الخير وما هو الشر، ما هو القانون وما هو غير القانون. من موسوليني وحتى كيم يونغ اون، كلهم ادعوا ولا يزالون يدعون بانهم يعملون باسم الشعب الذي انتخبهم.
حرب اليهود في ذروتها. والهوة قريبة. التاريخ يثبت بان القومية المتطرفة، المتبلة بالاصولية الدينية، تؤدي الى الدكتاتورية، الى الشمولية. 
أغلب الظن، معظم مواطني اسرائيل يريدون ذلك. الوجبة الرئيسة لا تزال أمامنا.

عن «معاريف»